68
0
يوم دراسي حول حوكمة البيانات وتحديات الذكاء الاصطناعي في شركات التأمين

نظم اليوم بالعاصمة يوم دراسي موسوم ب " حماية المعطيات الشخصية: التحديات ، الرهانات ، و التزامات شركات التأمين " بمبادرة من الاتحاد الجزائري لشركات التأمين وإعادة التأمين والمجلس الوطني للتأمينات، بالشراكة مع السلطة الوطنية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي.
نسرين بوزيان
ويأتي هذا اليوم الدراسي في إطار تعزيز التعاون المؤسساتي ومواصلة المقاربة التي تنتهجها السلطة الوطنية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي في مجال التحسيس والتكوين، بهدف ضمان الحماية الفعلية للمعطيات الشخصية عند القيام بإجراءات تأمين الأفراد والممتلكات، خاصة في ظل التحول الرقمي المتسارع الذي يشهده قطاع التأمين.
نموذج وطني يجمع الابتكار الرقمي وحماية البيانات
في كلمة افتتاحية، أبرز رئيس السلطة الوطنية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، سمير بورحيل، أن حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي لم تعد خيارا، بل أضحت ضرورة قانونية وأخلاقية ومجتمعية تعكس مدى احترام الهيئات والمؤسسات لحقوق المواطن في الخصوصية والأمن المعلوماتي.
مضيفا أن التطبيق الفعلي والسليم للمبادئ والإجراءات المنصوص عليها في القانون رقم 18-07 يمر عبر اعتماد أفضل ممارسات حماية البيانات داخل قطاع التأمين من خلال تكريس الإجراءات التقنية والتنظيمية، وضمان حقوق الأفراد، علاوة على تحقيق توازن مدروس بين الابتكار التشغيلي والالتزام الأخلاقي والقانوني في حماية بيانات الزبائن.
وأشار بورحيل إلى أن حماية المعطيات الشخصية تمثل مسألة محورية في العصر الرقمي لاسيما في قطاع حيوي كقطاع التأمين، حيث تتشابك البيانات الصحية والمالية والاجتماعية لتشكل بصمة رقمية فريدة لكل فرد، مؤكدا أن هذه المعطيات تقع في صلب ميثاق الثقة الذي يقوم عليه العقد الاجتماعي داخل المجتمعات.
كما شدد على أن المسؤولية في قطاع التأمين تزداد ثقلا باعتباره مستودعا لملايين المعطيات الشخصية، ما يجعل شركات التأمين في طليعة المؤسسات المطالبة بحمايتها من المخاطر السيبرانية والتسريبات والولوج غير المرخص، حفاظا على ثقة الزبائن وتفادي التحديات القانونية مع الالتزام بمبادئ الشفافية وتقليل البيانات وتعزيز الأمن السيبراني.
مبرزا أن القانون 18-07 شكل خطوة مهمة في حماية الحقوق الأساسية، غير أن المسؤولية الجماعية تتجاوز النص القانوني لتشمل اليقظة والشفافية والتميز في التطبيق.
وأضاف بورحيل أن التوجيهات الرشيدة لرئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، وما توفره السلطات العليا من إمكانات مادية وبشرية، تشكل فرصة سانحة لإرساء نموذج وطني رائد يجمع بين الابتكار الرقمي وصون الحياة الخاصة وحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي.
حماية البيانات رهان ومسألة سيادية للدول
من جانبه، أوضح ممثل كاتب المجلس الوطني للتأمينات ومدير الدراسات، عترون سرحان، أن تداول المعطيات ذات الطابع الشخصي وحماية الأشخاص الطبيعيين وحياتهم الخاصة يظل رهانا عالميا ومسألة سيادية بالنسبة للدول، نظرا لحساسية هذه المعطيات والمخاطر التي قد تنجم عن استغلالها لأغراض إجرامية أو تجارية بحتة، خاصة في عصر الرقمنة الشاملة.
وذكر بأن الاهتمام بحماية المعطيات الشخصية بدأ منذ ثمانينيات القرن الماضي على مستوى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي أصدرت أولى المبادئ التوجيهية المؤطرة لمعالجة المعلومات الشخصية داخل المؤسسات والإدارات.
وأشار سرحان إلى أن الجزائر انخرطت منذ سنة 2018 في هذا التوجه العالمي من خلال تشريع القانون 18-07، الذي ينظم بشكل صارم معالجة جميع المعلومات الشخصية مهما كان نوعها.
منوها في الوقت ذاته بالدور المحوري الذي يلعبه الذكاء الاصطناعي، وما يطرحه من إشكالات أخلاقية وقانونية عند الاستخدام غير المنضبط للبيانات خاصة تلك المتعلقة بالحياة الخاصة للأفراد.
وأضاف أن المجلس الوطني للتأمينات ومع دخول القانون حيز التنفيذ، بادر بمراسلة جميع المتعاملين في سوق التأمينات من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان الامتثال، وهو ما لقي تفاعلا إيجابيا من قبل العديد من الشركات التي أطلقت برامج تكوين لموظفيها، وحملات إعلامية، وراجعت إجراءاتها الداخلية لتكييفها مع التشريع الساري المفعول.
خصوصية البيانات أساس ثقة الزبائن

كما تضمن اليوم الدراسي مداخلات تناولت أهمية مطابقة نشاط قطاع التأمين لأحكام القانون 18-07، بالنظر إلى الحجم الكبير للبيانات الشخصية المعالجة في هذا المجال، بما يعزز الثقة بين الزبائن والشركات ويحمي حقوق الأفراد في الخصوصية، تماشيا مع متطلبات التحول الرقمي.
وأكد المتدخلون أن إدراج سياسة خصوصية واضحة داخل مؤسسات التأمين يعد خطوة أساسية لتعزيز الشفافية وبناء الثقة، من خلال توضيح كيفية جمع المعطيات ومعالجتها وأهداف استخدامها والضمانات القانونية والتقنية المعتمدة لحمايتها، بما يعكس الالتزام بالمعايير الوطنية والدولية لحماية الحياة الخاصة.

في تصريح لبركة نيوز، أكد ممثل كاتب المجلس الوطني للتأمينات ومدير الدراسات، عترون سرحان، أن الهدف من هذا اليوم الدراسي يتمثل في تحسيس جميع المتعاملين في سوق التأمينات بضرورة مراجعة الأساليب التقنية المعتمدة، وعدم استعمال المعطيات الشخصية لأغراض غير مهنية، مع توخي الحذر عند إدماج تقنيات الذكاء الاصطناعي في معالجة البيانات وضرورة ضبط استخدامها بما يضمن احترام الإطار القانوني.

من جهته، شدد المفوض العام للاتحاد الجزائري لشركات التأمين وإعادة التأمين، عبد الحكيم براح، على الطابع البيداغوجي لهذا اليوم الدراسي، الرامي إلى مرافقة شركات التأمين في كيفية تطبيق أحكام القانون 18-07 ومواكبة التطور التكنولوجي مع الحفاظ على توازن ضروري بين المتطلبات الاقتصادية والالتزامات القانونية في مجال حماية المعطيات الشخصية.
وكشف براح عن إعداد دليل خاص للتعامل مع المعطيات الشخصية سيتم توجيهه لفاعلي القطاع، بعد اعتماده من قبل السلطة الوطنية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي.

بدوره، أبرز الخبير في أمن البيانات والذكاء الاصطناعي، أمين محاملية، أن الذكاء الاصطناعي بات يشكل رافعة استراتيجية في تطوير قطاع التأمين، لما يتيحه من إمكانات متقدمة في تحليل البيانات الضخمة ودعم اتخاذ القرار سواء على مستوى الاكتتاب والتسعير القائمين على تقييم أدق للمخاطر، أو في مجال معالجة المطالبات من خلال أتمتة الإجراءات وتسريع وتيرة التعويضات، فضلا عن تحسين جودة خدمة الزبائن وتعزيز قدرات اكتشاف حالات الاحتيال.
وأوضح محاملية أن هذه التقنيات الحديثة تسهم في رفع النجاعة التشغيلية وتحسين أداء المؤسسات التأمينية، غير أن اعتمادها المتزايد يفرض في المقابل مسؤوليات مضاعفة تتعلق بحماية المعطيات ، خاصة في ظل التعامل مع بيانات حساسة تمس الحياة الخاصة للأفراد.

