333
0
مذكرات شاهد على سنوات الجمر الحلقة "53"
بقلم اسماعين تماووست
و أخيرًا ، تمنيت كثيرا أن ينجحا ، الأول في عمله و حرفته والآخر في وظيفته الجديدة و الأولى في الفترة التي قضيتها في منطقة العبزيز.،كنت أقوم بجولات يومية في أماكن مختلفة في هذه الضاحية ، متأثرا وعليلا من الجريمة الرهيبة، كانت تلك المنطقة نائية ومحاطة ببساتين شاسعة وغابات صغيرة ، لذا كان المكان محيرا و مزعجًا.
ذات مرة كنت مع زميلي داخل سيارتي ،التي كانت تركن على جانب الطريق في العبزيز ، وصلت مجموعة صغيرة من الفتيات ، حاملات حقائبهن اليدوية ، بالقرب منا، وفجأة ، انفصلت إحدى المراهقات عن المجموعة المذكورة لتأتي نحونا. كنت جالسًا في المقعد الأيسر للسيارة وكان الباب نصف مفتوح، اقتربت الفتاة مني فنظرت إليها ، حقا أنها كانت آية الجمال ،و قبل أن تخرج أي كلمة من ثغرها ، كانت قد رسمت عليه ابتسامة ناعمة وساحرة،بعد ذلك ، ألقت السلام بلطف ، ثم أخبرتني بأنها تعرف أننا ضباط شرطة ، وأنها تريد الحديث معي ، لكنها تفضل أن يكون في مكان بعيد و في مأمن عن أنظار سكان القرية طبعا قبلت بدون أي اعتراض.
وعليه ، حددت بالفعل موعدًا لي في منطقة بوقرة بجوار المتوسطة حيث كانت متمدرسة، في الواقع ، لقد سألتها عن اسمها ، وكان ذلك فقط من باب الحيطة والحذر، لكنها دون أي تردد وفورا ، أخبرتني بإسمها، برشاقة وابتسامة ، غادرتنا وهي تتجه نحو المنزل.
كانت تسير ببطئ على الطريق الضيق إلى حد ما بينما كنا نراقبها بهدوء ، ولحظة بعد لحظة لم يبق منها سوى ضلها التي بدا وكأنه يتحرك من بعد المسافة ، ثم تلاشت بعيدًا تماما،تصرفاتها و جرأتها في التصرف و الحديث زاد شكلها رونقا وجمالا و لطفا.
وحين غادرتنا التلميذة تلقيت مكالمة عبر الراديو تبلغني أن شخصًا كشف لي في الوقت نفسه عن اسمه الأول، وقد اتصل بي وأنه سيعاود الاتصال بي بعد حوالي ساعة.
والحقيقة أنني أعرف هذا الرجل جيداً مثلما عرفت سبب اتصاله بي، ووقتها أخبرت ضابط الشرطة المسؤول عن أمانة المركز بأن يحدد له موعدًا بعد ساعة في المكان المعتاد، كان هذا المكان عبارة عن مقهى في الغرابة يقع في وسط مدينة بوفاريك، يملكه مجاهد شجاع والذي حارب منذ الساعة الأولى للثورة ضد الاستعمار.
هذه أخبار ثمينة، تجبرني على الابتعاد عن المكان الكئيب حيث كان الخطر أكثر من وشيك،علاوة على ذلك، فإن التلميذة الصغيرة ، كانت تعرف جيدًا حقيقة من نكون لذلك، من المؤكد أن أشخاصًا آخرين كانوا يعرفون ذلك أيضًا، في الواقع، كان لدي قناعة عميقة بأن العديد من سكان الدوار المذكور الذين كانوا متورطين منذ فترة طويلة كشركاء للإرهابيين الذين تسللوا داخل ملاجئهم وآخرين كانوا سيساعدونهم في مناطق مختلفة وذلك من أجل تشجيعهم أكثر على ارتكاب الجرائم....
يتبع...