بقلم اسماعين تماووست
تم القبض على إمام مسجد تماوست بالرغاية في نفس الوقت الذي تم فيه اعتقال والدي داخل زنازين الموت،أين تم إعدامه بأبشع الطرق وبكل جبن ، من أجل قضيتنا المقدسة وتحرير الوطن.
فضّل الإخوة تماووست الثلاثة الموت بدلًا من تقديم المعلومات للعدو الغاصب عن نشاطهم الثوري ، ولا سيما أنشطة وتحركات جبهة التحرير الوطنيFLN و كذالك جيش التحرير الوطني ALN، فيما غادر المجاهدون سالمين من ملاجئ تماوووست بالرغاية إلى وجهةٍ أخرى مجهولة.
و بعد أسبوع من الحادثة تم قطع رأس الخبيث المتعاون والكشف عن اسمه المخزي واسم عائلته من قبل المجاهدين الذين كانوا في السابق تحت مسؤولية الإخوة الثلاثة تماوست .
في أحد أيام الصيف عام 1958، حوالي الساعة 11 صباحًا، قام جنود من الجيش الفرنسي، معززين بالشاحنات والدبابات والمدفعية الثقيلة، بمحاصرة وغزو مزرعة العائلة والسيطرة عليها كليا ، وتقع هذه المزرعة في بن طلحة براقي بالجزائر العاصمة، والتي كانت تسمى حينها ( حي رافانيل) .
وبعدها تم تقسيم الجنود إلى مجموعتين، اهتم جزء بالتفتيش الداخلي للمنازل الريفية، بينما قام الجزء الآخر من الجنود بجمع أفراد الأسرة، و التي كان حاضرمنها 24 شخصًا، منهم نساء وفتيات وأطفال و مراهقين، وكان أكبرنا سنا لم يتجاوز 20سنة.
وإلى يومنا هذا، مازلت اتذكر وأنا طفل ذالك الوضع، و أتذكر جيدا كيف رتبنا الجنود، فقد كنا وكأننا مجموعين لصورة تذكارية لنهاية العام الدراسي في الصف الإبتدائي.
و من أجل الحفاظ على تاريخ عائلتي المشرف و مواصلةً لمسيرة الجهاد والتضحية من أجل الجزائر، والذي عهدته منذ صغري، حملت المشعل من والدي وأعمامي، لم أتوانى ولو للحظة عن تقديم المزيد من التضحيات للقضاء على ما دنسه أهل الجهل و الشر، ساعياً للقضاء على الفئات الضالة والجماعات الارهابية، بما أوتيت من جهدٍ وحكمةٍ، لأخوض حربًا حقيقية مع زملائي ورفاقي الشرفاء ضد الإرهاب، إذ سطرنا بدماء الشهداء قصصًا جديدة للتضحية والفداء تضاف إلى تاريخنا المجيد.
بعد العدوان الفرنسي الشرس، المشهور بقسوة جيشه، للأسف وبعد بضعة عقود فقط، تعرض بلدنا، الذي لا يزال يلملم جراحه، للخيانة من قبل أبنائه، هم في الحقيقة أسوء من انتموا إليه، خلطوا الحق بالباطل والصدق بأكاذيبهم وخدعهم، لهدف الوصول للحكم فكان الثمن إقحام البلاد في وحل من دم الضعفاء والأبرياء وتحريض الشباب وتجنيدهم في حرب داخلية عنيفة مدمرة وفتاكة حيث استخدموهم في مخططهم وتوجههم الشيطاني .
لكن بفضل الله وتوفيقه وبفضل رجال الشرطة و كل الأسلاك الأمنية للدولة وكذالك اليقضين من المواطنين الشرفاء ، انتصر الحق على الباطل، وانسحبوا هؤلاء الذين حاولوا إبادة شعبنا وتدمير وطننا، مذلولين ومحتقرين أمام جيشنا المجيد و جميع فئات الأسلاك الأمنية الأخرى الذين كانوا له بالمرصاد بقوة رجل شجاع لا يهاب الموت فداءا للوطن .
فلم يجنوا سوى الخزي والعار ،وبعدما أنقشع ضباب الظلم، و ظهرت الحقيقة، سقطت أقنعة النفاق عنهم، وتأكد أن معظمهم من أبناء الحركة، والبعض الآخر جهلة لحقيقة دينهم ومبادىء وطنهم و شعبهم ،....
يتبع...