375
0
خطاب الذبيحة في محكمة العدل الدولية
بقلم : عيسى قراقع
السيد رئيس محكمة العدل الدولية: أنا غزة الذبيحة الشهيدة، أشكر دولة جنوب افريقيا التي حملت جثتي لأكون شاهداً في الدعوة المرفوعة من قبلها على حكومة الاحتلال الصهيوني بتهمة ارتكاب جريمة إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، والتي ستعقد جلساتها يومي 11-12 كانون الثاني 2024، أقف أمام هيئة المحكمة لأدلي بمرافعتي الطويلة، وأتمنى أن تتحملوا حديث النار والحريق الذي يلتهم جسدي، آلاف الشهداء والجرحى والمعاقين والمفقودين والمعتقلين والجوعى لا يستطيعون الكلام، كلام الموت والدم والرصاص والغبار والجحيم والفناء والصدى. شكراً لدولة جنوب افريقيا التي أخرجتني من القبر الهائل المفتوح لأقف أمام أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة بعد أكثر من ثلاثة شهور من الصمت والعجز والتفرج على القبح والبشاعة والانحطاط والفاجعة التي تطحن أبناء شعبي دماراً وهولاً وبراكيناً من البشر تزداد اشتعالاً تحت القصف والقنابل والهدم والقنص والتهجير والإعدامات، وتحوّل الزمان والمكان والطبيعة والمفاهيم والمستقبل إلى رماد، إنه العار التاريخي والإنساني عندما تصهر مبادئ العدالة وكرامة الإنسان في أفران الموت المصبوب فوق رؤوس الناس في غزة، تلتهم الجميع: الأرض والسماء والقوانين والحياة.
السيد رئيس محكمة العدل الدولية: هل كان على الموت المستمر في قطاع غزة أن يكون إبادياً ليشغل ضمير العالم؟ وأن لا تمر الجرائم دون احتجاج، فكم مرة على الفلسطيني أن يموت ليكون له صوت بعد الغياب؟ وكم مرة سنولد من تحت الركام حتى يستيقظ الموت الحي وتصدر لائحة اتهام ضد المجرمين، وتتحرك مواد ونصوص القانون الدولي بين أكوام اللحم البشري المحروق في مدن ومخيمات وحارات وأحياء غزة، هل رأيتمونا أخيراً قتلى ومبادين نبحث عن ضوء وقبر ومكان آمن وقطرة ماء؟ ربما تأخرتم كثيراً وأنتم تفتشون عن هدنة بين الحياة والموت، وتركضون بين الغارات والانفجارات والتحليل والتدقيق في صياغة النصوص وتجميع الأجساد الممزقة للتعرف على وجه الضحية والحقيقة المدفونة في الخراب.
أنا غزة الذبيحة الشهيدة المطاردة والمطرودة والملاحقة من الفاشية الصهيونية والأمريكية والتي تبحث عن حياتها وتبحث عن نجاتها بأيديها العارية، القتل أمامنا وتحتنا وفوقنا ومن كل الجهات، في المنازل وفي أماكن اللجوء وفي المستشفيات وفي المدارس وفي الكنائس وفي المساجد، وخلال محاولتنا العثور على الماء والغذاء، القتل في السجون والمعسكرات، والقتل بعد القتل في المقابر وهرس الجثث بالدبابات والجرافات، إنها حرب على الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى والصحفيين والأطباء والمعلمين والأكاديميين والكتاب والفنانين ورجال الإسعاف، والأجنة والرضع والمصابين في انتظار الموت الذين يموتون ببطء، لا مكان للفرار تقتل وأنت تحمل الراية البيضاء، الناس صاروا كرات بشرية تتدحرج بين الشظايا والرصاص.
أنا غزة الذبيحة الشهيدة، أقف أمام محكمة العدل الدولية، قادم من المقابر الجماعية، ومن تحت المنازل المدمرة، أحمل صوت الضحايا والدمار والجثث المتحللة، الرعب والتهديد والخوف والأمراض المعدية، مجزرة تتلوها مجزرة، غزة التي تفيض بالدماء، محو الحياة الإنسانية والتاريخ والمستقبل الفلسطيني والذاكرة، وحوش صهيونية في كل مكان، منفلتون بلا حساب أو عقاب، كل شيء مدمر، يستمتعون ويحتفلون بارتكاب الإبادة الجماعية والانتقام، القتل في غزة لعبة وتسلية ومتعة، خطابات وتحريضات إبادية من كل المستويات الصهيونية وحلفائها، حولوا غزة إلى أرض بور لا يصلح للعيش، محو غزة من الوجود، مزيداً من إسقاط القنابل والعمليات العسكرية، مزيداً من الاعتقالات والإهانات والنهب والسرقات والمداهمة، الجميع يستحق القتل، يجب تحويل الجميع إلى غبار، وتنظيف غزة من سكانها، حولوا غزة إلى مسلخ، خطابات الكراهية والسادية والعنصرية، تدمير الشعب الفلسطيني، قصف بلا رحمة، نكبة تطغى على نكبة، لا يوجد أبرياء في غزة، هيروشيما القرن الواحد والعشرين، غوانتنامو واوشفيتس، الإخفاء القسري والتعذيب والاغتصاب.
الرئيس الإسرائيلي يكتب بخط يده رسائل على القنابل التي ستلقى على غزة، الهمجيون الصهاينة هنا، الإرهاب المنظم، القدس لم تتمكن من الصلاة في عيد الميلاد هذه السنة، القدس والعدالة تصلب.
السيد رئيس محكمة العدل الدولية: أنا غزة الذبيحة والشهيدة، هناك من يسعى لتجريدكم من اختصاصكم في ملاحقة مجرمي الحرب، وهناك من يسعى لإبقائنا في المنافي والزنازين والهاوية، القرارات الدولية تتكرر مثلما تتكرر المذابح بحق شعبي منذ 76 عاماً، طوابير الموت تتسع وتتشابه، إنه فائض الموت الذي يجب أن يضع دولة المجرمين الصهاينة في قفص الاتهام، ولأني أعرف أنه ليس للمحكمة صلاحيات تنفيذية، ولكني أراهن على الشرعية الأخلاقية والقانونية للقرارات الصادرة عن المحكمة، أراهن أن يعود جسدي المحمول إلى بيته أو إلى قبره وإلى أحلامه غداً، فاستعادة الحق وإن تأخر قليلاً فإنه لن يتأخر أبداً. السيد رئيس محكمة العدل الدولية: أنا غزة الذبيحة الشهيدة، لا زلت أعيش في رعب مطلق، بينما يستمر البرابرة الصهاينة في قصف غزة بلا هوادة وبلا قيود، الناس تعاني الموت والحصار والحرمان من كل شيء، لقد نفذت كل الكلمات، يموت طفل كل عشرة دقائق، غزة مقبرة للأطفال، إنه فشل قانوني وأخلاقي لكل مؤسسات المجتمع الدولي، لم تستطع أن توقف هذه الحرب الجهنمية، الظلام يعم العالم، وأنا في جلسة استماع في هذه المحكمة، أحتاج إلى من يسمعني، وأحتاج إلى قرار يعيدني إلى الحياة سيداً حراً كاملاً على أرضي، أريد أن أعود إلى غزة غير المشوهة والمحترقة، إلى عائلتي المتكاملة وليست المبادة، إلى هويتي ووطني وحقي في المقاومة وتقرير المصير والحرية والاستقلال، أريد أطفالي غير معاقين أو مصدومين أو ضائعين، وأتمنى أن لا تفشل مرة أخرى كل القرارات والتشريعات الدولية في إلقاء القبض على المجرمين ومحاسبتهم دولياً.
أيها القضاة: دافعوا عن وطن الإنسان والسلام والعدل المفقود، حرروا الأرض من الطغاة، لقد مللنا اللغات والمعايير المزدوجة، الجريمة ضد الإنسانية واضحة، أنا هنا في قاعة المحكمة، ولكن روحي في القدس وجنين وغزة باقية. السيد رئيس محكمة العدل الدولية: أنا غزة الذبيحة الشهيدة، شكراً لدولة جنوب افريقيا، وأختم كلمتي بما قاله المناضل الكبير نيلسون مانديلا: نحن نعلم جيداً بأن حريتنا لا تكتمل إلى بحرية الفلسطينيين.
نادي الأسير: معتقلون تعرضوا للتنكيل والتعذيب في "مجدو" منذ بدء العدوان
قال نادي الأسير "إن سجن "مجدو" شكل أحد أبرز السّجون التي شهد فيها المعتقلون عمليات تعذيب وتنكيل، كانت الأشد، إلى جانب ما جرى في سجن "النقب"، بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر".
وأوضح، في بيان صحفي، صدر اليوم، أن "مجدو" يعتبر من السّجون المركزية التي يحتجز فيها الاحتلال المعتقلين، وبعد السابع من أكتوبر خرجت عشرات الشهادات حول ما نفّذته قوات القمع التابعة إلى إدارة السّجون، إلى جانب وحدات من جيش الاحتلال، حول عمليات التّعذيب والتّنكيل الوحشية التي تعرضوا لها بشكل ممنهج وجماعي.
وشكّلت عمليات الضرب المبرّح، وعمليات الاقتحام الوحشية، أحد أبرز ما تضمنته شهادات المعتقلين، إلى جانب ظروف الاحتجاز القاسية جدا، والتي تندرج في إطار عمليات التّعذيب الممنهجة. وفي بداية العدوان الأكبر على المعتقلين بعد السابع من أكتوبر، نقل العديد منهم، ومنهم قيادات في الحركة الأسيرة إلى سجن "مجدو"، وتحديدا في العزل، بعد عمليات تنكيل، وتعذيب، وضرب مبرح تعرضوا لها، ووضعوا فعليا في عزل مضاعف إلى أكثر من مستوى، جرّاء حرمان الأسرى من زيارة عائلاتهم، وتجريدهم من أي وسيلة تطلعهم على ما يجري في الخارج، فقد تم تجريد جميع الأسرى من (أجهزة التلفاز، والراديو)، والمتاح اليوم هي زيارات محدودة تجريها الطواقم القانونية في ظروف صعبة ومشددة.
وإلى جانب الاعتداءات الوحشية والمروعة في السّجن، فإن إدارة السّجون تواصل نهجها في سياسة التجويع التي أثرت على أوضاعهم الصحيّة، بالإضافة إلى البرد القارس الذي فاقم بشكل كبير من معاناتهم، وما يرافقه من حرمان الأسرى من توفير ملابس، وأغطية بشكل كافٍ، عدا عن الاكتظاظ الشديد الذي تشهده الأقسام.
وبعد السابع من أكتوبر، ارتبط اسم سجن "مجدو" بارتقاء ثلاثة شهداء، نتيجة لعمليات التّنكيل والتّعذيب والجرائم الطبيّة، حيث ارتقى فيه كل من الشهيد عمر دراغمة من طوباس، وكان ذلك في تاريخ 23/10/2023، والشهيد عبد الرحمن مرعي من سلفيت، في تاريخ 13/11/2023، بالإضافة إلى الشهيد عبد الرحمن البحش من نابلس، الذي ارتقى في تاريخ الأول من يناير 2024. وكانت من بين الشهادات الأولى والأبرز التي صدرت من سجن (مجدو) عن المعتقل (ع.ح)، الذي روى تفاصيل مروعة عن عمليات الضرب بشكل أساس، وتحديدًا التعمد بضرب المعتقلين على مناطق حساسة في الجسد، حيث تركزت عمليات الضرب على الرأس والظهر.
وقد وصف سجن "مجدو" بسجن (أبو غريب)، كما أنّ غالبية المعتقلين في الغرف ينامون على الأرض، ولم تُستثنَّ أي فئة من عمليات الضرب والتنكيل، بمن فيهم الأطفال، عدا عن الشتائم والألفاظ النابية التي يتلقاها المعتقل، خلال عمليات الاعتداء عليه.
ونوه إلى أن جميع من تعرضوا لإصابات جرّاء عمليات التّعذيب والتّنكيل لم يتلقوا العلاج، وتعرضوا لجرائم طبيّة، وكان ذلك بارزا في إحدى الشهادات حول ظروف استشهاد المعتقل عبد الرحمن البحش.
الأسرى ضمير الشعب الفلسطيني
حديث القدس
قدمت الحركة الاسيرة الفلسطينية تضحيات جسيمة داخل المعتقلات وعاشت المعاناة بكل تفاصيلها وتجلياتها ، ورغم ذلك بقيت ولا زالت القضية المركزية التي تعبر بوضوح عن النضال الفلسطيني الحر والمشروع لتحرير فلسطين بصمود الاسرى وانتماءاتهم وولاءاتهم السياسية التي تعبر عن نخبة وقيادة الشعب الذين اختاروا أسرة السجون والزنازين والمنفردات ليعيشوا حلمهم الجميل ، ومهما طال الزمن فانهم يؤمنون بحتمية النصر والتحرر من السجون وظلامها وعذاباتها .
منذ السابع من اكتوبر انشغل العالم بقضية المحتجزين الاسرائيليين والاجانب الذين اعتقلتهم المقاومة واقتادتهم الى غزة وعددهم لم يتجاوز 240 محتجزا ( بقي منهم 136) بينما ارتفع عدد المعتقلين الفلسطينيين بموازاة ذلك الى اكثر من سبعة الاف من الضفة الغربية والقدس وغزة والداخل ومع وجود الالاف من الاسرى الذين يمضون فترات اعتقالية تصل الى احكام مؤبدة وعالية جدا ، فان السجون باتت تزدحم بالسجناء الفلسطينيين الذين يعانون من ابشع انواع التعذيب والتنكيل ردا على ما جرى في السابع من اكتوبر ووسط تغييب متعمد من اسرائيل لصورة اوضاع السجناء وظروف اعتقالهم وسلامتهم ، وفي الوقت الذي استشهد فيه عدد من الاسرى جراء الضرب والاعتداء من قبل السجانين ، وكل ذلك يأتي في ظل غياب الاهتمام بقضية الاسرى نظرا للسياسة الصهيونية التي فرضت اجراءات معقدة ولا زالت تحتجز المئات منهم وخصوصا من قطاع غزة في معسكرات وقواعد للجيش دون ادنى المقومات الانسانية البسيطة وفي ظروف احتجاز مؤلمة .
المفروض ان تقرع قضية الاسرى الفلسطينيين الذين يعانون منذ بداية الاحتلال ولسنوات طويلة ، كونها قضية الشرفاء والاحرار، جرس الانذار العالمي لتنبه العالم الى هذه القضية الانسانية ليقوم بواجبه في ضوء السياسة الاسرائيلية التي وصلت الى حد القتل والموت البطيء للسجناء بمنع المرضى منهم من العلاج والتنكيل والاجراءات العقابية القمعية الاخرى ، واذا كانت الولايات المتحدة وعدد من الدول التي تسبح في فلك الكيان الصهيونى وتساند عدوانه على الشعب الفلسطيني مهتمة بقضية المحتجزين لدى المقاومة وتعبر عن قلقها وحرصها على تحريرهم من الحجز ، فان الاحرى بها ان تنظر ايضا الى قضية الاسرى الفلسطينيين وضرورة الافراج عنهم. بالامس اتهم اجيت سونغاي وهو مسؤول في مجال حقوق الانسان في الامم المتحدة اسرائيل باساءة معاملة المعتقلين الفلسطينيين وقال انه التقى بمجموعة افرج عنها وتعرضت للتعذيب وتعصيب الاعين كما تم اطلاق سراح عدد من الاسرى وهم بملابسهم الداخلية رغم ظروف الطقس الباردة .
تقدم اسرائيل مبررات غير مقنعة امام الرأي العام العالمي وتدعي انها تعامل الاسرى وفقا للقانون الدولي وهذا التبرير لا يتوافق كليا مع مشاهد الاعتقال والتنكيل وحجز وايقاف المعتقلين الفلسطينيين لفترات طويلة وهم بالاغلال اضافة لحرمانهم من النوم ومن زيارات الاهالي والمحامين وكل ذلك يجري امام انظار العالم الصامت . الاسرى هم ضمير الشعب الفلسطيني فهل توقظ قضيتهم ضمير العالم من اجل حقوقهم الشرعية التي تكفلها المواثيق والقوانين الدولية ؟ وهل تنبه تصريحات سونغاي العالم الى مخاطر قضية الاسرى الفلسطينيين لتجد حلا عادلا وجذريا ، ينتهي معه احد اهم الملفات في تاريخ القضية الفلسطينية .
طُوفَان الأَقَصَى قَّتَلْ الفِّئْرَان، وأغَرقَ الزُعَرانْ
بقلم : د. جمال عبد الناصر محمد عبد الله أبو نحل
كان فتحًا مبينًا، من خلال العملية الفدائية البطولية الكبيرة العظيمة، التي أثلجت صدور كُل أبناء فلسطين وجُل العرب، والمسلمين، وكافة الأحرار في العالم؛ وذلت المحتلين، تلك العملية المُشرفة سوف يُخلدها التاريخ المعاصر، ويسطرها في أنصع صفحات التاريخ، والتي جاءت ضد المحتلين الصهاينة الأوغاد الذين تجبروا وطغوا في البلاد، وأكثروا فيها الفساد، والدمار، وقتلوا الأطفال، والنساء، والشيوخ، وأحرقوا أيقونة فلسطين مدينة غزة، منبع الرجال، ومدينة الثوار الأبطال؛ ودنسوا المسجد الأقصى المبارك، وأحرقوا الأخضر، واليابس يهلكون الحرث، والنسل!؛ بل إنهم لم يكتفوا باحتلال تاج الأوطان العربية فلسطين، وتوسعوا في الاستيطان وقاموا ببناء جدار العزل بحماية عصابة جيشهم الجبان، وزادوا في الطغيان، واتبعوا سياسة الفصل العنصري "الأبرتهايد"، واغتصبوا مدينة القدس زهرة المدائن، وصاروا كل يوم يدنسوا ويقتحموا باحات المسجد الأقصى المبارك قبلة المسلمين الأولى مسرى، ومعراج سيدنا محمد صلى الله عليه، وسلم للسموات العلا؛ ودخلوا المسجد بأحذيتهم، وعربدوا، وزاد طغيانهم، وتوسع الاستيطان، وتوحش قطعان المستوطنين، فقتلوا النساء والشيوخ والأطفال، وعلملوا ليلاً، ونهارًا على هدم المسجد الأقصى المبارك، محاولين تقسيمهُ زمانيًا، ومكانيًا، ودنسوا المسجد الأقصى المبارك، وحفروا أسفله عشرات الأنفاق، وسحلوا، وسجنوا المصلين من المرابطين، وضربوا واعتقلوا النساء الحرائر من المرابطات، وقتلوا الكثير، والكثير من أبناء شعب فلسطين؛ وتكبروا، وطغوا وبغوا ولم يتركوا صغيرةً، ولا كبيرةً إلا وفعلوها، بِّدعمٍ أمريكي، وبريطاني، وغربي، وأوربي غير محدود لعصابة اليهود، وذلك لكُون عصابة الاحتلال الصهيوني لهم مهمة وظيفية في فلسطين؛ ومهمتهُم هي كلب حراسة لرعاية مصالح الغرب؛ فهم كالخنجر المغَرُوسْ في قلب فلسطين التي تشكل قلب الأمة العربية، والإسلامية. إن ما يجري حاليًا من مجازر صهيونية بشعة في غزة، واستخدام عصابة جيش الاحتلال المجرم النازي سياسة الأرض المحروقة، وتشكيل حزام ناري، وتسوية بيوت الفلسطينيين بالأرض، وقتل كل من فيها من السكان الأبرياء المدنيين العُزل؛ جاء بسبب تمريغ أنوف المحتلين بالتراب، ووضع أقدام المجاهدين الأفذاذ الأبطال، أحذيتهم فوق جماجم جنود المحتلين، وقتلهم، وأسرهم، في مشهد لم يتكرر من قبل، إلا في عملية طوفان الأقصى البطولية، والتي جاءت عبر تخطيط دقيق ومحكم بتوفيقٍ من الله عز وجل، وذلك في يوم السبت السابع من أكتوبر 2023م، بعد ذكري مرور خمسين عامًا على عبور الجيش المصري البطل قناة السويس، وتحقيق النصر يوم السادس من أكتوبر المجيد عام 1973م.
فبسبب استمرار الاحتلال، والحصار الجائر على قطاع غزة، والعدوان الصهيوني الشرس على مدينة القدس ومسجدها المبارك، واقتحام، واحتلال مُدن الضفة، وزيادة الاستيطان، وتواصل جرائم المستوطنين، وتواجد حكومة صهيونية دينية يمينه إرهابية مُجرمة متطرفة، كان الرد الصارم والحاسم، والجازم اشترك فيها حوالي ألف رجل من المجاهدين في عملية بطولية، واقتحموا مغتصبات غلاف غزة، برًا، وبحرًا، وجوًا من خلال خطة محكمة، وسرية، ومفاجئة، ومباغتة للعدو، وقاموا بالنزول لأول مرة خلف خطوط العدو بالطائرات الشراعية، ومن خلال البحر، والبر من تحت الأرض ومن فوقها، وحرروا تلك المغُتصبات لمدة يومين كاملين، وأسروا ضابط كبير برتبة لواء في الجيش الصهيوني بشكل مذل للكيان الغاصب؛ وأسِّرْوا، وقتلوا مئات من الجنود الصهاينة في عقر حُصونِهم فكان فتحًا، ونصرًا مبينًا جعل من عصابة المحتلين كالفئران، وقادة الكيان يتخبطون، ويفقدون صوابهم، وجُن جنونهم، فقرروا أن يمسحوا غزة من على وجه الأرض بمن فيها من خلال قصفها بالطيران الحربي، بدعمٍ أمريكي مباشر، فقصفوا القطاع بالقنابل الفسفورية، والعنقودية المحرمة دوليًا؛ وارتكبوا مجازر بشعة إجرامية يندى لها جبين الإنسانية!؛ وواصلت آلة القتل، والدمار الحربية الصهيونية قصف غزة، وليس مُستبعدًا لو استطاعوا احتلال قطاع غزة من جديد لفعلوا؛ ولكن أنى لهم ذلك؛ فلو مشت دباباتهم فوق جثامين الشهداء الأبرار؛ ولكن الشعب الفلسطيني لن يرفع الراية البيضاء؛ رغم أن الأوضاع الإنسانية مأساوية جدًا في قطاع غزة، بعدما نزح ألاف السكان فارين من القصف الهمجي الصهيوني البربري وتركوا بيوتهم وذهبوا لمدراس، وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، طلبًا للأمن والأمان؛ ولكن المدارس التابعة للأمم المتحدة هي الأُخرى لم تسلم من القصف الإجرامي الصهيوني؛؛ والأحداث حُبلي بالمفاجآت، وقد يحدث تصعيد خطير في كل منطقة الشرق الأوسط، ينذر بحرب إقليمية واسعة، وفتح جبهات قتال في أماكن أخُرى إن لم يتم تدارك الأمر.
إن زعيم عصابة العدو المجرم:"النتن ياهو"، يحاول أن يغطى على فشله من خلال ارتكاب بحر من الدماء لكي يُرضى غرور الغاصبين المحتلين المستوطنين، من خلال التغُول في سفك دم الشعب الفلسطيني قتلاً، ودمارًا حتى يهرب من خيبتهِ، وقِّلِة قِّيمَتِهِ، وفشله الذريع، وفشل مخابراته الداخلية الشين بيت، والخارجية الموساد من العلم بما أعدته المقاومة لهم من تلك العملية الفدائية البطولية الجليلة الكبيرة العظيمة.
إن زوال الاحتلال الصهيوني بات قريبًا، وهم أوهن من بيت العنكبوت، وإن معركة طوفان الأقصى وتحرير المُغتصبات لها ما بعدها وهي مقدمة إن شاء الله لتحرير المسجد الأقصى المبارك، وكل فلسطين التاريخية؛ وإن هذا العدوان الغاشم الجبان على شعبنا لن يفت من عضُده، وسيزيده قوة، وإصرارًا على مواصلة درب الجهاد والمقاومة حتى التمكين، والنصر؛ ونحن نقترب من ذلك بل هو أقرب إلينا من حبل الوريد؛ يرونه بعيدًا ونراه قريبًا وإننا لصادقون، وهي بداية النهاية للمحتلين اليهود المجرمين؛ قال تعالى: " إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا ".
الباحث، والكاتب، والمحاضر الجامعي، المفكر العربي، والمحلل السياسي
الكاتب الأديب الأستاذ الدكتور/ جمال عبد الناصر محمد عبد الله أبو نحل
عضو نقابة اتحاد كُتاب وأدباء مصر، رئيس المركز القومي لعلماء فلسـطين
رئيس مجلس إدارة الهيئة الفلسطينية للاجئين، عضو مؤسس في اتحاد المدربين العرب
رئيس الاتحاد العام للمثقفين والأدباء العرب بفلسطين، والمُحاضِّرْ الجامعي غير المتُفرغ
آهِ يا وجع القلب ياغزة
نص: د. عبد الرحيم جاموس
أما آن لهذا الوجع ان يتوقف ..
آما آن لهذا العدوان ان يجد من يردعه ..
ويأخذ كلُ ذي حقاً حقه....
ويرد له الصاع صاعين ..
كفى كفى ايها العالم الظالم تغمض عينك عن غزة ..
كفى كفى رقصا ايها الراقصون على أشلاء غزة ..
كفى كفى صمتا ايها الصامتون ..
لم تنطقكهم هول وحجم المأساة التي حلت بك يا غزة العزة ..
لقد استمرؤا بشاعة المشهد..
ولم تهزهم مجازر النساء والأطفال والشيوخ..
بل يزدادون تصفيقا للضحية ..
نعم نعم هم الصفقاء والبلداء ..
تبلدت احاسيسهم فلا يدركوا حجم المأساة ولا عمق الجرح يا
غزة..
آهِ يا وجعِ القلبِ يا غزة.