338
0
طرقات باتنة بين مطر الشتاء وحفر الموت...

مآسي متتالية في الولاية المنتدبة بريكة تفتح ملف البنية التحتية من جديد، حيث لم تعد الأمطار التي تتساقط على ولاية باتنة مجرد ظاهرة مناخية موسمية، بل أصبحت كاشفة عن فشل ذريع في تسيير ملف البنية التحتية، خصوصًا في عاصمة الولاية المنتدبة بريكة، التي تحولت خلال الأيام الأخيرة إلى مسرح لحوادث مأساوية، جراء الحفر والانهيارات الأرضية التي باتت تبتلع المارة وراكبي الدراجات على حد سواء.
ضياء الدين سعداوي
وفيما لم تجف بعد دموع الحادثة المفجعة التي أودت بحياة رجل أربعيني بشارع طريق بسكرة وسط مدينة بريكة، جاء حادث جديد ليؤكد أن الخطر لا يزال قائمًا، وأن الأرواح ما زالت على المحك.
حادث جديد في حي أولاد سالم والخطر مستمر حيث سقط ليلة ليلة أمس الأحد شاب في مقتبل العمر على متن دراجة نارية داخل حفرة جديدة بحي أولاد سالم ببريكة، ناتجة عن انهيار أرضي تسبب فيه تواصل تساقط الأمطار.
الحفرة، وفق شهادات من عين المكان، كانت بلا أي إشارة تنبيهية، وسط ظلام دامس بفعل غياب الإنارة العمومية.
وتم نقل المصاب في حالة خطرة إلى مستشفى سليمان عميرات المحلي، وسط صدمة السكان الذين شاهدوا الحادثة تتكرر للمرة الثالثة خلال أيام.
وقعت هذه الحادثة الجديدة بعد ثلاث أيام فقط من فاجعة مماثلة راح ضحيتها رجل أربعيني في شارع "طريق بسكرة"، حين سقط بدراجته داخل حفرة عميقة تبلغ أربعة أمتار، كانت جزءًا من ورشة لتجديد قنوات الصرف الصحي، دون أن تُؤمن بالشكل الكافي.
فقط لوحة يتيمة وُضعت على بعد أربعة أمتار من الخطر، في منطقة تفتقد للإنارة العمومية،كتب عليها بالفرنسية "ورشة- الديون الوطني للتطهير " لتكون النتيجة مأساوية.
وكان الديوان الوطني للتطهير في وقت سابق قد صرح للموقع الإخباري " بركة نيوز "ردا على ظروف وقوع الحادثة بأن الورشة "تحترم دفتر الشروط و تلتزم بكل ما جاء فيه من إجراءات السلامة و حماية المارة و مستعملي الطريق على حد سواء".
إلا أن الواقع الميداني، والحوادث المتكررة، تثبت أن شروط السلامة إما غائبة أو غير مطبقة على الأرض، ما يضع المؤسسات المعنية في قلب المساءلة.
الحوادث الثلاث المتتالية التي شهدتها مدينة بريكة خلال أقل من أسبوع، فجرت موجة من الغضب الشعبي، حيث عبّر السكان عن استيائهم العميق من حالة "الفوضى الميدانية" التي تعيشها المدينة، وتدهور الطرقات، وغياب الرقابة الجدية على الأشغال الجارية.
مطالبات عديدة دعت إلى فتح تحقيق معمق وفوري لتحديد المسؤوليات، ومحاسبة الجهات التي تسببت بالإهمال، خاصة في ما يتعلق بتأمين الورشات المفتوحة أو الحفر الكبيرة المنتشرة عبر الشوارع وإضاءة الشوارع. المشهد في بريكة ليس استثناءً، بل هو جزء من صورة أكبر تعكس الوضعية المتدهورة للطرقات في ولاية باتنة عمومًا، حيث الحفر والمطبات والمياه الراكدة أصبحت معالم يومية.
ومع كل تساقط للأمطار، تتجدد المعاناة، وتتعمق التشققات، وتتضاعف الأخطار، خاصة بالقرب من المدارس والمرافق العمومية.
ورغم حديث السلطات المحلية عن "برامج ترميم تدريجية"، فإن ما يحدث على الأرض يطرح تساؤلات جدية حول سرعة التنفيذ، وجودة الأشغال، ومدى احترامها للمعايير التقنية وشروط السلامة.
ثلاث حوادث خطيرة في أقل من أسبوع، إحداها مميتة، وأخرى حرجة، والرسالة واحدة: ما يحدث في بريكة ليس صدفة، بل نتيجة تراكمات طويلة من الإهمال والتقصير وسوء التسيير.
فهل تتحرك السلطات المحلية والجهات الوصية لوضع حد لهذا النزيف؟ أم أن الحفر ستبقى تبتلع مزيدًا من الأرواح، في غياب الإنارة، والتحذير، والضمير؟ الشارع ينتظر، والوقت لا يرحم.