تشهد ولاية المنيعة تحولًا نوعيًا في تسيير الكهرباء والغاز، مع انطلاق برنامج استثماري معتبر لسنة 2025 تقوده مديرية التوزيع التابعة للشركة الجزائرية للكهرباء والغاز. يهدف البرنامج إلى توسيع الشبكات وتحسين أدائها، لكنه يتجاوز ذلك ليضع الطاقة في قلب النمو الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي.

الهوصاوي لحسن

خصصت مديرية التوزيع نحو 50 مليار سنتيم لمشاريع ممولة ذاتيًا، تهدف إلى تأمين الشبكات وضمان استدامتها، خصوصًا في ولاية تعرف توسعًا عمرانيًا متسارعًا وزيادة ملحوظة في الطلب على الكهرباء والغاز.

ويبرز التحول الأبرز في توجيه استثمارات ضخمة نحو ربط الكهرباء، حيث بلغ الغلاف المالي لهذا المحور حوالي 1500 مليار سنتيم، مع التركيز على دعم الكهرباء الفلاحية. يعكس هذا التوجه إدراكًا متزايدًا بأن الطاقة أصبحت شرطًا أساسيًا لنجاح المشاريع الفلاحية الكبرى، خصوصًا في المناطق الصحراوية التي تعتمد بشكل شبه كلي على الكهرباء في السقي والإنتاج.

وتؤكد الأرقام الميدانية هذا التوجه، إذ ربطت مديرية التوزيع منذ بداية سنة 2025 نحو 651 مستثمرة فلاحية، عبر إنجاز شبكة كهربائية امتدت على أكثر من 533 كيلومترًا ذات توتر متوسط، بالإضافة إلى 6 كيلومترات ذات توتر منخفض، مع تركيب 296 محولًا كهربائيًا، بغلاف مالي ناهز 4.5 مليار دينار. هذه الحصيلة تعكس تسارع وتيرة الإنجاز وتحول الربط الطاقوي إلى عنصر جذب للاستثمار الفلاحي.

وفي الجانب الاجتماعي، خُصص غلاف مالي يقدر بـ10 مليارات سنتيم لتوسيع شبكة الغاز الطبيعي، بهدف تحسين نوعية الخدمة وتوسيع رقعة الاستفادة، بما يواكب التوسع الحضري ويعزز الاستقرار المعيشي للسكان.

ويأتي البعد التنظيمي كركيزة أساسية في هذه المقاربة الجديدة، عبر التشديد على احترام الإجراءات التقنية قبل الشروع في الأشغال، حمايةً للشبكات وضمانًا لسلامة المواطنين، إلى جانب الدفع نحو عصرنة الخدمات عبر تشجيع الدفع الإلكتروني وتسهيل تسوية المستحقات.

يظهر من هذا السياق أن ما تشهده ولاية المنيعة ليس مجرد برنامج استثماري ظرفي، بل مسار تحول طاقوي متكامل، يضع الكهرباء والغاز في قلب المعادلة التنموية، ويجعل من الطاقة أداة سيادية لدعم الفلاحة، تنظيم العمران، وتعزيز مكانة الجنوب ضمن الرؤية الاقتصادية الوطنية الشاملة.