153
0
فى هذه الابادة

بقلم: د. ايهاب بسيسو
في هذه الإبادة
اكتشفتُ طريقة جديدة للموت،
طريقة جديدة للذوبان صمتاً
أو الاختفاء (بخِفة)
في الظلال الداكنة...
ليست مرهقة...
أو بحاجة إلى جهد استثنائي
مثل الركض في مرمى قذائف
باهظة الثمن...
أو بين طنين طائرات مقاتلة
تخترق لخم الهواء
مثل الرصاص...
طريقة ذاتية، حد الانصهار
في كف بحجم جنين ميت
دون حاجة لمكان محدد
أو جغرافيا من صراخ...
يكفي الجلوس بصمت (يومياً)
أمام فوضى الشاشات الرقمية
ومتابعة اختيارات نشرات الأخبار
من الحكايات العابرة...
والانتباه لكثافة الإعلانات المبرمجة
حول أجهزة التكنولوجيا الحديثة
ومساحيق العناية بالبشرة
ومزايا اختيار الأماكن الملائمة
لقضاء الإجازات الصيفية
الممتدة بين جزر القارات السبعة
حيث الزرقة الصافية
مزيج من بحار بكماء
وسماء بليدة...
ثم انتظار وصلات عاجلة
من صراعات الديكة المحبوسة
في حلبات قتال...
ومتباعة الوجوه المبتهجة
(على هامش ضجيج الرهانات القاتلة)
الملطخة بالدم
وجثث الديوك القتيلة...
ثم متابعة فصول الوقت البطيء
مع تعدد النوافذ المتقلبة
بين أنماط الفطور الصحي
والغداء المشبع بالبروتين
وأنواع "الدايت" الملائم
لتوازنات المعادن الصحية
في الجسد...
لا شيء أكثر دقة
من هذا الموت المرسل...
لا طريقة أكثر سحراً
من الاندماج في الغياب
والذوبان في مجاهل العدم...
أنا الأن "كائن" ميت...
(ميت تماماً)
على بعد صرخة منسية
غير مسموعة
من جسدي المباد في غزة...