في خطوة تعكس التزام الدولة بتحقيق الأمن الغذائي وترجمة عملية لتعليمات رئيس الجمهورية، دشن محمد بن مالك والي  باتنة، اليوم، أول مخزن استراتيجي للحبوب ببلدية الجزار، ضمن برنامج وطني يرمي إلى توسيع القدرات التخزينية وتدعيم البنية التحتية الفلاحية، خصوصاً في مناطق الإنتاج الزراعي الكبرى.

ضياء الدين سعداوي

ويُعد هذا المخزن، الذي دخل الخدمة الفعلية فور تدشينه، الأول من بين خمسة مخازن جديدة مبرمجة على مستوى الولاية، ويأتي إنجازه في توقيت دقيق يتزامن مع انطلاق موسم الحصاد والدرس، ما يعزز من فعاليته في الاستجابة الفورية لحاجيات الفلاحين ومؤسسات الدعم الفلاحي.

سعة تخزينية بـ50 ألف قنطار… وبدء استقبال المحاصيل

المخزن الجديد، الذي شُيّد ببلدية الجزار الواقعة في الجنوب الشرقي للولاية، يتمتع بسعة تخزينية تبلغ 50 ألف قنطار، وقد شرع بالفعل في استقبال أولى كميات محصول الحبوب القادمة من الولاية المنتدبة بريكة، التي تعرف نشاطاً مكثفاً في حملة الحصاد والدرس لهذا الموسم. وهو ما يؤكد الجاهزية التقنية واللوجستية لهذا المشروع الذي أُنجز في الآجال المحددة ووفقاً للمعايير المعتمدة وطنياً.

وفي تصريح صحفي على هامش التدشين، أوضح  الوالي أن هذا المشروع يُعد ركيزة أساسية في دعم سلسلة الإنتاج الزراعي، ويمثل نموذجاً ناجحاً لتكامل الجهود المركزية والمحلية في ترجمة الرؤية الوطنية للأمن الغذائي إلى واقع ملموس.

 

 

بريكة تستفيد بثلاثة مخازن… والسعة تقفز من 20 ألفاً إلى 170 ألف قنطار
وأشار بن مالك إلى أن الولاية المنتدبة بريكة، التي تُعد من أكبر أقاليم إنتاج الحبوب في ولاية باتنة، كانت تعاني من محدودية في السعة التخزينية لا تتجاوز 20 ألف قنطار، ومع استلام ثلاثة مخازن جديدة موزعة بين بلديات الجزار، سقانة وبريكة، سترتفع هذه السعة إلى 170 ألف قنطار، مما سيخفف الضغط عن الفلاحين ويقلص من حجم الإحتياجات التخزينية نتيجة غياب أماكن التخزين الكافية في السابق.


هذا التوسع في القدرات التخزينية سيساهم في تسهيل العمليات اللوجستية خلال مواسم الحصاد، ويُمكن الهيئات المكلفة بجمع المحاصيل من التحرك بسرعة وفعالية أكبر، دون الحاجة إلى نقل المحاصيل لمسافات بعيدة بحثاً عن أماكن تخزين.

مخزنان جديدان في الطريق… لتغطية المنطقة الشمالية
وفي سياق متصل، كشف والي باتنة عن قرب استلام مخزنين إضافيين قبل نهاية شهر جوان الجاري، الأول في بلدية عيون العصافير والثاني في بلدية أولاد سلام، وهما مرفقان سيُخصصان لتخزين محاصيل المنطقة الشمالية من الولاية، مما يعكس شمولية هذا البرنامج في تغطية مختلف الجهات الفلاحية ضمن خارطة الولاية.

وأوضح المسؤول التنفيذي الأول أن هذه المشاريع تندرج ضمن منظور متكامل لتوزيع المخازن الاستراتيجية حسب الكثافة الزراعية، لتكون قريبة من مناطق الإنتاج وتخدم مباشرة احتياجات الفلاحين، مع ضمان احترام معايير الجودة والسلامة في تخزين الحبوب.

قفزة نوعية.. باتنة ترفع قدرتها التخزينية إلى 2.2 مليون قنطار
وأكد السيد الوالي أن الإنجازات الجارية، إلى جانب مشروع صومعة التخزين الكبرى التي تُشيّد بسعة مليون قنطار، سترفع القدرة الإجمالية لتخزين الحبوب في ولاية باتنة من 940 ألف قنطار إلى 2.2 مليون قنطار، أي أكثر من الضعف، وهو ما يمثل تحولاً نوعياً في مقاربة تسيير المحاصيل الزراعية على مستوى الولاية.

وأضاف أن هذه الزيادة الكبيرة في القدرة التخزينية لا تواكب فقط النمو المتوقع في الإنتاج الفلاحي، بل تندرج في إطار التحضير الاستباقي لأي تحديات قد تواجه سلسلة الإمدادات الغذائية، لا سيما في ظل الظروف المناخية المتغيرة والتقلبات الدولية في أسعار الحبوب.

تحقيق الاكتفاء الذاتي… هدف يتحقق خطوة بخطوة

وختم والي باتنة تصريحه بتأكيد رضاه التام عن نوعية الإنجاز، سواء من حيث البنية التقنية أو من حيث سرعة التنفيذ والاستغلال الفوري، مشدداً على أن هذه المشاريع تمثل خطوة عملية نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز السيادة الغذائية، وهو الهدف الأسمى الذي تسعى الجزائر إلى تحقيقه ضمن رؤيتها الاستراتيجية لتقليص التبعية وتقوية الاقتصاد الوطني.

وفي ظل هذه الديناميكية الجديدة التي تعرفها ولاية باتنة، يبدو أن القطاع الفلاحي بدأ يدخل مرحلة أكثر استقراراً ، بفضل مشاريع البنية التحتية التي توفّر بيئة مواتية للمنتجين، وتقلّص من الخسائر وتفتح آفاقاً أوسع لتسويق المنتوج الوطني.