38557
1
مذكرات شاهد على سنوات الجمر الحلقة 114
بقلم اسماعين تماووست
لم يكن تحقيق الأمن في الجزائر أمرًا سهلاً، بل كان تحديًا حقيقيًا، كان حلم كل جزائري أن يعيش في بيئة آمنة، خالية من الخوف، إلا أن الواقع كان مريرًا، خاصة في ظل الظروف التي كانت تعيشها البلاد.
عندما قطع حديثي اتصال هاتفي، نظرت إليه بتركيز، وكان الصمت يحيط بنا للحظات قبل أن ينهي المكالمة، وعندها نظر إليَّ بعينيه، التي كانت تحكي قصةَ صراع طويل، ناداني باسمي ورتبتي: "مفتش سماعين"، ثم أضاف، بصوتٍ يحمل ثقةً عميقة: "لديّ ثقة كاملة في مهاراتك."
ثم، دون أن يتردد، كلفني بتولى ملفًا مختلفًا تمامًا عن المهام التي كنت أقوم بها في موقعي كرئيس مكتب المخابرات في دائرة بوفاريك، كانت هذه اللحظة مفصلية في حياتي، لقد أمرني بالتركيز على الإرهابيين الذين نفذوا الهجوم على مدرسة الشرطة في صومعة، مع تأكيده أن ذلك يجب أن يتم بسرية تامة.
كان حديثه عن هؤلاء الإرهابيين مليئًا بالاحتقار، فقد وصفهم بالجبناء الذين لا يهتمون بدينهم أو حتى بمصلحة وطنهم، وقال عنهم إنهم وحوش مفترسة، وأنني يجب أن أكون على استعداد للتعامل معهم بحسم.
كان صوته يعكس صدق عزيمته، رغم ما كان يحمله من خيبة أمل في تأثير التحقيقات السابقة، وبينما كنت أستمع إلى تعليماته، كان في داخلي يقينٌ أن مهمتي هذه ليست سهلة، بل هي معركة من أجل العدالة والشرف، كما أحد الفلاسفة: "الأمل هو النور الذي يبدد الظلام."
هذه الكلمات أصبحت دليلي، لأنها أكدت لي أن التغيير يبدأ من الإيمان العميق بأن الحق لا يموت، وأنه لا بد من مواجهة الظلم مهما كانت التضحيات...
التضحية واجب، بل هي ضرورة لمستقبل وطننا، كنت أعلم أن الأمل لا يزول ما دامت هناك قلوب مخلصة تسعى لتحقيقه، في تلك اللحظة، أدركت أن مهمتي ليست سهلة، بل هي معركة من أجل العدالة والشرف.
كنت أعرف أن الطريق سيكون مليئًا بالمخاطر، وأن هؤلاء الإرهابيين، الذين لا يعرفون معنى الوطن أو الإنسان، هم مخلوقات تافهة لا مكان لهم في هذا العالم، لكنني على يقين أن الحق سيظل أقوى منهم، وأن العدالة ستلاحقهم حتى النهاية...
المهمة صعبة، لكنني لا أهاب التحديات، لذا قررت أن أضع كل قوتي من أجل استعادة الأمن والكرامة لشعبنا، لست وحدي في هذه المعركة، فنحن جميعًا جزء من حركة لا تعرف التوقف، زملائي في جهاز الشرطة هم السند، ونحن معًا نبني مستقبلًا أفضل للجزائر، لذا لن أتراجع، ولن أستسلم إنني هنا لأحقق العدالة، ولن يتوقف سعيي حتى يتحقق الأمان الذي يستحقه كل جزائري...