1259
0
الثورات الشعبية الأصيلة بين : بسالة الثوار وبلادة الاستعمار...
المتابع للأحداث المأساوية الإبادية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني على مدار اليوم في غزة منذ 13 شهرا، يدرك جيدا أن فكر الاستدمار واحد في كل العصور ولو اختلفت الأساليب والوسائل الجهنمية التي ضاعفت من الإبادة الجماعية والوحشية ضد شعب أعزل ومواطنين أبرياء وأطفال لا ذنب لهم إلا لأنهم أبناء الوطن الأصليين ...
التشابه بين الثورات الشعبية الأصليلة التي تنطلق من مبادئ راسخة وأهداف ثابته غير قابلة للمساومة والتحويل مهما زادت بشاعة التضحية والفداء وتنوعت عروض المكر والخيانة ... فالالتقاء بين ثورة الفلسطينيين من خلال طوفال الأقصى وثورة التحرير الجزائرية وربما ثورة فيتنام وثورات أخرى في العالم - بعيدا عن الانقلابات التي عدت ظلما وعدوانا ثورات في العديد من الأقطار - العربية والإفريقية بالخصوص - تبرزه المواقف الثابتة والتضحيات الجسيمة التي يدفع ثمنها الشعب الأعزل والمقاتلون في الميدان إيمانا منهم بأن الهدف المنشود يتطلب.
قلت هذا التشابه يؤكد أن ما يجري في غزة سبق لفرنسا أن قامت به وأكثر في الجزائر بنفس الوحشية والهمجية على مدى 132 سنة وضاعفت منه بعشرات المرات بعد أن طورت ترسانتها الحربية - البرية والجوية بالخصوص - وساعدها الحلف الأطلسي بكل المعدات ووسائل الدمار التي جسدت بها سياسة الأرض المحروقة التي أتت على الأخضر واليابس ماديا وخلفا مئات الآلاف من الضحايا من كل الأعمار ومن الجنسين ولم تستئن حتى البهائم والحيوانات الأليفة ..
مع ذلك، وبفضل الله وإرادته وصمود الشعب والتحامه بثواره كان الانتصار لأصحاب الحق في الجزائر وفي غيرها، فأينما كان الحق عاد لأصحابه طال الزمان أم قصر ومهما كلف ذلك من تضحيات استراتيجية الحرب عند المستدمرين كلما ضاق بهم الحال واشتدت ضدهم المعارك ووجدوا مقاومة عنيفة من الثوار، يلجأون للبحث عن أساليب ومبررات واهية للتخفيف من الضغط بدعوى توقيف الثورة وإفشالها فيستخدمون أساليب المكر والغش واستعمال الخونة والعملاء في الاغتيالات التي تستهدف القادة ظنا منهم أن الثورات الشعبية يديرها ضباط معينون بمراسيم أو قرارات وليسوا مجرد مشاريع شهداء كغيرهم من الرجال الذين يجاهدون معهم في الصفوف...
هذا الجهل الاستراتيجي يظهر مدى استهانة عساكر الكيان وقبلهم ضباط فرنسا بالجزائر بالقيم الدينية للقائد المسلم الذي يقود المعركة في الصف الأول ليكون القدوة والمثل ويعطي الدفع المعنوي للمجاهدين بإقدامه وبسالته واندفاعه في المقدمة مقبلا على الشهادة مدبرا على الحياة الدنيوية التي يقاتل من أجلها عساكر المحتلين....؟
ظباط إسرائيل الذين نججوا في حرب حزيران 67 والمجازر ضد الشعب الفلسطيني قبل ذلك، كانوا يقولون أن العرب لا يقرأون التاريخ وأن جيوشهم يمكن هزيمتها بخطة واحدة في عدة مواجهات وهي المقولة التي جعلت القيادات العربية تنهار معنويا وتستسلم للأمر الواقع الذي كان - حتى 1973 - في صالح إسرائيل رغم ما تلقته من ضربات خلال حروب الاستنزاف، ثم انقلب بعد حرب رمضان 1973 لزمن قصير حيث استغلت أمريكا نشوة نصف الانتصار المحقق لصالح العرب لتحوله إلى هزيمة سياسية أثمرت اتفاقيات كامب دافيد" وما أعقبها من صلح مسموم آمنت به قيادات العرب وقيادة منظمة التحرير التي وقعت في الفخ وسلمت أمرها للعدو واثقة في تصريحات قادته وقادة ضامنيه الأمريكان الذين لا عهد لهم عبر العصور وميزتهم الأولى في التاريخ هي نقض العهود والمواثيق بما فيها المواثيق والعهود العالمية التي تداس يوميا في غزة وفي لبنان واليمن و.....
القائد المسلم أول مشاريع الشهادة في المعركة ..؟ ....
المقولة الإسرائيلية السالفة الذكر عسكها طوفان الأقصى وبين للعالم أن الإسرائيليين وحتى الفرنسيس والأمريكان قبلهم لم يدرسوا تاريخ الفتوحات الإسلامية الكبرى والقادة الأشاوس الذين خططوا لها وتفتوها ...
فلو درس هؤلاء تاريخنا جيدا واستخلصوا الدروس من الهزائم التي تلقوها على يد قادتنا جيدا واستوعبوها لما اعتقدوا يوما أن ثورة شعبية أصيلة قامت من أجل التحرر والانعتاق تربط مصيرها بشخص أو إثنين أو بقيادة معينة ... التفكير المتأخر والجاهل بالتاريخ جعل حكام وعساكر الكيان الصهيوني ينتهجون سياسة فرنسا في الجزائر ويبحثون عن كل إسم يقال عنه أنه مسؤول لقتله أو اغتياله بهدف التأثير على الثورة التي تقدم غيره وتستمر.... فالقائد في فتوحاتنا وثوراتنا المباركة هو أول وقود للمعركة التي تستمر بغيرهم حتى النصر أو الاستشهاد .... لو عددنا قائمة الشهداء الفلسطينيين من السياسيين والعسكريين والمثقفين والفنانين الذين اغتالتهم أيادي الموساد والمخابرات الأمريكية والغربية دعما للصهاينة لوجدناها طويلة جدا منذ إطلاق الثورة الفلسطينية في جانفي 1965 ...
. بل إن قيادات حماس فقط بداية من الشيخ أحمد ياسين رحمه الله الذي لم تشفع له إعاقته ولاكبر سنة في النجاة من يد الغدر والخيانة وتمت تصفيته بطريقة مخزية لنظام يدعي الحرية والديقراطية لكنه يخاف من شيخ مقعد سلاحه الوحيد الكلمة التي يعبر بها عن حقه في الحياة ومطالب شعبه المشروعة... واستمر مسلسل الاغتيالات والقتل والسجن للقادة ومع ذلك استمرت المعركة ولن تتوقف باستشهاد القائدين إسماعيل هنية ويحى السنوار الذي أرعب ضباط إسرائيل وترسانة الغرب الداعمة لها حيا وميتا ....
لقد استشهد البطل كما يقال عندنا واقفا .. وهو شعار المجاهدين في ثورتنا المباركة " مت واقفا ... سقط البطل مقاوما ومقاتلا وحرم قادة الكيان السياسيين العسكريين ومعهم الأمريكان والأنجليز من فرحة انتصار مخز والتمتع بالتنكيل بجسده الطاهر حيا كما كانوا يريدونه لإهانته كغيره أو مدفونا تحت أنقاذ المباني التي تدمر ظلما وعدوانا على من فيها من البشر وحتى الحيوانات .. ..
لقد حرمهم البطل من فخر حلموا به ونال الشهادة كما تمناها على الله مقتديا بالكثير من أبطال الأمة قديما وحديثا وأخرهم العديد من أبطال الثورة الجزائرية الذين لقنوا فرنسا دروسا في الشجاعة والإقدام ليموتوا واقفين في الميدان بسلاحهم ولم يستسلموا رغم تفوق العدو في العدة والعتاد ... بن بولعيد ، عميروش ، سي الحواس ديدوش مراد ، زيغود يوسف والقائمة طويلة ) من الشهداء الذين حلمت فرنسا باغتيالهم كما فعلت مع بن مهيدي لكنها لم تفلح ...
ولعل حالة الأكثر قربا وشبها من حالة الشهيد يحي السنوار جسدها البطل المجاهد بن علي بودغن " العقيد لطفي " قائد الولاية الثورية الخامسة الذي استدعته قيادة الثورة إلى الخارج لمهمة معينة وطلبت منه البقاء في الخارج خدمة للثورة لكنه رفض العرض ولم يكن قادرا على البقاء بعيدا عن ميدان المعركة ويترك جنوده ، بل كان مثل السنوار يريد الشهادة في سبيل الله والوطن فحقق الله له أمنيته وعاد إلى ميدان المعركة ليستشهد رفقة نائيه الرائد فراج في معركة غير متوازنة مع العدو بمنطقة بشار فسقاها بدمه كما سقيت كل قطرة من تراب الجزائر ال ثائرة ..
ويموت هذا البطل ومن سبقه في الميدان وقبلها عملية القرصنة الجوية التي قامت بها فرنسا بتواطؤ مع عملاء وحولت مسار طائرة الزعماء الخمسة للثورة الجزائرية الذين كانوا متوجهين من المغرب إلى تونس ... لم تتوقف الثورة بسجنهم بل زادت اشتعالا وقوة ...
المقصود هنا أن الفكر الاستدماري واحد وما يستند عليه هش ولا يصمد أما الهزات الشعبية التي لا تعيقها الأفكار التدميرية مهما كان مصدرها ، ومنطقها واحد ، هو الاستمرار في القتل والتدمير..
وما يقوم به الكيان بدعم من الغرب وبعض العرب بهدف القضاء على المقاومة وهو مالم يبلغه بمشيئة الله مهما كان كيد الكائدين وتثبيط المتبطين من العرب المطبعين الذين باعوا العرض والدين وانضموا الصفوف العدو خوفا من أمريكا والغرب الذي صار أشد رهبة لهم من الله " كما قال الله عن اليهود في كتابه الكريم :" لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله ، ذلك بأنهم قوم لا يفقهون (سورة الحشر ) " فالعرب في مشرق الأمة صاروا يرهبون أمريكا ولا يخافون الله ووعيده.
لكل من خذل أخاه المسلم وناصر عليه عدوا من أعداء الملة والدين ......
فاللهم عليك بالظالمين ومن ساندهم وعاوتهم وحالفهم ضد المظلومين في فلسطين وغيرها فأنت خير ناصر ومعين .....