نصٌّ بقلم: د. عبد الرحيم جاموس

لا تَبِيعُوهُ مواقِفَ مِن بَعِيدٍ...
لا تُسْمِنُ، لا تُغْنِي مِن جُوعٍ،
في سوقِ السِّياسَةِ...
تُباعُ المواقِفُ كما تُباعُ التَّماثِيلُ،
بعضُها مِن خَشَبٍ هَشٍّ،
وبعضُها مِن فُولاذِ الحَدِيدِ.
***
لا لِلنِّخاسَةِ في سوقِ السِّياسَةِ،
ولا لِبَيْعِ الضَّمَائِرِ والعَبِيدِ،
فَنَحْنُ شَعْبٌ عَرَبِيٌّ أَبِيٌّ،
جُبِلْنَا عَلَى المُقَاوَمَةِ جِيلًا بَعْدَ جِيلٍ،
لا تَهْتَزُّ لَنَا قَنَاةٌ،
ولا نُهَابُ لِقَاءَ العِدَى،
لا نُساوِمُ، لا نَمِيلُ، لا نَلِينُ،
ثابِتُونَ في مَيَادِينِ الفِداءِ،
صَامِدُونَ في مَيَادِينِ الحَياةِ،
وفي الإِبْداعِ لَنَا رَايَاتٌ خَفَّاقَةٌ.
***
تَجِدُنا مُبْدِعِينَ في مُواجَهَةِ الأعَاصِيرِ،
صَامِدِينَ كَالطُّودِ الرَّاسِخِ،
زُنُودُنا صَلْبَةٌ،
أَصْلَبُ مِنَ الرُّمْحِ والحَدِيدِ،
لا نَنْكَسِرُ أَبَدًا...
ثابِتُونَ رُغْمَ العَواصِفِ والخُطُوبِ.
***
نَحْنُ شَعْبٌ أَشَمُّ،
قَدَمَاهُ مَغْرُوسَتَانِ في الصَّخْرِ والتُّرابِ،
خُطَاهُ لا تَحِيدُ عَنِ الدَّرْبِ،
ولا تَنْكَسِرُ أَمَامَ الرِّيَاحِ العَاتِيَةِ.
***
رُؤُوسُنا عَالِيَةٌ،
تُعَانِقُ السَّحابَ والنُّجُومَ،
وأَصْوَاتُنا تَعْلُو بالحَقِّ،
تَمْلَأُ الكَوْنَ حَيَاةً وإِصْرَارًا،
صَوْتُنا هُوَ العَدْلُ، هُوَ الحَقُّ،
صَوْتُنا باقٍ، لا يَنْكَسِرُ، لا يَخْفُتُ،
مُسَلَّحِينَ بالعَدْلِ، بالحَقِّ، باليَقِينِ،
نَسْحَقُ أَوْهَامَ الأعْدَاءِ،
ولا نُخْدَعُ بالسَّرَابِ أوِ الزَّيْفِ.
***
لا تَبِيعُوهُ مواقِفَ مِن بَعِيدٍ...
لا لِسُوقِ التَّعَاسَةِ والإِبَادَةِ،
لا لِسُوقِ النِّخَاسَةِ والتِّيَاسَةِ،
نَعَمْ للعَدْلِ، للعِزَّةِ، وللحَقِّ المُبِينِ،
نَعَمْ للحَيَاةِ، للحُرِّيَّةِ، وللكَرَامَةِ السَّامِيَةِ....!