بقلم محمد بوكريطة الحسني
* القائد مراد الرئيس (الاسم المستعار، يناير جانزون) أو مراد الريس الشاب، ولد في هارلم، هولندا عام 1575،ومن المِؤكد أن القليل يعرف عن سنواته الأولى، و يعتقد أنه تزوج في شبابه بإمراة هولندية وكان له طفل وقد نشأ مراد في مدينة هارلم بهولندا، وفقا لبعض المصادر التي في حوزتنا، فقد استولى عليه القراصنة العثمانيين وّذلك في عام 1618، قبالة جزيرة "لانزاروت" (جزر الكناري) و اقتيد أسير إلى الجزائر العاصمة.
و بعد ما اعتنق دين الإسلام ونظرا لكفاءته العالية في ميدان الحرب ومستواه الثقافي العالي أصبح رئيسا للبحرية الجزائرية أو القائد تحت اسم الريس مراد الشباب و في عام 1620فضل العمل في سواحل سلا (المغرب) لأن في تلك الحقبة كانت الجزائر مرتبطة بعدة معاهدات سلام مع الدول الأوروبية مما يجعل أعمال القرصنة أكثر صعوبة في منطقة الجزائر .
* في عام 1624، و في محاولة لاستعادة ما يشبه السيادة على سلا، عينه السلطان المغرب محافظ و في عام 1627 وبمعية عبدا من شمال أروبا اشتراه لهذا الغرض، أطلق الريس مراد غارة على أيسلندا و تم له الاستحواذ على242 شخصا كلهم من الشباب ، وأخذوا كأسرى.
قرر مراد غزو جنوب إيرلندا و بالتحديد مدينة بالتيمور ، ومراد رايس رحمه الله ثلم وجه الصليبيين الإنجليز أكثر من مرّة ، ورغم أن بعض المؤرخين لا يزالون يئنّون من ما يسمّى إلى اليوم بسبي بالتيمور و تبعية هذا الغزو، والمدينة البحرية الهادئة جنوب جزيرة شانون الايرلندية وكانت إيرلندا تخضع للتاج البريطاني في ذلك الوقت، وقد نزل بساحتها رجال مراد رايس صباح العشرين من يونيو سنة 1631 ميلادي فجعلوه أثرا بعد عين واقتادو أكثر من 100 أسير و حسب بعض المصادر تجوز عدد الأسرى المئة وقد بيعوا عبيدا في سوق نخاسة عاصمة الجزائر وقد روى المؤرّخ الفرنسي مشاهدته بعضهم يباعون هناك.
وإلى اليوم لا تزال بالتيمور تذكر هذا الرّجل وقد أطلق أحدهم على فندقه إسم فندق الجزائر ويمكن لزائري تلك المدينة ملاحظة ذلك إلى اليوم،وتقول بعض الرّوايات أنّ المختطفين اشترطوا فدية 40 ليرة ذهبية عن كلّ أسير، و نودي في النّاس من الكنائس لجمع المبلغ لكنّهم لم يقدروا على ذلك، فقد كان متوسّط الأجر السنوي يعادل ثلاث ليرة وانتهى الأمر بالفشل.
و دائما حسب بعض المصادر الشحيحة فيما يخص هذا الموضوع يروى في التاريخ الأوربي أنه تم أسر مراد ريس بالقرب من تونس العاصمة من قبل فرسان مالطة، و بعد السبي، كان مسجونا في زنزانات مظلمة في جزيرة مالطا، وهناك أصبح ضحية لسوء المعاملة والتعذيب، مما أثر على صحته، وأفرج عنه في عام 1640 على إثر هجوم كبير قام به داي تونس.
ومع ذلك، يبقى هذا الرجل العظيم محل إهتمام الباحثين و المؤرخين خاصة في أروبا وللأسف الشديد تهميشه من طرف أبناء بلده ، على كل تبقى مبادرة تسمية الضاحية الغربية للجزائر العاصمة باسمه "بئر مراد رايس" من أهم ما قدم لهذا الرجل ، و هذه اللفتة تستحق الثناء على كل حال حيث كانت بمثابة تكريما و عرفان لما قدمه في حماية البحر الأبيض المتوسط بصفة عامة و الجزائر بصفة خاصة من الاستفزاز الصليبي آنذاك.