277

0

حين يسقط قرار إداري محلي «دولة الأوهام» على عتبة محافظة فرنسية

بقلم:ضياء الدين سعداوي

في مشهد يفيض بالسخرية السياسية تلقى فرحات مهني الذي يتخيل نفسه في صفة «رئيس» لكيان وهمي يسمى «دولة القبائل» ضربة قاسمة لم تأت من مواجهة عسكرية ولا من حراك شعبي ولا حتى من سجال دبلوماسي، بل من قرار إداري بسيط صادر عن محافظة إيفلين الفرنسية، قرار كان كافياً لإجهاض «إعلان إستقلال» لم يولد أصلا وتحويله إلى خبر عابر في سجل الممنوعات الإدارية.

بهذا القرار تهاوى خطاب انفصالي شيد على أوهام وتحولت «الجمهورية المزعومة» إلى سطر في مذكرة رسمية لا يختلف في جوهره عن قرارات تنظيم الأسواق الأسبوعية أو ضبط حركة المرور، إنها إهانة سياسية مكتملة الأركان لمشروع حاول إرتداء عباءة الدولة وهو عاجز حتى عن حجز قاعة دون موافقة السلطات المحلية الفرنسية.

 

المشهد في جوهره أقرب إلى كوميديا عبثية، «إعلان إستقلال» يفترض أنه يخص جزءا من التراب الجزائري يراد له أن يعلن على بعد أمتار من قصر فرساي وتحت أنظار الشرطة الفرنسية ، أي منطق سياسي هذا؟!! وأي قراءة للتاريخ والجغرافيا تسمح بتحويل القضايا الوطنية إلى عروض خارجية بلا جمهور ولا شرعية؟!!

ما يروج له فرحات مهني لا يرتقي إلى مستوى مشروع سياسي بقدر ما يعكس خطاباً شخصياً مأزومٱ غذته إخفاقات متراكمة واحتضنته دوائر معروفة بعدائها للجزائر رأت فيه أداة ضغط ظرفية لا أكثر، لذلك لم يكن مستغرباً أن يترك وحيداً عند أول اختبار جدي، وأن تسحب منه حتى المساحة الرمزية للمناورة.

تعيد هذه الواقعة التذكير بحقيقة راسخة الدول لا تعلن بين موائد الإستقبال، ولا تصنع بالتصريحات، بل تُبنى بالشرعية الشعبية، والتاريخ المشترك، والإجماع الوطني، أما حين تتحول السياسة إلى مسرح فمصيرها الإلغاء الصامت بقرار إداري أو التجاهل الرسمي.

ولمن يراهن على أن مثل هذه التحركات قد تربك الجزائر فإن الوقائع التاريخية تدحض ذلك ، فالجزائر التي واجهت في تسعينيات القرن الماضي أخطر مشروع تقويضي مسلح مدعوماً إقليمياً ودولياً وخرجت منه أكثر تماسكا لن تهتز أمام تحركات معزولة وشخصيات تفتقر إلى الوزن الشعبي والمصداقية.

ما جرى ليس سوى سقوط جديد لخطاب انفصالي بلا قاعدة ولا أفق، أما الجهات التي تروج له في بعض العواصم فلا تنظر إليه إلا كأداة مؤقتة ترمى عند إنتهاء صلاحيتها. وتبقى الجزائر رغم كل الضجيج أكبر من هذه الأوهام، وأكثر رسوخا من أن تقلقها مشاريع تسقطها… ورقة إدارية.

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services