603

1

حتى لا نفوت العشر الأواخر....

بقلم الأستاذ سيدعلي دعاس

ها قَدْ ذَهَبَ ثُلُثَا شهر رمضان... فَمَا أَسْرَعَ ذَهَابَهَا وَانْقِضَائهَا على الجادين والمفرطِين سواء، إلا أن الجادين فيه بالعمل الصالح، تبقى آثار جدهم وأعمالهم بأن تَكُونَ ذُخْرًا لَهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ، فَهُمْ عِندَ لِقَاءِ الله وَمَوْلاهُمْ فَرِحُونَ مَسْرُورُون قال تعالى: "وجوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةً ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةُ "(38) .

بخلاف المفرطين، فأقل أحوالهم أنهُمْ تَرَكُوا مَا يُقْرَبُهُمْ إِلَى ربهم، إن لم يَكُونُوا عَمْرُوا ساعات حياتهم بما يُبْعِدُهُمْ وَيُسْخِطُ خَالِقَهُمْ عَلَيْهِمْ وَكَم سَتَكُونُ خَسَارَةُ المحارب لله - تعالى وَكَم سَيَلومُ المُفرط شَيْطَانَهُ الذي أغواهُ مُطَاوَعَةٌ مِنْهُ؛ كَمَا قَالَ بمعصيته من أكل الحَرَامِ، وَالظُّلَمِ الْخَلْقِ ؟!

لله - تعالى: "وَقَالَ الشَّيْطَانَ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقُّ وَوَعَدتُكُمْ فَأَخَلَقْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُم مِّن سَلْطَانِ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ فِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم مَا

أنا بِمُصْرِحُكُمْ وَمَا أَنتُم بِمَصَرِخِي إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِزمن قبل إن الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " ..

وها هي العشر الأواخر من رمضان على الأبواب... فكيف تستغلها ؟

لقد كان رَسُولُ الله ﷺ يَخْصُ أيام الشهر الأواخر بأعمال خاصة... وفي الصَّحِيحَينِ عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر الاخير والليل، وأيقظ أهله، وجد، وشد المنزر" . وقالت: "كان رَسُولُ اللهِ ﷺ يَجْتَهِد في رمضان مالا يَجْتَهِدُ في غيره، وفي العشر الأواخر منه مالا يجتهد في غيره". وقالت أيضا: "كان رَسُولُ اللهِ ﷺ يَعْتَكِفُ الْعَشرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ".فَمِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ نرى أن النبي ﷺ كَانَ يَجْتَهِدُ في العشر

الأواخر من رمضان بالأعمال التالية : أولا - إيقاظ أَهْلِهِ؛ وَمَا ذَاكَ إِلَّا رَحمَةٌ وَشَفَقَة بِهِمْ، حَتَّى لا يقُوتُهُمْ هذا الخير في هذه الليالي المباركة. ثانيا - إحياء اللَّيْلِ: فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ رَمَضَان كَانَ يَقُومُ وينام ..... حتَّى إذا ما دخلت العشر الأواخر أحيا الليل كله أو جله.

ثالثا - شد المنزر والمراد به اعتزال النساء كما قشرة سفيان الدوري وغيره.

رابعا - الاعتكاف وهو أروم المسجد العبادة والذكر، وتفريغ القلب للتفكر والاعتبار ومحاسبة النفس. والسؤال: لِمَاذَا يَفْعَلُ رَسُولُ الله ﷺ كُلَّ هَذَا ؟ والإجابة: لأنه يطلبُ لَيْلَةَ القَدْرِ لَيْلَةَ نُزُولِ القُرآن .... فهي لَيْلَةً خير من ألف شهر.

 نعم، إنها ليلة القدر الذي من قامها إيمانًا واحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تقدم من ذنبه... ومَن وَفُقَ إقيامها، كتب الله - تعالى- وكأنهزعبدة أكثرَ مِنْ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ عَامًا.

فواحسرتاه إن فانتنا هذه الليلة المباركة وإذا لم تشأ أن تتحسر ... فعليك بهذه العشر الأواخر، واخرض على قيامها حتى يكتب لك بإذن الله - تعالى أن تنال أجرها ....فإن من تَفُوتُهُ هُوَ المحروم.

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services