بقلم اسماعين تماووست
تلعب السلطة القضائية دورًا محوريًا في الحفاظ على أمن المجتمع واستقراره، إذ تعتبر العدالة عنصرًا أساسيًا في بناء الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة.
في خضم الأزمات والتحديات التي واجهتها البلاد، برزت ظاهرة خطيرة تتمثل في استغلال الشباب من قبل قوى الظلام والإرهاب، هؤلاء الأعداء اتخذوا من قلة الوعي والجهل أرضية خصبة لنشر أفكارهم المتطرفة، لقد عملوا على تحويل عقول الشباب، مستخدمين خطابا متطرفا كأداة لتجنيدهم والتلاعب بمشاعرهم.
عبر استغلال الحماس والبحث عن الانتماء، تمكن الإرهابيون من جذب العديد من الشباب الذين كانوا في حاجة إلى التوجيه والإلهام، لكن عوضًا عن ذلك، وجدوا أنفسهم في شباك الخداع بعد غسل أدمغتهم بشكل مُمنهج، ما أدى إلى انحرافهم عن أهدافهم السامية ومبادئهم الأخلاقية.
لكن الوضع لم يكن بلا عواقب، فهؤلاء الشباب، الذين أصبحوا أدوات في أيدي قوى الشر، ساهموا في نشر الفوضى وزعزعة استقرار الدولة، إن هذه الأحداث تدعونا اليوم إلى ضرورة تكاتف الجهود بين مختلف مؤسسات الدولة والمجتمع المدني لتوفير بيئة آمنة وداعمة للشباب، تجذبهم نحو القيم الإيجابية وتوجههم نحو مستقبل أفضل، وخاصة من خلال المساجد والمؤسسات الدينية التي لها دور حيوي في تعليمهم الدين الصحيح وتعزيز قيم التسامح والاعتدال، عبر تقديم برامج تعليمية تساهم في بناء وعي شبابي سليم، يمكّنهم من التمييز بين الحق والباطل.
فالخطاب الديني السليم يمكن أن يكون له تأثير كبير في توجيه الشباب نحو القيم الإنسانية والانتماء الوطني، مما يجعلهم درعًا واقيًا أمام محاولات الاستغلال، كما أن تعزيز البرامج الدينية التي تركز على الأخلاق والإنسانية تعد خطوة مهمة لحماية الشباب من الأفكار المتطرفة.
فالمساجد ليست مجرد دور عبادة، بل هي مراكز تعلم ووعي تُساهم في بناء هوية وطنية قوية تُعزز من قيم التسامح والإخاء، أما السلطة القضائية، من خلال نزاهتها وفاعليتها، تمثل دعامة قوية للأمن والاستقرار، لذا ينبغي أن تكون هناك آليات قانونية واضحة في تحقيق العدالة لأن القضاء النزيه ليس فقط ضمانا للحريات الفردية، بل هو أيضًا درع يحمي المجتمع من الانحرافات والأخطاء التي قد تؤدي إلى تفشي الجريمة والإرهاب.
في خضم الأحداث المقلقة والخطيرة التي كانت تعصف ببلادنا، شعرت بثقل المسؤولية، كان كل واحد منا مدعوًا لتقديم مساهمته الاستثنائية، لتحمل أعباء المواطن الصالح المخلص و كان الأمر يتطلب شجاعة ووضوح رؤية، لنتمكن من فعل ما هو ضروري لمصلحة وطننا...
كلما فكرت في الوضع، كنت أشعر أن التاريخ يراقب ويتتبع تفاصيل المآسي، كانت الأنباء تتوالى، مشحونة بالخوف، وأصبح شبح المجهول يلاحقني، فبدأت أستشعر أن الأمور قد تخرج عن السيطرة إذا لم يساندني رئيسي في هذه اللحظات الحرجة، كانت عواقب ذلك ستتجاوز كل تصوراتنا، وقد تجعل من حياتي المهنية كابوسًا مزعجًا.
كنت أشعر أنني غارق في بحر من الفوضى، وكلما حاولت التمسك بالأمل، كانت بعض العراقيل تحبطني، وسط كل ذلك، كان اليأس يدب في نفوس الشعب، هؤلاء الذين عانوا من الاستعمار الفرنسي و تحملوا أصنافًا من العنف، والتعذيب، هاهم اليوم يعيشون مأساة جديدة...
كانت الدهشة تملأ العيون، وكان السؤال الذي يتكرر في الأذهان لماذا يتكرر هذا الألم، أدركت أنني، المفتش تماووست، أعيش في قصة لا تنتهي من الصراع والأمل، أتمنى أن تأتي اللحظة التي نرى فيها النور بعد هذا الظلام. وكما قال أحد الحكماء: "لا يمكن أن يكون هناك نور دون ظلام، فكلما كانت المعاناة أقوى، كانت القدرة على الصمود أعظم." كان هذا القول يرن في أذني، مشجعًا لي على المثابرة في مواجهة التحديات، على الرغم من كل ما يحيط بي من قسوة.
وحين وصل العنف إلى أشده، بدأت أرى الأمل يتجلى في قلوب الناس، الذين كانوا على استعداد لمواجهة الصعاب، متحدين الخوف، رافضين أن ينكسروا، كانوا يتذكرون تاريخهم، يتعظون من مآسي الماضي، ويستلهمون القوة من تجارب الأباء الذين واجهوا الاستعمار بصلابة.
في هذا الوقت العصيب، أدركت أن المسؤولية لا تقع على كاهل الفرد وحده، بل هي أيضًا مسؤولية جماعية، فالأمل ينبعث من روح التضامن، حين يساند كل فرد الآخر، لذا، في خضم هذه الأحداث، كانت لدي قناعة قوية بأن النصر سيكون حليفنا، إذا تمسكنا بالقيم الإنسانية النبيلة، وعملنا بجد لتحقيق العدالة، والحفاظ على كرامة شعبنا.
وبهذة الروح، قررت أن أواصل العمل بجد، وأن أكون مثالًا يحتذى به، لأعيد الثقة إلى أولئك الذين فقدوا الأمل، كنت أؤمن بأن كل خطوة صغيرة تُعتبر تقدمًا نحو تحقيق الأهداف الكبرى، وأن معركتنا ليست فقط ضد الإرهاب، بل من أجل بناء وطن يسوده السلام والعدالة، لذا بينما أكتب هذه السطور، أدرك أن الكلمات ليست مجرد أحرف تُكتب، بل هي نداء للأمل، وتجسيد للقوة التي يمكن أن تتجلى في الأوقات الصعبة.
ما كان يمر به الشعب هو اختبار لصبرهم وقوة إرادتهم و في النهاية، ستتجلى الحقائق الإنسانية ، ويكون العدل هو المسار الذي نسلكه، لذا قررنا مواصلة الكفاح من أجل وطن يعمه السلام، لنصنع غدًا أفضل لأبنائنا...
يتبع...