22
0
نظرية الخنجر والخبز

د.أحمد لطفي شاهين
يتعامل الاحتلال الصهيوني مع العالم كله باستراتيجية نفسية خطيرة جدا وهي: صرف النظر عن موضوع خطير جدا والتركيز على موضوع اخطر وذلك تطبيقا لقاعدة تلمودية توراتية تسمى الخنجر والخبز، لكن كيف؟
عمليا .. الاحتلال ارتكب في قطاع غزة جرائم حرب ومجازر ودمار فظيع والاف المفقودين والجرحى والمعاقين وهذا امر خطير جدا .. لكنه استطاع ان يصرف انظارنا عن كل ماسبق حتى نركز على موضوع اخطر التجويع والتعطيش وحتى نظن ان ادخال بضع شاحنات هو فوز وتحقيق نصر وأصبح اهم هدف عندنا هو كسر الحصار المشدد الذي بدأ منذ بداية مارس ...!
ولكن ماذا بخصوص عشرات آلاف الشهداء والجرحى والدمار الشامل؟
كلنا تجاهلناه لا إراديا لأن الاحتلال جعلنا نركز على مسألة انسانية فيها حياة او موت .. فالاحتلال يلعب في اعصابنا ومستمر في نظرية تلمودية صهيونية هي الخنجر و الخبز
واذا لاحظتم أن صحافة الإحتلال انتقدت وزير المالية سموتريتش لأنه يُدخل الأموال إلى غزة عبر تمويل المساعدات رغم احتمال "استفادة حماس" بينما يُصمم على حجب أموال المقاصة عن السلطة الفلسطينية، وهذا الانتقاد يكشف عمق التخطيط الصهيوني الجهنمي الخبيث
بهدف استمرار إدارة الانقسام كأداة احتلالية ناجحة على طريق اجهاض فكرة الدولة الفلسطينية التي يرفضها نتنياهو أساسا إذن هدف سموترتيتش أن يُموَّل جانب ويكذب ويُجَوَّعه، ثم يقوم باذلال موظفي السلطة في الضفة لتحقيق انفلات امني وإسقاط المشروع الوطني الفلسطيني، .. وكل ذلك بالتنسيق الكامل مع نتنياهو وكلها ادوار ينفذها اطراف حكومة الاحتلال بشكل متكامل ولازلنا نشهد أكبر عملية تضليل اعلامي في العالم يخطط لها ويقودها الثنائي نتنياهو و ترامب ..!
نتنياهو مثلا يستخدم أدوات تضليل كثيرة منها: تصريحات ديوان مكتبه ، وتسريبات لقناة 11، و13 و14 وموقع واللا وقناة كان ، وغيرها ، ومؤخرا دخل جيش الاحتلال على الخط الاعلامي من خلال الإعلان عن انتهاء عملية "عربات جدعون" التي لم تنتهي عمليا على الارض
بينما ترامب يبث تصريحات عبر موقع X و social truth وصحف امريكية ومؤخرا إدعى ترامب ان هناك اتفاق مع الاتحاد الأوروبي يقضي بدخول المساعدات إلى غزة ثم تبخر الموضوع ..!
وصرح نتنياهو بعدها ان الاتفاق كان شفهيا وليس مكتوبا وبالتالي ليس ملزما (تبادل ادوار) ، فالأدوات الاعلامية الصهيونية تقول إن المفاوضات تشهد تقدماً وأن نتنياهو يقدم تنازلات، وأنه مصمم على عمل صفقة. بينما ترامب يبعث برسائل الأمل ، ثم يهدد ثم يقدم كلام ايجابي ثم يتراجع.. كأنه متناقض..
لكن كل يوم داخل الأرض المحتلة يستشهد ما لا يقل عن 130 فلسطيني من منتظري المساعدات بالقرب من مصائد الموت الصهيوأمريكية
و تم عمل محور جديد ,(ميغن عوز) على طريق ميراج شرق خانيونس ثم اعلنوا عن مقترح محور جديد يمتد حتى رفح .. كما يجري العمل على محور جديد جنوب دير البلح يمتد من اقصى الشرق الى شاطيء البحر ويفصل خانيونس عن دير البلح
والعمل جاري لتدمير أحياء شرق غزة على قدم وساق، وفي كل يوم يتقدم الجيش ببطء أمتاراً نحو الغرب، حتى أصبح الناس محشورين في شريط ساحلي ضيق حيث تبقى فقط 25% من مساحة قطاع غزة
وتم الاعلان عن خطة ضم شمال قطاع غزة وتوسيع معبر ابو سالم تمهيد (للهجرة الطوعية)
وكل ذلك يترافق مع القيام بأبشع جريمة تجويع وتعطيش في التاريخ بحق المدنيين في غزة والتي اوصلت الناس إلى الموت الحقيقي الجماعي .
ويتزامن ذلك مع تشكيل عصابات مسلحة تابعة الاحتلال داخل قطاع غزة ،
أما عن المفاوض الفلسطيني فلا يجرؤ على الانسحاب من المفاوضات، ولا حول له ولا قوة، فهو المحتاج للتهدئة وليس العدو والواقع المرير ان الجانب الفلسطيني لا يملك اوراق قوة الا الرهائن وهؤلاء الرهائن لا يهتم نتنياهو لحياتهم أصلا وانما هم ذريعة لاستمرار الحرب
أما موجة الغضب داخلي دولة الاحتلال فقد هدأت تقريبا..! وارتفعت شعبية نتنياهو .. وهدأت موجة الاحتجاج العالمي ضد دولة الاحتلال تحت تأثير الكذب الكبير للثنائي نتياهو وترامب والاعلام المتساوق معهما.. ولا يزال الناس في غزة يموتون وهم يتعلقون بالأمل الإعلامي ! ... ولا يزال الكذب مستمرا في الإعلام العبري عن فتح معابر وانزال جوي للمساعدات ولا يزال الجوعى ينتظروا كل يوم تحقق الوعود والوصول الى هدنة ولا يجدون لقمة خبز يأكلونها ويتساقطون من الحرمان من الخبز او من الخنجر الصهيوني التوراتي المتمثل في آلة البطش العسكرية الصهيونية.