857
1
سيدي محمد الطاهر قويدري…عالم من علماء مدينة خميس مليانة الذي حظي بزيارة محمد الغزالي
بقلم الأستاذ محمد بوكريطة الحسني
منذ سنوات فارقنا الأب و الشيخ الجليل سيدي محمد الطاهر قوادري و الشيخ من مواليد 17 فيفري 1926بمدينة خميس مليانة حفظ القرآن الكريم وعمره14 سنة عند والده وكذا الشيخ الحاج يحي حمداني رحمهم الله جميعا، درس الفقه عن والده وعمه وكذا علوم اللغة من الشيخ الرابحي من علماء القليعه بالاضافة الى مبادئ علوم التصوف من الشيخ سيدي بوعبدالله رضي الله عنه دفين مدينة بطيوة بوهران.
نشأته
لما بلغ سن الثامنة عشر أي في سنة 1944 كان يتأهب للذهاب إلى جامع الزيتونة بعد جمع دراهم معدودة حيث درس هناك مدة سنة وتلقى علوم الشريعة من علماء الزيتونة وحضر مجالس العلم مع أمثال الشيخ الطاهر بن عاشور وكان ممن درسوا معه الحاج محمد بن لكحل رحمه الله والشهيد حمدان كلكولي والعقيد سي أمحمد بوقرة بطل الولاية الرابعة إبان الثورة التحريرية.
ونظرا لوضعه الاجتماعي المتواضع وقلة موارده عاد إلى أرض الوطن سائحا هنا وهناك للتزود بالعلم والمعارف مكرسا حياته وقلبه للقرآن حيث كان مدرسا بالمسجد العتيق في الخمسينيات وتتلمذ على يده عدة طلبة وتخرج عليه عدة أئمة منهم شهداء قدس الله أرواحهم منهم ابن عمه محمد الذي التحق بالجبل رفقة أربعة من أخواله وأربعة من أبناء أخواله ، وفي سنة 1953 شد الرحال إلى بيت الله الحرام لأداء مناسك الحج وكان مرفوقا بثلاثة من أعيان المدينة وكان هو أصغرهم سنا وهم:الحاج محمد بشاوش الحاج دوجة رحمهم الله تعالى.
عرف بفصاحة لسانه ودعوته للجهاد
بعد وفاة والده في 1956 كان يعاون عمه في الصلوات وكذا خطبة الجمعة إبان الحرب التحريرية وكان فصيح اللسان مما سمح له بالتنويه بالجهاد والمجاهدين واستنطقه البوليس الفرنسي بخصوص المجاهدين الذين جعلوا المسجد العتيق ممرا ومخبأ وتفرد بالإمامة بعد الاستقلال بعد وفاة عمه الذي سقط مريضا بعدما تأكد بأن ابنه الوحيد لن يعود ومات شهيدا من اجل الوطن، وواصل القضاء في الفترة الانتقالية تحت لواء جبهة التحرير، وكان يأوي ثلاثة عائلات من نساء الشهداء أخته زوجة الشهيد خليفة أخته الثانية زوجة الشهيد ابن عمه الطاهر قوادري جلول وزوجة ابن عمه الطاهر قوادري محمد الذي استشهد في 1958ونجهل لحد الآن مكان قبره.
خطيبا أمام جموع العلماء
في 1971بعد تسوية وضعية الأئمة القدامى وظف كإمام ممتاز وكان قد اشرف على تكوين عدة أئمة وكلف كمشرف على امتحانات للأئمة وفي 1972 وبمناسبة الذكرى للألفية لمدينة الجزائر ومليانه والمدية وبمناسبة انعقاد ملتقى الفكر الإسلامي كلف من طرف الشيخ الحاج الجيلالي الفارسي مدير الشؤون الدينية لولاية الأصنام آنذاك لتولي خطبة الجمعة أمام جموع علماء العالم ولقي شكرا من شيخ الأزهر محمد الفحام الذي ما كان يعتقد أن مدينة صغيرة بالمنطقة تنجب علماء مثل هذا الرجل و كان لسيدي محمد الطاهر قوادري جلسات ربانية مع أهل الله أمثال الشيخ سيدي بوعبدالله الذي يعتبره شيخه وقدوته والشيخ سيدي محمد ابن الحبيب الأمغاري الحسني.
زيارة الشيخ الغزالي
و قد زاره الشيخ محمد الغزالي رحمه الله حيث حل ضيفا على مسجد العتيق أين القي درسا والتقى بالشيخ الشعراوي رحمه الله وهو من العارفين بالله والتقى بالشيخ سيدي محمد بلكبير عالم أرض توات وعلماء كثر من منطقة وهران وتلمسان أمثال الشيخ بوديلمي رحمهم الله جميعا لقد كان فضيلة الشيخ محمد إماما نموذجا في تقوى الله كان ناصحا ومربيا وداعيا وعمل بمبدأ النصح والوسطية وعمل بمبدأ المصالحة في الوقت الذي زاد فيه الوضع تأزما وتشنجا وعنفا وانتهى إلى أزمة مازلنا نتكبد آلامها.
و التاريخ يشهد أننا كنا نزوره بصفة منتظمة و خاصة في مرضه فكان يفرح بنا كثيرا عند لقائنا و كنا نسترسل معه الحديث في أمور شتى خاصة محبة آل بيت المصطفى عليهم السلام و كذلك كنا نأخذ منه النصح و العبر وكنا نمازحه كثيرا فلقد كان أبا و صديق و شيخ لنا ، علاوة على هذا كان الشيخ يكتب الشعر و لزلت أحتفظ بقصيدة رائعة كتبها لي في سنة 1997 و الشيخ له فضلا كبيرا علينا فهو الذي قام بتدوين و تحقيق الشجرة المباركة للعائلة في عام 2008.
رحم الله تعالى الشريف سليل آل البيت الشيخ محمد الطاهر قوادري الذي توفي في السابع و العشرين ووري التراب في الثامن و العشرين من شهر أبريل 2016 بمقبرة سيدي عبد القادر بخميس مليانة اللهم أسكنه فسيح جناته وإن لله وإن إليه راجعون.
مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّـهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا– الأحزاب-23 |
ما فائدة القلم؟؟؟،إذا لم يفتح فكرا …،أو يوعي جيلا…،
أو يضمد جرحا…،أو يطهر قلبا…،أو يكشف زيفا…
أو يبني صرحا…،أو يسعد إنسانا…