166
0
كاتب فلسطيني يعبر عن دهشته من الجزائر : “خطوات صغيرة في بلاد كبيرة”
كشف روح الجزائر بعيون كاتب جاء من فلسطين

في إطار تغطية بركة نيوز للفعاليات الثقافية، كان لنا هذا الحوار مع الكاتب الفلسطيني مهند طلال الأخرس، صاحب كتاب "خطوات صغيرة في بلاد كبيرة"، الذي أثار اهتمام القرّاء لما يحمله من رؤية إنسانية وثقافية عن الجزائر.
هارون الرشيد بن حليمة
كتابه ليس مجرد يوميات مسافر، بل دراسة وجدانية لبلد واسع المساحة عميق التاريخ، حاول المؤلف أن يقترب من روحه عبر تفاصيل الحياة اليومية وملاحظاته خلال زياراته المتكررة للجزائر.
وفي هذا اللقاء، فتح لنا قلبه للحديث عن تجربته، دوافعه، ونظرته للجزائر وشعبها.
ـ بداية، ما الدافع الحقيقي الذي قادكم لتأليف هذا الكتاب عن الجزائر؟
الدافع الأساسي كان شعورًا عميقًا بالدهشة وبالامتنان، كنت في كل زيارة أشعر أن الجزائر ليست بلدًا يُكتشف مرة واحدة، بل تحتاج إلى إعادة اكتشاف في كل خطوة وكل مدينة وكل وجه.
في العالم العربي، معرفتنا بالجزائر مع الأسف سطحية وغير عادلة مقارنة بما يمثّله هذا البلد من عمق حضاري وثوري.
لذلك شعرت أن من واجبي ككاتب، وكفلسطيني قريب وجدانيًا من التجربة الجزائرية، أن أنقل ما رأيته، وأن أقدّم صورة تُنصف هذا البلد الكبير، فالكتاب هو رسالة تقدير لشعب منح القضية الفلسطينية حبًا يوازي حبّه للوطن.

ـ ما أهم الفصول أو المحطات التي تشكّل العمود الفقري للكتاب؟
حاولت أن أبني الكتاب على ثلاثة محاور رئيسية.
الأول هو المكان بكل دلالاته: من القصبة العتيقة إلى ساحات العاصمة الحديثة، إلى المساجد والكاتدرائيات والأسواق الشعبية، وحاولت أن ألتقط روح المدن، لا مجرد صورها.
المحور الثاني هو الإنسان الجزائري، وهو في تقديري أهم ما في الجزائر، قوة شخصيته، صدقه، علاقته بالتاريخ، إحساسه العالي بالكرامة، واستعداده الفطري للحديث عن وطنه بحب وسخاء.
أما المحور الثالث فهو الذاكرة الجزائرية، ذاكرة ثورة لا تزال حاضرة في كل ركن وفي كل حكاية.
دهشت كيف أن الجزائريين يعيشون تاريخهم يوميًا دون أن يتحوّل إلى عبء، بل إلى مصدر فخر واستمرارية.
ـ عنوان الكتاب “خطوات صغيرة في بلاد كبيرة”، ما الفكرة التي يحملها هذا العنوان؟
العنوان يلخّص تجربتي كزائر في بلد يشعر فيه الإنسان بضخامته قبل أن يراه، الجزائر بلد كبير بالمعاني قبل المساحات.
أما “الخطوات الصغيرة” فهي تلك اللحظات التي قد تبدو عابرة لكنها تكشف الكثير: نظرات الناس، طريقة حديثهم، لطف بائع في حي شعبي، دعوة لتناول الشاي، أو حتى ملاحظة بسيطة في الطريق.
هذه التفاصيل الصغيرة هي التي صنعت تجربتي الحقيقية، وهي التي جعلتني أشعر بأن الجزائر تُقرأ من خلال الناس قبل المعالم.
ـ كيف وجدتم تفاعل الجمهور الجزائري مع هذا الكتاب ومع التجربة التي نقلتموها؟
أستطيع القول إن هذا من أكثر ما أسعدني، لمست حبًا كبيرًا لدى الجزائريين لكل كلمة تُكتب عن وطنهم.
هناك وعي لدى القرّاء بأن الكتابة عن الجزائر مسؤولية، وأن نقل صورتها للعالم واجب ثقافي وأخلاقي.
بعض القرّاء قالوا لي إنهم رأوا الجزائر في الكتاب كما يشعرون بها، لا كما تُقدَّم في الإعلام، وهذا شرف لي كمؤلف.
لقد اكتشفت أن الجزائريين قرّاء نهمون، وأن اهتمامهم بالكتب التي تتحدث عن بلدهم يفوق الكثير من الدول العربية.
ـ ما الذي تغيّر في رؤيتكم للجزائر بعد إنهاء هذا المشروع؟
تغير الكثير، أصبحت الجزائر بالنسبة لي قريبة أكثر مما توقعت، شعرت أن بين فلسطين والجزائر جسرًا غير مرئي، لا تصنعه السياسة فقط، بل الوجدان المشترك.
وجدت في الجزائر وطنًا ثانيًا بمعنى الكلمة، وطنًا يشبه فلسطين في حبه للحرية وصبره على الجراح وإصراره على الحياة.
الكتاب جعلني أفهم أن الجزائر ليست مجرد بلد عابر في رحلاتي، بل محطة دائمة في ذاكرتي وقلبي.
يبقى كتاب "خطوات صغيرة في بلاد كبيرة" شهادة أدبية وإنسانية تحاول كشف روح الجزائر بعيون كاتب جاء من فلسطين ليقرأ هذا البلد بأحاسيسه قبل قلمه.
وبين المدن، والناس، والتاريخ، تتضح تجربة تجعل القارئ أكثر قربًا من الجزائر وأكثر فهمًا لعمقها وخصوصيتها.

