1339
0
في الذكرى ال70 لاندلاع الثورة المجيدة..بركة نيوز تستذكر الحدث من منزل اجتماع مجموعة ال22 التاريخي
بعد مسار طويل من المقاومات الشعبية السياسية والعسكرية، التقى 22 فردا من خيرة شباب الحركة الوطنية، في منزل أحد أبناء الشعب الواحد المناضل بأعالي العاصمة، حاملين مشروع التحرر على عاتقهم تحت شعار "ما أخذ بالقوة يسترجع بالقوة ".
ملف من إعداد: بثينة ناصري /شيماء منصور بوناب
فبعد فشل المسار السياسي السلمي، داخل الحركة الوطنية عكف رجال الجزائر وقادتها على تنظيم ثورة عسكرية شاملة، أسست بوادرها من داخل بيت المناضل "إلياس دريش"، أين إلتقى طاقم جريدة "بركة نيوز" بأبنه محمد دريش للحديث عن الخلفية التاريخية للاجتماع التاريخي للأبطال 22.
اجتماع العظماء 22.....قرار مصيري لأمة كاملة
ذلك الاجتماع الذي انبثق منه، قرار مصيري لأمة كاملة، تتحمل مسؤوليتها "جبهة التحرير الوطني" كمنظمة تحرّرية مسلحة؛ عزمت على تحرير الجزائر و طرد فرنسا المستعمرة من أرضها، بعد إطلاقها للرصاصة الأولى يوم 1نوفمبر 1954 في تمام الساعة منتصف الليل.
ومن مقر اجتماع اللجنة، عرفنا ابن دريش إلياس، بسيرة ومسيرة والده رحمة الله عليه، الذي كان معروف باسم "الرايس" كما لقبه بنو جيله، باعتباره من بين المؤسسين الأوائل لفوج الأمال المرادية 1946 مع رفقائه ديدوش مراد وذبيح شريف.
وأشار إلى أن اختيار منزلهم لأجل اللقاء التاريخي لم يكن صدفة، انما اختير بحكم الصلة التي تجمع المجاهد دريش بالمجاهد ديدوش مراد ، فضلا عن كون بيته الكائن بالمدنية الجديد سكنه أواخر 1953، استغل فرصة تغيير منزله لاستضافة شباب الحركة الوطنية تحت لواء "تهنئته على الانتقال الجديد له و لعائلته".
وبما أن المناضل الياس دريش، عرف برزانته و سريته حسب ما وصفه ابنه، فهو الامر الذي جعل من داره مقرا ضروريا لانعقاد هذا الاجتماع السري الذي أخفيت حيثياته وتفاصيله حتى على افراد المنزل الذين حاولوا رغم جهلهم بالأحداث أن يصدوا جنبا إلى جنب مع المناضل دريش صونا للأمانة الوطنية.
منزل المناضل دريش...المقر الجامع لرجال الحركة الوطنية
وفي هذا المحور، نوه ابن الراحل المناضل دريش، بأن أسرار الاجتماع التاريخي الذي عقد في وسطهم كان مجهولا لهم حتى ما بعد الاستقلال حين زاولوا دراستهم وعرفوا حينها ان منزلهم كان القطب الجامع لثوار الجزائر و قادتها".
وبالحديث عن أهم المحطات التاريخية التي تشهد لبطولات المناضل دريش، أطلعنا ابنه على مساره البطولي، بداية من الانخراط ضمن شباب حزب الشعب في سنوات 1943...1942 ثم المشاركة في مظاهرات 1945 بالعاصمة بجانب دوره في سنوات 1948-1947-1946 في الحملات الانتخابية للحزب (MTLD).
فضلا عن مشاركته سنة 1947 في تأسيس النادي الرياضي (RAMA) المرادية ثم اللعب في فريق اشبال مولودية الجزائر بعد أن كان عضوا مهما في المنظمة الخاصة ومسؤولا عن فوج فيها، وكذا محافظا لمقاطعة كشفية تضم المرادية المدنية بئر مراد رايس حيدرة1950.
وهذا بجانب نشاطه سنة 1953-1952 كرئيسا لخلية في حركة انتصار الحريات الديمقراطية (MTLD)، وكذا سنة 1954 كعضو في اللجنة الثورية للوحدة والعمل (CRUA).
وفي سنة 1954 تواصلت سلسة بطولاته من خلال الاتصال والتنسيق مع ذبيح شريف وبوشافة لتشكيل شبكة لاقتناء الأسلحة إلى غاية 1956 حين صدرت في حقه لائحة اعتقال مما اضطره للالتحاق بالنضال المسلح مع إخوانه في الجبال، أين تم اعتقاله وسجنه قليل الاستقلال بالضبط يوم 23 مارس 1962.
ورشة بوقشورة.... تحتضن أمجاد الثورة وقادتها
بعد اجتماع 22 انتقل ستة من الأعضاء الثوريين إلى ورشة صناعة الجلود للأخوين المناضلين مراد ومجيد بوقشورة، والتي وضعت تحت تصرف المناضلين، منذ 1952كونها تقع في حي أوروبي له عدة منافذ مكنتها من احتضان التحركات السرية للثوار.
وبشهادة ما سرده محمد سليم بوقشورة إبن الراحل المناضل مجيد بوقشورة ، قال" أن محل العائلة كان همزة وصل وحلقة ربط بين القادة الكبار للثورة التحريرية وشخصيات الحركة الوطنية، ناهيك عن القرابة التي كانت تجمع الأخوين بوقشورة بالرجال الذين صنعوا أمجاد الثورة من أعضاء اللجنة الستة".
وأضاف أن الورشة كانت الملجأ الآمن لعقد اللقاءات السرية على غرار اللقاء الهام سنة 1954 بين القيادة المنبثقة بعد اجتماع الـ 22 ومسؤولي منطقة القبائل المناضلين كريم بلقاسم واعمر أو عمران رحمة الله عليهما.
ومن رحم هذا الاجتماع ولدت لجنة الستة (06) التاريخية التي اجتمعت فيما بعد يوم 23 أكتوبر 1954 في منزل عائلة بوقشورة برايس حميدو، منوها بأن فعاليات الاجتماع جرت بشكل مغلق دون الأخوين بوقشورة.
تبعا لذلك، استذكر محدثنا، واقعة مداهمة الشرطة الفرنسية في 04 نوفمبر 1954 الورشة أين اعتقلت والده وعمه بجانب الإخوة بوقشورة وعبد السلام حباشي وسيد أحمد أعراب رحمة الله عليهم جميعا، ليتم نقلهم إلى فيلا محي الدين حي محي الدين حاليا.
ورغم التعذيب و الممارسات الوحشية المطبقة عليهم، إلا أن الإخوة رفضوا الكشف عن أي معلومات سرية تخص الثورة كما أخفوا أمر التعذيب عن عائلتهم، وفي ذلك أفاد سليم بوقشورة "والدي رحمة الله عليه اكتفى بقول أن فرنسا وجهت له لكمة فقط كنوع من التعذيب دون إضافة أي تفسير آخر".
وبالرجوع لخلفية النضال الثوري والسياسي لعائلة بوقشورة، أوضح أن حزب الشعب كان المنطلق الأول للإخوة في سنوات الأربعينات التي كان فيها عمه مراد بوقشورة عضو في المنظمة الخاصة، إلى غاية بداية اللقاءات السرية التي جرت في منزل العائلة في ظروف صعبة على المناضلين الذين كانوا في غرفة صغيرة مغلقة عليهم صباحا إلى غاية خروج الإخوة من العمل أين يتم فتحها لهم.
ومن أبرز الوجوه التي تداولت على الورشة في فترة التحضير للثورة، ذكر كل من "ديدوش مراد، العربي بن مهيدي، محمد بوضياف ،رابح بيطاط، مصطفى بن بولعيد"، فضلا عن رابح مشاطي و حباشي عبد السلام".
الذكرى السبعين.... رسالة افتخار ما بين الأجيال
فرغم مرور 70 عامًا على ثورة نوفمبر المجيدة إلا أنها بقيت ذكرى يفتخر بها الشعب الجزائري في كل محطة من المحطات التاريخية، ولعل هذه الذكرى العزيزة هي رسالة وثيقة بين قيم الوفاء للتضحيات وواجب الذاكرة التي تفرض البقاء على عهد الرجال.
فبيان أول نوفمبر جاء بعد حصيلة نضالية طويلة ضد الاستعمار الفرنسي، فهو أكبر من أن يكون مجرد وثيقة رسمية تاريخية، لأنه يعد رسالة صارمة لكل من أراد أن يفهم حقيقة المستعمر وما تعانيه الشعوب المضطهدة عبر العالم.
وتثمينا لما سبق، أفاد المجاهد عيسى قاسمي في محاضرة ألقاها في منتدى "دور المجتمع المدني في الحفاظ على الذاكرة في سياق تكنولوجيات الاعلام و الاتصال"، أن أول نوفمبر له ما قبل له وما بعده من سياقات غيرت التاريخ انطلاقا من سنة 1830 عند وطأة الاستعمار الفرنسي إلى غاية 1962 عند الاستقلال و الحرية التي دفع ثمنها الشعب الجزائري غاليا في مذابح و مجازر وحشية ازهقت أرواح العديد من الطاهرين الأبرياء.
ومن محطة 1945 عرج المجاهد لنهاية الحرب العالمية التي شارك في انتصارها الآلاف من الجزائريين معتقدين أن ميعاد الفرج و الحرية قد اقترب بإيفاء فرنسا المستعمرة بوعودها الكاذبة، لتتحول مظاهرات 45 السلمية لمجزرة وحشية لم يسبق لها مثيل في تاريخ العالم، سقط فيها الشعب الجزائري أرضا بين دمائه وتراب وطنه.
وبعد هذه المجزرة، استفاق الجزائريون الذين اعتقدوا أن فرنسا ستفي بوعودها وعزموا على طردها من أرضهم بعد أن استغلتهم لتحقيق أغراضها الشخصية، حينها فقط زاد الالتفاف الشعبي حول ميثاق الوطنية والحرية، الذي ثمن سنة 1954 بمعجزة تاريخية رسمتها الثورة الجزائرية و اندلاع أول رصاصة من جبال الاوراس، "حسب ما جاء على لسان المجاهد القاسمي".
ومن مفهوم الثورة الجزائرية التي يرفض الفرنسيون تسميتها بذلك، استنكاراً لهزيمتهم، عزم ستة رجال على اخراج فرنسا الامبريالية من أرضهم لرفع الراية الوطنية في أرض حرة مستقلة، ومن هنا بالضبط أعلنوا الحرب مباشرة دون وجود زعيم علني يقودهم كشعب، لتكون بذلك الثورة الجزائرية، حسب ما أوضح المجاهد قاسمي، "الثورة الوحيدة في العالم التي انتصرت من الاستعمار دون زعيم معروف معترف به".
ومن جهته أكد عبد الرحمان حمزاوي قائد الكشافة الاسلامية الجزائرية أن الجزائر في هذا اليوم تستذكر التحضيرات الأولى لهذه الثورة بعد استعمار قرابة القرن ونصف القرن، إلا أنه كانت هناك مجموعة من الجزائريين اختاروا تغيير المسار وأعلنوا الثورة التحريرية.
وقال حمزاوي "ونحن عندما نستذكر مسار هؤلاء الأبطال نفتخر ونعتز بأن عدد مهم منهم كان في صفوف الكشافة الاسلامية الجزائرية، أمثال "العربي بالمهيدي" الذي كان في فوج "الرجاء" في بسكرة، بالإضافة إلى 18 من "مجموعة 22" كلهم كانوا في أفواج الكشافة الإسلامية الجزائرية، وهذا دليل بأنه الكشافة غذت فيهم هاته الروح الوطنية وغذت كذلك فيهم روح التحرر.
وأوضح أن هذه المجموعة أرادت تحرير الوطن من الاستعمار، آخذين بعين الاعتبار معاناة الشعب الجزائري مع المستعمر الفرنسي، فكان لابد أن تكون نخبة وطبقة واعية ومتشبعة بالروح الوطنية، مشيرا إلى أن هذه الروح اكتسبوها من الكشافة الاسلامية الجزائرية التي تقوم في كل مرة بتذكير المنتسبين وكل الجزائريين بتضحيات الأسلاف خاصة أن الكشافة اليوم أصبح لها يوم وطني يصادف ذكرى استشهاد مؤسسة الكشافة الاسلامية الجزائرية "الشهيد محمد بوراس 27 ماي"، لربط هذه المدرسة بتاريخها النضالي وتاريخها التحرري لأنها جزء من تحرير هذا الوطن.
المجتمع المدني.... المرافق الأول للثورة الوطنية
ولفت حمزاوي، إلى أن الكشافة الاسلامية الجزائرية تعتبر الحاضنة والمهد الذي ترعرع فيه وتلقى فيه أبطال الثورة التحريرية معارفهم وتكوينهم وتربيتهم، وتلقوا فيها أهم شيء وهي الروح الوطنية والروح التحررية التي بها قاوموا وجابهوا أكبر القوى الاستعمارية آنذاك وهي الاستعمار الفرنسي والحلف الاطلسي الذي كان وراءه وبفضل هذه الشجاعة نالت الجزائر استقلالها واليوم تنعم دولتنا بالاستقلال.
وهو ما دعمه البروفيسو بوضرساية بوعزة، مدير جامعة العلامة محمد البشير الابراهيمي بولاية برج بوعريريج، أن المجتمع المدني إبان الثورة لعب دورا بارزا في ديناميكية المواجهة مع الاستعمار، خاصة وأنه يعد الفتيل الذي فجر الثورة الجزائرية التي يشهد لها التاريخ أنها من بين الثورات التي لامثيل لها سواء على صعيد التنظيم أو التخطيط و حتى التنفيذ.
وشدد لأهمية الاحتضان الشعبي و الاحتواء المتكامل لأبناء الوطن في صف واحد الذي ساهم في تحقيق النصر، على غرار ما قدمته الفئات المجتمعية من دعم و مرافقة، بمختلف أنواعها من أحزاب سياسية أو تجمعات و تكتلات وكل الجمعيات التي تنشط سريا تحت لواء المؤسسات و الهيات الوطنية.
وبالعودة "للمجتمع المدني"، كمفهوم و مصطلح أشار إلى أنه في تلك الفترة لم يكن موجود كمفهومه الحالي لكن عمليا كان القاعدة الأساسية للثورة تحت عنوان "القوا بالثورة للشارع يحتضنها الشعب" وفعلا كان الشعب الجزائري هو عماد الثورة الجزائرية التي شاركت فيها الكشافة الإسلامية ومنظمات المجتمع وجمعياته بكل روح وطنية رغبة في التخلص من براثن العدو الفرنسي الغاشم.
ولم تكن ثورة شخص بل كانت ثورة أمة ثورة شعب، ناضل باسم الاستشهاد والوطنية و الحرية التي اختار فيها الشعب رجالا من خيرة رجال الأمة للقيادة والمواجهة، متمثلين في اللجنة الستة والأعضاء 22 الذين سوقوا للسورة الحقيقية للنضال الشامل و الشعبي المتكامل.
الابعاد الثورية... في الذكرى السبعين
في السياق ذاته، تطرق حمزاوي في حديثه لأهمية المحافظة على الوطن خاصة من خلال ما يعيشه اليوم الأشقاء في فلسطين من عدوان ظالم من الكيان الصهيوني، أين نرى اليوم اصطفاف دولي مع المقاومة وفيه للأسف المطبعين وممن يدعمهم الكيان الصهيوني، مضيفا "نحن نعتز بأننا ننتمي إلى بلد وقف في صف الحق ووقف في صف المظلومين الأشقاء واختار أن يكون مع الفلسطينيين في محاربة هذا الكيان وهذا الاحتلال".
وتابع قائلا "هذا ليس غريب على دولة ضحت بمليون ونصف مليون في ثورة تحريرية من أجل أن تتحرر من الاستعمار الفرنسي، فلابد اليوم أن نكون واعيين بما يحاك لأمتنا وما يحاك لنا أيضا في المحيط، لأننا لسنا بمعزل ولسنا بعيدين على ما يحدث، باعتباره في منطقتنا والبلد المستهدف هو بلد عربي مسلم شقيق، فلابد أن نكون في مستوى التحدي لننصر أشقائنا وندعمهم ونتضامن معهم بكل الوسائل المتاحة ولو بالكلمة، لأنهم هم اليوم بحاجة لنا لأن ننصرهم في قضاياهم وفي نفس الوقت نعمل على تحصين مناعتنا الداخلية من كل هذه المخاطر والتهديدات التي تستهدف وطننا، ومواجهة ذلك يكون بتوحيد الصف الداخلي وتعزيز الوحدة الوطنية".
كما ركز بوعزة على أهمية المحافظة على تواصل الأجيال بين رجال الثورة وأولاد التحرير، ولعل المسؤولية في الوقت الراهن لا تقل عن سابقتها إبان الاستعمار بحكم أن حجم التحديات العالمية تتضافر بشكل متسارع خاصة ما تعلق منها بالجانب الاقتصادي والسياسي الدبلوماسي وحتى الاجتماعي والثقافي وكذا التكنولوجي، الذي فرض على أبناء اليوم التحلي بالفطنة والوعي أكثر في ظل الحروب الإيديولوجية والرقمية التي تهدد استقرارهم وفكرهم.
وأكد في خضم ذلك، إن بيان أول نوفمبر يبقى المرجعية الثابتة في كل الحكومات المتعاقبة على الجزائر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، باعتباره صمام الأمان الذي أكسب الثورة شرعيتها الحقيقية، وتلك الشرعية الثورية الوطنية التي أخرجت الاستعمار الفرنسي من أرضها المقدسة.
ونوه بأبعاد البيان التي كرست الأفكار التحررية وجسدتها ميدانيا من حيث الانتماء الحضاري والعربي الافريقي والإسلامي العالمي الذي مكنها اليوم من تحقيق طفرة نوعية من خلال مكانتها في مجلس الأمن الدولي، الذي عرض أمام العالم بأسره وهذا باعتبارها قوة دبلوماسية جزائرية ترافع من أجل القضايا العادلة في العالم بما فيها قضية فلسطين والصحراء الغربية.
فالدبلوماسية الجزائرية اليوم يمكن القول عنها أنها باتت تضاهي دبلوماسية دول العالم الرائدة من حيث القوة والعسكرية والسياسية وكذا التكامل الاجتماعي بين أفراد المجتمع الجزائري الذي كان الداعم القوي لهذه المكانة.
ما بعد الاستقلال....رهانات وتحديات جديدة أمام أبناء المجاهدين
وفي سياق ذو صلة، تعد المنظمة الوطنية لأبناء المجاهدين أقوى وأكبر تنظيم موجود على الساحة السياسية وهذا حسب ما أدلى به لنا الأمين العام للمنظمة الوطنية لأبناء المجاهدين، خالفة مبارك، بإعتبار أن عدد منخرطيها يتجاوز 1,200,000، بينما عدد أبناء المجاهدين عبر الوطن طبقا للإحصائيات الرسمية وصل حوالي 7 ملايين.
وعبَّر خالفة بذلك عن أسفه لعدم طرح قانون 97 الخاص بالشهيد والمجاهد في البرلمان آنذاك، بالرغم من دراسته على مستوى مجلس الوزراء ومجلس الحكومة، أين رفض أبناء المجاهدين ولم يتم دمجهم في هذا القانون نتيجة التحالفات الحزبية.
في هذا الصدد، أفاد خالفة أن المنظمة اجتهدت مع الوزارة المعنية والحكومة لدمج بنات المجاهدين الأرامل منهن والمطلقات والعازبات دون عمل ضمن هذا القانون من خلال تلقيها لراتب شهري، يغطي احتياجاتها، بالإضافة إلى المعوقين وذوي الأمراض المزمنة والقصر من خلال ارجاع المنحة بعد وفاة الوالد إلى الوالدة وفي حال وفاة الأم والأب تعود إلى البنت الغير متزوجة أو الأرملة بدون دخل.
الأسرة الثورية ..... تواصل الصمود بعد الحرية و الاستقلال
وقال خالفة "ان أعدائنا أكثر من أصدقائنا ومن محبينا، وما زال الكثير من الذين ينصبون العِّداء للأسرة الثورية، ونحن لا نطالب بالإرث التاريخي ولا بإرث الآباء، نحن نطالب بما هو حق لنا من أجل الحفاظ على الذاكرة الوطنية والتراث الوطني.
وتابع حديثه "أن الحق في الحفاظ على الذاكرة يضمن الامتداد الطبيعي لكل فئات المجتمع الجزائري، عبر تلقين التاريخ لأطفالنا من جيل اليوم، لأن التاريخ هو الحصن الحصين للأمة التي تعي في حفضها لمكانتها، لأن الجزائر لها مكانتها ولها تاريخها ولها أبطالها ولها رجالها".
ما بعد الحرية.... مسار بناء و تشييد نحو جزائر جديدة
وتحدث الأمين العام للمنظمة الوطنية لأبناء المجاهدين عن الذين خرجوا من معركة استرجاع السيادة إلى معركة البناء والتشييد، مشيرا إلى ما قام به رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون من باب انصاف الرجال واحقاق الحق وليس من باب المجاملة.
وفي ذلك قال "بمجرد وصوله إلى الحكم، أول قرار اتخذه ولم يتخذه قبله أي رئيس سبقه هو إعادة رفات رجال الحركة الوطنية التي كانت مرفوعة على الرماح في مختلف المعارض الفرنسية ومسجونة في صناديق من حديد، مع إقامة عرس لها بعد أن دفنوا في الأرض وهذا أمر سيذكره ويشهد له بذلك التاريخ".
ويرى خالفة أن سنّ الجزائر سنة كاملة لإحياء الذاكرة الوطنية، يعتبر من بين أهم الإنجازات الموثقة للمحطات التي عاشتها الجزائر في الجبال والوهاد والتلال في المدن والشوارع في كل المناطق.
وهو ما قامت به وزارة المجاهدين تطبيقا لقرار الرئيس تبون -حسب ما جاء على لسان محدثنا- وبعده أقر الرئيس تكوين لجنة وطنية على مستوى الوطن للتفاوض مع المؤرخين الفرنسيين من أجل الأرشيف واعتراف فرنسا بالجرائم التي قامت بها أثناء ثورة التحرير من إبادة جماعية وقتل وتخريب وكل المنكرات التي قامت بها، بالإضافة إلى تجريبها للأسلحة النووية في "رڨان".
وطالب في حديثه باعتراف فرنسا عاجلا أو عاجلا بالجرائم التي اقترفتها في حق الجزائريين وبما قامت به من تجريب لأسلحة محرمة دوليا، منوها بالاحتفالات التي تحضر لها الجزائر والتي سيكون لها أثر ضخم ومكانة قوية بحضور كثير من الوفود العربية والصديقة.
وأضاف محدثنا أن الإرث التاريخي الذي تركه الشهداء يفرض اليوم السعي نحو المطالبة بتخصيص شهادة ماستر 2 فيما يخص التاريخ الوطني ورفع من معامل التاريخ وادماجه في الشهادات الرسمية لتأمين إيصال الرسالة للأجيال القادمة.
وذكر أن المنظمة الوطنية لأبناء المجاهدين أنشأت في 16 فيفري 1993 في ظرف صعب وعسير عندما كانت الجزائر في حاجة إلى أبنائها المخلصين، وانطلاقا من هذه القناعة تخندق أبناء المجاهدين في الخنادق الأولى، إلى جانب الجيش الوطني للتحرير الشعبي والقوات الأمنية على مختلف تشكيلاتها للدفاع على هذا الوطن.
وأبرز أن المنظمة تواجدت في كل القضايا التي عاشتها البلاد، من لقاءات الحوار منذ تأسيسها وصولا إلى ندوة الوفاق الوطني 1994 والذي تم بموجبها انتخاب اليامين زروال رئيسا للدولة خلفا للعقيد علي كافي، وغيرها من المحطات التاريخية المهمة.
وكشف خالفة أن المنظمة الوطنية لأبناء المجاهدين تسعى للمساهمة في الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية ومؤازرة كل القضايا العادلة وكل القضايا التي لها علاقة بالتاريخ في هذا الإطار، مشيرا إلى أن المنظمة عقدت خمسة مؤتمرات بحضور أكثر من 1200 مندوب وهذا باعتبار أن المنظمة متواجدة عبر 58 ولاية وهذا بمجموع 1541 بلدية بما في ذلك الولايات المنتدبة.
وفي الختام، توجه الأمين العام للمنظمة الوطنية لأبناء المجاهدين إلى كل الشباب الواعي المثقف الذي اتيحت له فرصة التعليم والتعلم ابتداءاً من التحضيري إلى التخرج من الجامعة في مختلف الاختصاصات، أن صمام الأمان هو التاريخ ولا يمكن الابتعاد عن التاريخ اطلاقا، فتاريخ الثورة الجزائرية لا تملكه أي دولة من دول العالم العربي وحتى الدول الأوروبية، مؤكدا أن الذكرى الـ 70 لاندلاع الثورة الجزائرية تعد ذكرى فاتحة خير وبركة على كل أبناء وبنات الجزائر.