تقديرًا واعترافًا بنضال خيرة رجال الجزائر، ووفاء لذاكرتهم النضالية وتاريخهم المجيد، أحيت جمعية مشعل الشهيد، اليوم الاربعاء، بجريدة المجاهد، وبالتعاون مع سفارة دولة فلسطين، الذكرى ال52 لاستشهاد محمد بودية، مجاهد الثورة الجزائرية، وشهيد القضية الفلسطينية.

شروق طالب 

تم افتتاح منتدى الذاكرة من قبل رئيس جمعية "مشعل الشهيد" محمد عباد، الذي وجّه رسالة إلى وزير الثقافة مفادها بأن يحمل المعهد العالي لتكوين ببرج كيفان اسم البطل محمد بودية، هذه الشخصية الفذة، في بطولاتها وأفكارها، التي شملت المشهد الثقافي والتحرري على المستوى الوطني والعربي.

من جانبه، أكد جهاد حسن ممثل عن سفارة دولة فلسطين، على دعم محمد بودية المناضل الاممي والفدائي المثقف، الذي شارك في الثورة الفلسطينية وكان له أثر كبير مع الاخوة في منظمة التحرير الفلسطينية في دعم الكفاح الوطني الفلسطيني، مضيفا أن أثر بودية مازال يحتفى به لأنه من المناضلين الذين يصعب أن نجد مثلهم، في جمعه بين الكفاح ودعم القضايا والمسرح والفن.

كما نوه بأن منظمة التحرير الفلسطينية وبالتحديد الاخوة في حركة فتح وجهاز السابع عشر، في عام 1985 نجحوا في الثأر للشهيد في عملية لارانكا في قبرص، حيث استهدفوا عميلة الموساد التي اغتالت البطل بودية ونتج عنها مقتل ثلاثة اسرائيليين، وردّت إسرائيل بغاراتها على مقر منظمة التحرير بتونس.

ومن الجانب الفني، قال الروائي والمترجم سليم عبادو  "في كل مرة أتحدث عن هذا الرمز يغمرني إحساس بالفخر وفي الوقت نفسه اشعر بالتقصير في حق محمد بودية، لأنه لايعتبر فقط قامة وطنية بل عربية وعالمية".

مضيفا بأنه بالعودة الى الثورة التحريرية نجد انها ليست جزائرية فقط بل عابرة للقارات، لأنها أعطت معاني عالمية وإنسانية، كانت سببا في نشر الفكر التحريري لدى البلدان المستعمرة، وفي زخم هذا الفكر التحريري جاء هذا التقاطع ليجمع بين رواد الثورة الجزائرية ورواد النضال في فلسطين، وذلك في القاهرة ضمن حركة القوميين العرب، ليصبح بعدها النضال موحد في الفكر.

وفي خضم هذا المشهد الفكري التحرري الذي جمع بين الجزائر وفلسطين برزت شخصية محمد بودية، الذي بدأ مسيرته من الجزائر لينتقل بعد ذلك للمشاركة في نضال جديد متصل بمبادئ الثورة الجزائرية، ألا وهو الدفاع عن القضية الأم "القضية الفلسطينية" هذا من جهة، ومن جهة أخرى كان لبودية المثقف أعمال فنية ومسرحية وكتابات تعكس رؤيته الاستشرافية، كتلك التي جاءت في كتابه "الحذاء" باللغة الفرنسية، وكانت من بين أعظم ما نشرته جريدة المجاهد.

وأشار عبادو بأنه يوجد العديد من الشخصيات الثورية التي مزجت بين الكفاح والثقافة، إلا أن ما ميز بودية هو كتاباته التي تعكس وعي وثقافة رجل عاش أكثر من ثمانين سنة متمرس بين الكتابة والاطلاع، الا ان كل هذه الإنجازات الفكرية والسياسية انجزها في عمر لا يتعدى 41 سنة.

ومن جانبه أوضح اسعد عمر قادري رئيس جمعية الاخوة والصداقة الفلسطينية الجزائرية اليوم نحي ذكرى شهيد الثورة الفلسطينية ومجاهد الثورة الجزائرية، الذي يعد أيقونة النضال المشترك بين البلدين وواحد من الذين دفعوا حياتهم في سبيل نصرة فلسطين.

كما أشار بانه اكمل مسيرة جده سيدي بومدين شعيب الغوث الولي الصالح، الذي قاد جمعا من الجزائريين والمغاربة والافريقيين مع صلاح الدين الأيوبي من أجل تحرير القدس الشريف، منوها بأن الوقف الإسلامي "حي المغاربة" هو باسم جد محمد بودية، الذي يمثل ذكرى لنكمل المسيرة خاصة في ظل الإبادة الممنهجة ضد أهلنا في فلسطين، والتي ستنال النصر يوما ما.

كما ذكر مراد بودية ابن المجاهد والشهيد محمد بودية بان نضال والده في الثورة التحريرية هو ما عرضه للسجن في فرنسا، وبعد الاستقلال أصبح مدير للمسرح وكذا مدير لجريدة "الجزائر هذا المساء" "Alger‑Ce soir", فضلا عن مساهمته في إطلاق جريدة نوفمبر، وبعد حدوث الإنقلاب في عام 1965، رحل بودية إلى فرنسا حيث واصل نشاطه المسرحي هناك رفقة أصدقاء الثورة الجزائرية.

وأضاف بانه في هذه الفترة انخرط  في النضال من أجل القضية الفلسطينية، وذلك بعد التقاءه مع الوزير السابق بشير بومعزة ووادي حداد الفلسطيني، لينجز بعدها عدة عمليات ضد الكيان الصهيوني، ولعل من اشهرها عملية ميونيخ التي استهدفت البعثة الإسرائيلية في الألعاب الأولمبية عام 1972، وقد شكّلت هذه العملية نقطة تحول خطيرة، دفعت بالموساد الإسرائيلي إلى تتبعه، لتُنهي مسيرته النضالية عبر تفجير عبوة ناسفة زرعت في سيارته بباريس، وذلك بتاريخ 28 جوان 1973.