829
0
مذكرات شاهد على سنوات الجمر الحلقة 81
بقلم اسماعين تماووست
لكن من الواضح أننا كنا نتحدث عن نفس الموضوع، عن همجية الإرهاب، عندما عاد الرئيس فجأة، وبعد أن استقر في مكانه مباشرة، أمرنا بإجراء تحقيق سري للغاية في حساب الشخص الذي يرغب في شراء الأسلحة، و الذي أبلغت عنه المرأة المذكورة.
وأما عن سعر نوعي السلاح المذكورين ، فأخبرنا أنه سيدرس هذا الأمر من كافة جوانبه، مشيراً إلى أن الأمر دقيق، ولذلك، فإنه يستحق الكثير من التفكير قبل اتخاذ القرار الأفضل،لأن هدفنا الوحيد هو التوصل إلى نتيجة ناجحة.
بالنسبة لي كان اللقاء قد انتهى بالفعل، لذا تركت رئيسيَّا وتوجهت إلى مدينة بوفاريك، مكان عملي،لمباشرة التحقيق الذي يستهدف الفرد الراغب في شراء أسلحة حربية، ولهذا الغرض، فقد رأيت بعناية في اليوم التالي أنه من الضروري أن يستمرالتحقيق بتغيير بعض الأساليب المعتادة التي أصبحت اليوم غير مناسبة للتطور الذي حدث داخل هذا القطاع المهم والحساس وهو جهاز المخابرات العامة الذي يعتبر بمثابة الوسيلة الفعالة للتمكن من الخصوم.
كثيرا ما كنا نركز على الملابس والأحذية التي يرتديها رجل المخابرات، والتي تعطيه مظهر مربي الماشية، هذه الحيلة التي اخترتها كانت تهدف إلى تجنب أي أخطاء قدر الإمكان وتحقيق الأهداف .
أخيرًا، كان مديرنا يأمل بشدة أن يسمع منا بعض الأخبار الجيدة حول هذه القضية، وبالفعل كان عليّ أن أنفذ بسرعة تعليمات رئيس مديرية الأمن العام، الذي طالب في تكتم شديد بإجراء تحقيق مع الرجل الذي عرض على المرأة المذكورة شراء الأسلحة.
لذلك، على متن سيارتي R4، وبصحبة زميلي، انطلقنا نحو الشركة التي كان هدفنا فيها موظفًا، عند وصولنا إليها والتي كانت تقع في بلدية القبة الجزائر العاصمة طلبت أن يستقبلني المدير التنفيذي ...
هذه المرة كان الحظ إلى جانبي لأن المدير التنفيذي كان ينحدر من مسقط رأسي بن طلحه لذلك، كنا نعرف بعضنا البعض،كان مهندسًا ميكانيكيًا بحريًا، وقد حصل على شهادته من يوغوسلافيا سنة عام 1965.
في الواقع، لقد أملى علي ضميري المهني في تلك اللحظة بالذات بالاستفادة من علاقتي مع هذا الصديق، لقد كان ترك لقائنا الأول في مركز الحراسة انطباعًا مفيدًا حقًا لأنه جعلنا نتجنب تقديم أنفسنا كضابط شرطة، خاصة وأن كلمة شرطي في تلك الفترة كانت توحي بالكثير من المخاوف.
أؤكد بوضوح أن الفهم الخاطئ للحقيقة لا يؤثر على جوهرها، لذلك كنت أفضّل أن أكون مع الشرطة على أن أكون مع غيرهم ، فرجال الشرطة الشرفاء حالهم حال الشمعة التي تحترق لتضيئ عتمة الظلام وتضي للناس الطريق .
وأشير إلى أن بعض الناس يحملون رجال الشرطة دومًا مسؤولية مشاكلهم ومصائبهم، بل بالعكس فهم نخبة مختارة من الشجعان، يصنفون كفدائيين، وظيفتهم الأساسية تكمن في حماية المجتمع وهي صمام الأمان لبقائه واستقراره، فإنعدام الشرطة يعنى خلل في مفهوم الأمن بالمجتمع حيث ستسود الفوضى والسرقة والتخريب وأعمال النهب والاعتداء بأشكالها المختلفة.
بمجرد وصولنا إلى مكتبه، وبعد ما رحب بنا و استقبلنا بشكل جيد واحترام كبير، بدأنا على الفور بالحديث الدافىء حول آبائنا وعائلاتنا والعديد من الأصدقاء والأحبة من مسقط رئسيْنا في بلدية بن طلحة ببراقي .
كان من الغريب أنه في الوقت الذي كنا نتحدث فيه بشكل أساسي عن الذكريات القديمة، كان الصديق المدير العام واقفا فطلب مني أن أرافقه إلى المكتب المجاورو هناك أحاطني بنظرات فضولية ثم أخبرني أنه يريد فقط معرفة ما إذا كان الرجل الذي رافقني ضابط شرطة حقًا.
وبناءً على سؤاله، أجبته بكذبة بيضاء حفاظا على راحة زميلي، و عوض أن أخبره أنه حافظ أمن(brigadier-chef، AOP) أخبرته أنه ضابط في الشرطة القضائية ، و أنه ايضا موهوب في هذا التخصص .
تجرأت في الحقيقة، لما اخبرت صديقي الرئيس المدير العام للشركه كذبا بمنصب مرافقي، لكن حبي واحترامي لمهنتي وجميع زملائي مهما كانت رتبهم، جعلني اتصرف بهذا الشكل حفاظاً على مشاعر وكرامة زميلي المرافق و الذي تأثر لشدة أن دمعت عيناه بعدما اخبرته بحقيقه ما صرحت به بخصوص رتبته...
يتبع...