شهدت ولاية توقرت، تحت رعاية والي الولاية، تنظيم الملتقى الوطني حول “التطوع وتنمية المسؤولية الاجتماعية نحو ولاية نموذجية”، من طرف بلدية النزالة بالتنسيق مع الشبكة التشاركية الجمعوية للتنمية المحلية، والاتحاد الوطني للصحفيين والإعلاميين الجزائريين – مكتب توقرت، والغرفة الفلاحية. وقد امتدت فعاليات هذا الحدث الوطني من 04 إلى 06 ديسمبر 2025، بمشاركة أساتذة وخبراء وفاعلين جمعويين، إلى جانب حضور كبير من الشباب والطلبة وممثلي المجتمع المدني، في صورة عكست اهتماماً متزايداً بترقية ثقافة التطوع وإعلاء قيم المواطنة الفاعلة.

استُهلت فعاليات الملتقى بيوم كامل من الورشات التكوينية التي حملت طابعاً تطبيقياً عميقاً، حيث توافد المشاركون بأعداد كبيرة للاستفادة من محتوى تدريبي نوعي في مجالات التسيير الإداري والمالي للجمعيات، والاتصال الجمعياتي، والمقاربات الاجتماعية في العمل المدني، وهندسة المشاريع، والإعلام التطوعي، وتنظيم القوافل الصحية، والعمل الفلاحي كنموذج تنموي. وقد شكّل الحضور الشبابي الكثيف دليلاً واضحاً على رغبة قوية في اكتساب مهارات حديثة وتطوير الأداء داخل الجمعيات والمنظمات المحلية. وتخلل هذا اليوم خرجة سياحية إلى صحراء توقرت، تلتها زيارة للمتطوع سعود عبد المالك للاطلاع على معرضه التراثي الذي يمثل ذاكرة المنطقة وعمقها الحضاري.

أما اليوم الختامي فشهد جلسة علمية رفيعة المستوى احتضنتها القاعة الكبرى، وقدم خلالها أساتذة وخبراء وطنيون مداخلات ثرية تناولت البعد الاجتماعي للتطوع ودوره في ترسيخ قيم المواطنة، وآليات الحوكمة وتعزيز المسؤولية الاجتماعية، إلى جانب استعراض تجارب وطنية ودولية في إدارة المبادرات التطوعية. كما تطرقت الجلسة إلى دور المدرسة والمجتمع المدني في نشر الوعي، وإلى أهمية العمل التطوعي في الأزمات باعتباره أحد أهم النماذج الإنسانية الملهمة. وقد ساهم في إثراء هذه الجلسة كل من الأستاذ الدكتور نور الدين بكيس، والأستاذ الدكتور بوحنية قوي، والأستاذ خالد ماهير، والأستاذ صالح أبو العلا، والدكتور حسيني محمد العيد، حيث أثارت مداخلاتهم نقاشات معمقة وتفاعلات واسعة من الحضور.

واختتم الملتقى في أجواء إيجابية ميزتها روح المسؤولية والتقدير، حيث تم توزيع شهادات المشاركة على المستفيدين من الورشات التكوينية، في اعتراف بجهودهم ورغبتهم الجادة في تطوير مهاراتهم. كما تم تكريم عدد من الشخصيات والفاعلين الذين أسهموا في ترقية العمل التطوعي على المستوى المحلي والوطني، تقديراً لمساراتهم وتجاربهم الملهمة.

وقد أكد هذا الحدث الوطني أن توقرت تمضي بثبات نحو ترسيخ نموذج تنموي يقوم على ثقافة التطوع والمسؤولية الاجتماعية، وأنها تمتلك الطاقات والقدرات التي تجعلها فضاءً مثالياً لاحتضان المبادرات النوعية ودعم الأجيال الشابة. وبنجاح هذا الملتقى، رسخت الولاية صورتها كوجهة وطنية للمعرفة والعمل المدني، ومختبراً حقيقياً لإنتاج أفكار ومبادرات تخدم الإنسان والمجتمع.

محمد الحسان رمون