706
0
سياسة "الاكتظاظ".. حرب بن غفير الخاصة ضد الأسرى الفلسطينيين
بقلم : الوزير قدورة فارس - رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين
وقفت هذا الأسبوع مؤسسات حقوق الأسرى والفلسطينيين في جميع أنحاء العالم تضامنًا مع غزة والأسرى الفلسطينيين. ويخصص هذا اليوم لتسليط الضوء على الجرائم الإسرائيلية وانتهاكاتها لحقوق الأسرى الفلسطينيين والإبادة الجماعية المستمرة في غزة. ويجب تسليط الضوء على الآلية الوحشية التي تعاقب وتعذب في سرية في السجون الإسرائيلية.
سياسية الاكتظاظ
منذ السابع من تشرين الأول، يواجه الأسرى الفلسطينيون جرائم مروعة. فبعد وقت قصير من إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن إسرائيل قطعت الغذاء والماء والكهرباء والوقود عن غزة، معلنًا فعليًا بدء الإبادة الجماعية، شنّ وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير حربه الخاصة ضد الأسرى والمعتقلين السياسيين الفلسطينيين المحتجزين في السجون والمعسكرات الإسرائيلية، بإعلان سياسة "الاكتظاظ".
ومنذ ذلك الحين، شنّ الجيش الإسرائيلي وأجهزة الأمن حملات اعتقال جماعية، أدت إلى ارتفاع عدد المواطنين الفلسطينيين من الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية إلى 9800 معتقل. وقد اعتقلت إسرائيل ما لا يقل عن 335 امرأة و680 طفلًا.
كما تم وضع أكثر من 3400 شخص تحت الاعتقال الإداري، أي أنهم محتجزون إلى أجل غير مسمّى دون تهمة، ومن بينهم 22 امرأة و40 طفلًا. ولم يسبق أن بلغ عدد المعتقلين الإداريين مثل هذا العدد المرتفع منذ عام 1967. كما اعتقل الاحتلال عددًا غير معروف من الفلسطينيين في قطاع غزة، ربما يتجاوز الآلاف، وفقًا لتقديراتنا المتواضعة، وهم محتجزون بموجب "قانون حبس المقاتلين غير الشرعيين" لعام 2002، والذي يسمح للجيش الإسرائيلي باحتجاز الأشخاص دون إصدار أمر اعتقال.
وبموجب أوامر بن غفير، تفاقمت الأوضاع السيئة بالفعل في السجون الإسرائيلية. فقد خفضت سلطات السجن بشكل حاد حصص الطعام والمياه، وأغلقت المحلات الصغيرة التي كان بإمكان المعتقلين الفلسطينيين شراء الطعام وغيره من الضروريات منها.
كما قطعت المياه والكهرباء، بل وقلصت الوقت المخصص لاستخدام المراحيض. كما يُحظر على السجناء الاستحمام، مما أدى إلى انتشار الأمراض، وخاصة الأمراض الجلدية مثل الجرب. وكانت هناك تقارير عن حرمان السجناء الفلسطينيين من الرعاية الطبية.
لقد كان سوء التغذية والجفاف المنهجي الذي يعاني منه السجناء الفلسطينيون سببًا في حدوث خسائر فادحة. فالقلائل الذين يتم إطلاق سراحهم يغادرون مراكز الاحتجاز في حالة بدنية مروعة، وحتى المحكمة العليا الإسرائيلية قضت بأن مثل هذا الاستغلال للطعام كسلاح "غير مقبول"، لقد أصبح استخدام التعذيب، بما في ذلك الاغتصاب والضرب، منتشرًا على نطاق واسع. وكانت هناك تقارير صادمة عن قيام حرّاس السجن بالتبول على المعتقلين وتعذيبهم بالصدمات الكهربائية، واستخدام الكلاب للاعتداء عليهم جنسيًا.
عقاب جماعي
لقد وصل الاستخدام المنهجي للتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة إلى حد القتل خارج نطاق القضاء، ووفقًا لتقرير حديث نشرته صحيفة هآرتس العبرية اليومية، فقد توفي 48 فلسطينيًا في مراكز الاحتجاز، ومن بينهم ثائر أبو عصب، الذي تعرض للضرب المبرح على يد حراس السجن الإسرائيليين في سجن كتزيويت، وتوفي متأثرًا بجراحه عن عمر يناهز 38 عامًا. وبحسب الصحيفة أيضًا، فإن 36 من المعتقلين من غزة لقوا حتفهم في معسكر "سدي تيمان". وكشفت شهادات العاملين الطبيين الإسرائيليين العاملين في مركز الاحتجاز عن الظروف المروّعة التي يعيش فيها الفلسطينيون المحتجزون هناك، ويقال إن المعتقلين يخضعون في كثير من الأحيان لعمليات جراحية بدون تخدير، وبعضهم بترت أطرافه بسبب تقييده بالأغلال حتى أثناء النوم أو تلقي العلاج. وقال الفلسطينيون الذين تم إطلاق سراحهم إن ما تعرضوا له كان أكثر فظاعة مما سمعوا أنه حدث في معسكرَي الاعتقال أبو غريب وغوانتانامو، حيث عذّبت القوات الأميركية وأخفت قسرًا رجالًا عربًا ومسلمين آخرين.
كما شهدوا بأنّ بعض المعتقلين قُتلوا تحت التعذيب والضرب المبرّح، وذكر أحد السجناء من بيت لحم، معاذ عبيدات، الذي أطلق سراحه في يوليو/تموز، أنّ بن غفير شارك شخصيًا في تعذيبه. لقد حرمت السلطات الإسرائيلية السجناء من زيارات المحامين والعائلات وحتى الأطباء، بما في ذلك اللجنة الدولية للصليب الأحمر. كما نفذت أعمال عقاب جماعي، ودمّرت منازل عائلاتهم، واعتقلت أقاربهم واحتجزتهم كرهائن، ونقلت بعضهم بشكل غير قانوني إلى معسكرات اعتقال سرية وقواعد عسكرية دون الكشف عن مصيرهم، وهو ما يشكّل جريمة الاختفاء القسري.
جرائم وقوانين عنصرية
وعلى الرّغم من الإدانات من مختلف منظمات حقوق الإنسان، فقد ضاعف بن غفير ومعه الائتلاف الحاكم الإسرائيليّ من دعم هذه السياسات، وقال بن غفير في الأول من يوليو/تموز: "يجب قتل (السجناء) برصاصة في الرأس، ويجب تمرير مشروع قانون إعدام السجناء الفلسطينيّين في القراءة الثالثة في الكنيست… وحتى ذلك الحين، سنعطيهم الحدّ الأدنى من الطعام للبقاء على قيد الحياة.
باستخدام الاعتقال الجماعي، دمرت إسرائيل، القوة المحتلة، بشكل منهجي النسيجَ الاجتماعي والاقتصادي والنفسي الفلسطيني منذ عام 1967، تم اعتقال أكثر من مليون فلسطيني منذ ذلك الحين، واحتُجز الآلاف كرهائن لفترات طويلة تحت الاعتقال الإداري، وتوفي 255 معتقلًا في السجون الإسرائيلية. ولم تبدأ الجرائم الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في أكتوبر/تشرين الأول 2023، بل هي استمرار لعملية منهجية من التطهير العرقي والتهجير القسري، والفصل العنصري بدأت حتى قبل عام 1948، لكن النظام الاستعماري الإسرائيلي يتجاهل قدرة الشعب الفلسطيني على الصمود، مستلهمين من تجارب الدول الحرّة في أيرلندا، وجنوب أفريقيا، وفيتنام، نستمدّ القوة من تصميمنا على تحقيق حقنا في تقرير المصير والحرية والاستقلال. ولهذا السبب، نحثّ العالم على الاحتجاج بشكل جماعي ضد جرائم الاحتلال الإسرائيلي والقوانين العنصرية، ونطالب الحكومات بالالتزام بواجباتها القانونية لمنع حدوث مثل هذه الجرائم. إننا ندعو النقابات والجامعات والبرلمانات والأحزاب السياسية إلى المشاركة الفعالة في الفعاليات والمظاهرات والحملات الرقمية واسعة النطاق؛ تضامنًا مع الأسرى السياسيين الفلسطينيين. كما أنه على المجتمع الدولي محاسبة القوة المحتلة بفرض حظر كامل على الأسلحة عليها، وتطبيق العقوبات الاقتصادية، وتعليق عضويتها في الأمم المتحدة.
كما يجب إلغاء الاتفاقيات الثنائية، ووقف مشاركة إسرائيل في المحافل والمناسبات الدوليّة حتى تلتزم بالقانون الدولي وحقوق الإنسان، وينبغي إجبارها على حماية المدنيين وَفقًا لالتزاماتها كقوة احتلال، كما أنه على كيان الاحتلال الكشف عن هويات وظروف الأشخاص الذين اختفوا قسرًا، مع إنهاء سياسات الاعتقال التعسفي والإداري. والإفراج عن جثث القتلى داخل السجون وخارجها، وأن يحصل جميع السجناء على الحماية القانونية.
إن ، القوة المحتلة لفلسطين، ملزمة بالسماح للمقررين الخاصين وخبراء الأمم المتحدة والمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بزيارة فلسطين وتفقد السجون وتحقيق العدالة للضحايا، بما في ذلك التعويض المادي والمعنوي. ولا ينبغي السماح لإسرائيل بالإفلات من العقاب على هذه الجرائم المروعة.
وطن ينزف شهداء
حديث القدس
عقابا ومخيم جنين والدهيشة وكفر قود وغزة والأغوار …وجع الأمس وهي تحصي الشهداء وتقدمهم فداء للوطن والأمس لا يختلف عن أول امس واليوم الماضي واليوم القادم والتالي ، فالحكاية والرواية المنبعثة من جدران وأزقة المخيمات والقرى والبلدات الفلسطينية ، تحكي عن شهداء وقد مضوا على درب الحرية ، وهم يتصدون لاعنف وأشرس حملة من الاعتقالات والاعتداءات والاغتيالات المترافقة بعمليات تدمير كبيرة للبنى التحتية في الضفة الغربية وقطاع غزة .. امس جنين وقبلها مخيم طولكرم ونابلس وغدا بيت لحم ورام الله وأريحا وقلقيلية .. والقدس تحضر دوما في مشهد الذبح اليومي الذي تمارسه إسرائيل بحق المدنيين العزل ، وبالتالي لا تغيب عن مشهد الضفة الغربية يوميا حكاية الشهداء الذين تغتال من خلالهم إسرائيل خيرة شباب فلسطين، اضافة لما يحدث من مجازر يومية في قطاع غزة يرتقي معها المئات من الاحرار الأبرياء من شيوخ ونساء وأطفال ، ضحية لعدوان الاحتلال على كل مناحي الحياة في فلسطين . لا فرق بين ضفة وقدس وغزة ، واذا ارادها الاحتلال كانتونات متفرقة ومصطنعة بحدود وهمية ، فان رسالة الفلسطينيين ان حدود الوطن ترسمها دماء الشهداء ، وما هذا المذبح اليومي إلا رسالة لإسرائيل ، انها مهما اغتالت وقتلت وذبحت وشردت ، فانها لن تقتل روح الكبرياء والمقاومة في نفوس الفلسطينيين ، الذين يدركون اكثر من اي وقت مضى ، ان هذا الاحتلال تجاوز كل الحدود بممارساته القمعية والعدوانية ، لكنهم يصبرون ويؤمنون بحتمية نصر شعبنا ، مهما تأخر موعده ..
بالأمس نفذت إسرائيل ثلاث مجازر جديدة في قطاع غزة راح ضحيتها العشرات من ابناء شعبنا ، وتم استهداف الضفة التي قدمت ١٣ شهيدا في يوم واحد ، خمسة في مخيم جنين واثنان في كفر قود ( جنين) واربعة في عقابا قضاء طوباس وشهيد في مخيم الدهيشة واخر في منطقة الأغوار ، وهو ما يعني ان اسرائيل أطلقت العنان لتنفيذ سياستها العدوانية ضد شعبنا الفلسطيني على اوسع نطاق ، وهو امر سيؤثر على المنطقة والعالم ، ومن شأنه ان يخلق تحديات جديدة ، لا سيما وانه لم بعد امام شعبنا فرصة للتنبؤ باليوم القادم ، فالأمس واليوم سيان ، في كل ما يتعلق بالحرب والعدوان الذي يعتبر ثقيلا وخطرا جدا على ابناء شعبنا الذين أصبح نصفهم شهداء ونصفهم الاخر من اللاجئين والبقية تنتظر مصيرها ، لان عنوان الوطن الاول اليوم ( الشهداء الذين ينزفون على مذبح الحرية ) ووطن ينزف شهداء، فمن يوقف إسرائيل عن تفردها بوطن الشهداء ؟
الاحتلال يواصل اعتقال 51 صحفيا منذ بدء العدوان
أفاد نادي الأسير الفلسطيني، بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل اعتقال 46 صحفياً منذ بدء العدوان على قطاع غزة، منهم 16 من قطاع غزة، إلى جانب 5 صحفيات. وبين نادي الأسير في بيان صدر عنه، أنه وثق 94 حالة اعتقال بحق صحفيين منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، بينهم اثنان من غزة ما زالا رهن الإخفاء القسري، وهما نضال الوحيدي، وهيثم عبد الواحد.
وأشار البيان إلى أن 16 من بين الصحفيين القابعين حالياً في سجون الاحتلال، هم رهن الاعتقال الإداري، والذي استهدف بالأساس صحفيين من الضفة الغربية، إلى جانب عدد آخر جرى اعتقالهم على خلفية ما يسميه الاحتلال بالتحريض، عبر وسائل الإعلام التي يعملون لديها، أو من خلال حساباتهم على منصات التواصل الاجتماعي. يذكر أن محكمة الاحتلال العسكرية مددت الأحد الماضي، وللمرة الخامسة، اعتقال الزميلة في وكالة "وفا"، رشا حرز الله، حتى 13 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل. واستدعت مخابرات الاحتلال حرز الله، في الثاني من شهر حزيران/يونيو 2024، للتحقيق في معتقل "حوارة"، بذريعة "التحريض"، قبل أن يتم اعتقالها.
وأكد نادي الأسير، أن لوائح الاتهام المقدمة بحق الصحفيين المعتقلين على خلفية "التحريض" تعكس إصرار الاحتلال على ملاحقتهم بناء على عملهم ودون وجود مبرر قانوني. ونوه إلى أن الاحتلال تعمد في صياغته لبنود ما يدعيه بـ"التحريض والتعاطف" جعلها فضفاضة دون محدّدات واضحة، ليتمكّن من استخدامها ضد الفلسطينيين، والصحفيين على وجه الخصوص، والزج بهم في السجون.
وجاء في بيان نادي الأسير أن الاحتلال يواصل عمليات اغتيال الصحفيين في غزة كوجه من أوجه الإبادة المستمرة، ويعرض المعتقلين في سجونه إلى جملة الجرائم الممنهجة المتصاعدة بشكل غير مسبوق منذ بدء العدوان، والتي تشمل التعذيب، والتجويع، والجرائم الطبية.
زيارات الأسرى في كتاب حسن عبّادي "يوميات الزيارة والمزور"
بقلم : فراس حج محمد
صدر مؤخرا عن دار الرعاة للدراسات والنشر وجسور ثقافية للنشر والتوزيع في رام الله وعمّان كتاب "يوميات الزيارة والمزور- متنفس عبر القضبان" للكاتب الفلسطيني المحامي حسن عبادي. ويقع الكتاب في (230) صفحة، واشتمل على زيارات المحامي عبّادي لمجموعة من الأسرى؛ بدأت صباح يوم الاثنين 3/6/2019، واستمرت حتى 13/8/2023. أربع سنوات تقريبا من الزيارات لسبعين أسيرا فلسطينيا، وخصصها لزيارة الأسرى الكتّاب. وقد وظّف الفنان ظافر شوربجي صور هؤلاء الأسرى لتشكيل لوحة الغلاف مع إثبات اسم كل أسير، تحقيقا لمقولة إن لكل أسير قصة واسم، وليس مجرد رقم أو حالة عديمة التاريخ الإنساني والامتداد الاجتماعي في الأرض الفلسطينية.
يهدي المؤلف كتابه بالإضافة إلى ابنتيه وأحفاده والأسرى الراحلين، إلى زوجته سميرة التي يعترف بفضلها في هذه الزيارات؛ فهي التي ألهمته الفكرة وتنفيذها "ولها الفضل في استمراريتها". كما أنها كانت حاضرة في بعض تلك الزيارات في ثنايا الكتاب، والحديث مع الأسرى. أشرف على الكتاب وحرره الكاتب فراس حج محمد، وجاء في كلمته: "يأتي هذا الكتاب المتبلور من مشروع الزيارات للأسرى الكتّاب، وقد حرص [مؤلّفه] أن يجعله "متنفسا عبر القضبان" للأسرى، يتنفسون فيه ومنه، من رئتين: رئة التواصل الاجتماعي مع المحيط والبيئة المهتمة بالأسير، ورئة الكتابة، وقد ساعد هذا المشروع على ولادة كثير من الكتب للأسرى الكتاب، وتشجيع آخرين على الكتابة". كما أعدّ المحرر في نهاية الكتاب مسردا تعريفيا لهؤلاء الأسرى الذين تمت زيارتهم، شاملاً بلد الأسير، ومولده، ومدة حكمه. تنوعت الأحكام الصادرة بحق هؤلاء الأسرى ما بين الإداري لعدة شهور، تجدد كل مرة، إلى الحكم بالمؤبد 27 مرة للأسير عمار الزبن، وثمة أحكام تثير السخرية المرة كالحكم الصادر بحق الأسير ناصر عويص ومدته (14) مؤبدا و(50) عاماً و(4) شهور، وتراوحت أعمارهم؛ فمنهم من ولد عام 1956، وهو الأسير كريم يونس، وأصغر أسير وهو الأسير المقدسي زكريا البكري، حيث ولد عام 2001، كما تنوعت بيئاتهم الاجتماعية والجغرافية وخلفياتهم السياسية التي يمثلونها، فقد كانوا يمثلون فلسطين من بحرها إلى نهرها؛ من مدن فلسطين وقراها ومخيماتها، ومن الضفة الغربية، ومن القدس وغزة، ومن فلسطين المحتلة عام 1948. أنتجت هذه الزيارات (147) لقاء، إذ كان يلتقي المؤلف بعدة أسرى في اليوم الواحد، وزار بعضهم عدة زيارات، وكانوا يتناولون بالحديث الأوضاع العامة الإنسانية والاجتماعية، وأوضاع الثقافة والكتابة والتأليف، إضافة إلى ما يتعرض له الأسرى من تنكيل وتعذيب من إدارات السجون التي هم فيها.
ويعدّ الكتاب وثيقة مهمة لما يحدث داخل السجون الصهيونية من إجراءات، وكيف يعيش الأسرى، وكيف يفكرون، وكيف يشكلون مجتمعا منظما داخل تلك السجون. كما أن ما اشتملت عليه المادة وأفق الحوار مع الأسرى الكتاب يكشف عن أمنياتهم وتطلعاتهم وأفكارهم وما اشتملت عليه كتبهم ومشاريعهم الثقافية، وأسماء كتبهم، ومراحل التأليف وما يتعرضون له من إجراءات قد تودي بتلك المشاريع، وأسماء السجون وأماكن وجودها، وما صاحب تلك الزيارات من مشقة الطريق والسفر التي وصلت في بعض الأحيان إلى أكثر من خمس ساعات في الذهاب وأخرى مثلها في الإياب. جاء في مقدمة المؤلف للكتاب "استخدمت سلطات الاحتلال السجون كوسيلة لمعاقبة المناضلين الفلسطينيين واستهدافهم نفسياً وفكرياً في محاولة بائسة لتطويعهم وسحق إنسانيتهم ووطنيتهم عن طريق الحرمان من أبسط الأمور، ومحاولاته المستدامة والمميتة هذه هدفها تطويع الدماغ وتحطيم المعنويات وصهر الوعي وكسر الإرادة الوطنية وشيطنته لعلّه يفقد آدميّته".
ولذلك فقد جاءت هذه الزيارات وتسجيل ما تمّ فيها للرد على هذه الاستراتيجية الاحتلالية القامعة للنضال الفلسطيني، وقد كانت واضحة ليس بالإجراءات التعسفية بل بنزعة الانتقام من الأسرى، والحكم عليهم أحكاما عالية مبالغا فيها، تنم عن لا إنسانية المؤسسة الصهيونية، فالأسير ربما سيظل سجينا بعد الموت، لأنه ببساطة لم تنته مدة حكمه البالغة ثلاثة مؤبدات أو أربعة وأحيانا قد تصل إلى تسع مؤبدات، وبهذا المنطق يحتجز الكيان الصهيوني بعض جثامين الأسرى الشهداء، بحجة عدم انتهاء مدة حكمه، كالأسير الشهيد وليد دقة الذي استشهد بتاريخ: 7/4/2024. ويختم المؤلف كتابه بتمنيات التحرر للأسرى جميعا، ليحقق أمنيته وأمنيات الأسرى الكُتّاب في صهر مفاتيح السجن، وعمل تمثال حرية منها، وفي زيارة بيت المؤلف في حيفا حيث سيسهرون على تلك (البلكونة) التي احتضنت أحلامهم، وقد جعل منها المؤلف منصة ثقافية يعرض فيها كتب الكتاب الأسرى، محتفيا بها، كلما صدر لأحدهم كتابا جديداً، حتى غدت تلك البلكونة (الشرفة الحيفاوية) مشهورة لدى الأسرى ولكل من يتابع مؤلفاتهم، إذ ارتبطت كتبهم والأخبار عنها والقراءات النقدية ونشاطات الإشهار بتلك الصور الملتقطة من هناك. ومن الجدير بالذكر أن كتاب "يوميّات الزيارة والمزور" واحد من سلسلة كتب انبثقت من مشروع المحامي الحيفاوي حسن عبادي مع الأسرى، سبقه كتاب "الكتابة على ضوء شمعة"، وسيتبعه كتب أخرى لتوثيق زيارات الأسيرات اللواتي زارهن عبادي، وكذلك زيارات الأسرى الآخرين التي تمت بعد آخر زيارة توقف عندها الكتاب وهي 13/8/2023.