79
0
لجنة الدفاع الوطني تستمع لخبراء ومجاهدين حول اقتراح قانون تجريم الاستعمار الفرنسي

في إطار دراسة اقتراح القانون المتعلق بتجريم الاستعمار الفرنسي في الجزائر، عقدت لجنة الدفاع الوطني بالمجلس الشعبي الوطني، اليوم الثلاثاء، جلسة استماع بحضور خبراء، مختصين، وممثلين عن منظمات تاريخية ووطنية.
شروق طالب
وافتتح الجلسة رئيس لجنة الدفاع الوطني، النائب يونس حريز، معربا عن اعتزازه بحضور الضيوف ومساهمتهم في إثراء النقاش حول اقتراح قانون وصفه بـ «المفصلي والهام لكل الجزائريين».
وأكد أن إحالة هذا النص على اللجنة تعد محطة تاريخية تحمل دلالات رمزية وسيادية عميقة، ووفاء لتضحيات الشعب الجزائري وما تعرض له من جرائم جسيمة خلال الفترة الممتدة من 1830 إلى 1962.
وأوضح حريز أن الاستعمار الفرنسي حول الجزائري إلى غريب على أرضه، مجردا من أبسط حقوقه الإنسانية، في حين كان المستوطن يتمتع بامتيازات فوق القانون، بما يعكس طبيعة منظومة استعمارية قائمة على القمع والإقصاء.
واستعرض أبشع الجرائم المرتكبة، من مذابح جماعية وحرق للقرى وإبادة للقبائل، وصولا إلى التمثيل بجثث المقاومين وقطع رؤوسهم وعرضها في متاحف بباريس، في تناقض صارخ مع الشعارات الفرنسية حول الحرية وحقوق الإنسان.
كما تطرق إلى التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية، معتبرا إياها من أخطر الجرائم الاستعمارية لما خلفته من كوارث بيئية وصحية ما تزال آثارها قائمة إلى اليوم، مؤكدا أن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم وترقى إلى جرائم ضد الإنسانية تستوجب اعترافا رسميا وتحملا كاملا للمسؤولية من الطرف الفرنسي.
وأضاف رئيس اللجنة أن الاستعمار سعى إلى طمس الهوية الوطنية الجزائرية بمحاربة الدين واللغة، وتحويل المساجد إلى إسطبلات، والمقابر إلى منشآت إدارية، فضلا عن محاولات بث الفرقة وإثارة الفتن لضرب وحدة الشعب الجزائري.
وأشاد بوعي الجزائريين الذين حافظوا على وحدتهم، مذكرا بمجازر 8 ماي 1945 في سطيف وقالمة وخراطة.
وأكد حريز أن ثورة أول نوفمبر 1954 جاءت ردًا حتميًا على الظلم والاستبداد، وأن تلاحم الشعب مع ثواره الأبطال مكن الجزائر من نيل استقلالها واسترجاع سيادتها.
وشدد على أن تجريم الاستعمار لا يعني الدعوة إلى الكراهية أو العداء للشعب الفرنسي، بل هو انتصار للعدالة وحفظ لذاكرة الشهداء.
من جهته، أكد المجاهد حمزة العفوي، الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين ، أن فرنسا منذ دخولها الجزائر ارتكبت أبشع الجرائم، غير أن كل قرية جزائرية علمت المستعمر درسًا في المقاومة والتمسك بالقيم.
وذكر بمقاومة الشعب رغم قلة الإمكانيات، حيث كان المجاهدون يعتمدون حتى على مخلفات الحروب في تسليح أنفسهم، مشيدا بدور مجموعة 22 في تمهيد طريق الثورة التحريرية، وبإسهام الكشافة والعلماء والزوايا في الحفاظ على الهوية الوطنية والدين.
وأكد أن فرنسا غادرت الجزائر مهزومة، بعدما استعانت حتى بشعوب مستعمراتها الأخرى.
بدوره، عبر خليفة سماتي، الأمين العام للمنظمة الوطنية لأبناء الشهداء، عن دعم منظمته الكامل لمبادرة إصدار قانون تجريم الاستعمار الفرنسي، معتبرا إياها خطوة تاريخية تنسجم مع مواقف الدولة الجزائرية الرامية إلى حماية الذاكرة الوطنية من محاولات الطمس والتزوير.
وأشاد بجهود المجلس الشعبي الوطني ولجنة الدفاع الوطني في إعداد ودراسة المشروع، مؤكدا استعداد المنظمة لتقديم مقترحات تاريخية وقانونية تثري النص.
هذا وقدم سماتي بعض الاقتراحات فيما يخص اقتراح قانون تجريم الاستعمار الفرنسي, على غرار ضرورة الدقة في المصطلحات الواردة في مشروع القانون، خاصة ما يتعلق بتوصيف الاحتلال في ضوء القانون الدولي، وتصحيح بعض الجوانب التاريخية المرتبطة بالفترة التي سبقت العدوان الفرنسي سنة 1830، بما يكرس الحقيقة التاريخية ويعزز قوة النص القانوني.
مشروع قانون تجريم الاستعمار الفرنسي يستند إلى المرجعية القانونية الدولية

في تصريح لـجريدة بركة نيوز، أوضح النائب بالمجلس الشعبي الوطني وعضو لجنة الدفاع الوطني بصيري مصطفى أن مشروع قانون تجريم الاستعمار الفرنسي يتكون من خمسة فصول تضم 27 مادة، ويهدف إلى تجريم الاستعمار الفرنسي في الجزائر منذ 14 جوان 1830 إلى غاية 5 جويلية 1962.
وأكد أن المشروع يستند إلى المرجعية القانونية الدولية، خاصة اتفاقيات جنيف لسنة 1949، ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وميثاق الأمم المتحدة، التي تجرم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والاستعمار.
وأشار إلى أن الاستعمار الفرنسي ارتكب جرائم جسيمة في الجزائر، شملت القتل الجماعي، التجويع، التهجير، تدمير القرى، طمس الهوية الوطنية، إضافة إلى الجرائم النووية والبيئية في الصحراء الجزائرية، والتي لا تزال آثارها قائمة.
كما أوضح أن مشروع القانون يحمل الحكومة الفرنسية مسؤوليتها عن ماضيها الاستعماري، فضلا عن مطالبتها بالاعتراف والاعتذار الرسمي والتعويض.

