1172

0

الشيخ محمد مبارك الميلي المناضل و رائد الإصلاح الديني بالجزائر

منذ أن وطات أقدام الاستعمار الفرنسي بالجزائر 1830م ،لم تتوانى الإدارة الفرنسية على القضاء على المقومات الثقافية للمجتمع الجزائري، كحرق الزوايا والمساجد،واعدام ونفي علمائها وتهجير فقهائها، إلا أن هؤلاء المصلحين حاربوا الجهل والبدع وطقوس الشرك والشعوذة ومن بين هؤلاء الشيخ مبارك الميلي الذي كان له دورا في حركة الإصلاح العقدي بالجزائر خلال منتصف القرن العشرين.
أميرة بن عياد
الشيخ مبارك بن محمد بن رابح بن علي ابراهيم الميلي،الذي ينحدر من بلدية غبالة دائرة السطارة من ولاية جيجل ،ولد بتاريخ 26ماي 1898،لقب بالميلي نسبة إلى مدينته، توفي والده في عمر اربع سنوات فكفله جده، بدا تعليمه بأولاد مبارك بميلية وتتلمذ على يد الشيخ احمد بن طاهر المزهود حتى أتم حفظ القرآن الكريم ،ثم انتقل إلى مدينة ميلة والتحق بجامع سيدي عزوز ،وتتلمذ على يد الشيخ الميلي بن معنصر وهو لم يتجاوز الثامنة عشر من عمره وتعلم بعض مبادئ اللغة العربية .
تفوق وتميز في الدراسة
وبعدها توفي جده فكفله عمه الذي منعه من مواصلة مشواره الدراسي للتوجه نحو الفلاحة ، فاضطر إلى الفرار متجها إلى زاوية الشيخ الحسين وبعد أن ارجعه عمه فر مرة أخرى إلى زاوية محمد الميلي بميلة ،فاثبت تفوقه بجدارة وكان أبرز التلاميذ بتلك الزاوية (1912\1918،إذ تمكن من إتقان العلوم العربية والشرعية ،هذا ما جعله يتوجه إلى مدرسة العلامة ابن باديس قسنطينة وأصبح من خيرة تلاميذه، فاوعزله الشيخ ابن باديس بالذهاب إلى تونس لتلقي العلوم بجامعة الزيتونة  من الشيخ محمد النحلي القرواني و الشيخ محمد طاهر بن عاشور فتحصل على شهادته هناك في 1924 ،وفي 1925عاد متوجها إلى الجزائر واستقر في  قسنطينة ليدرس طلاب العلم بالمدرسة القرآنية المحاذات بجريدة الشهاب لابن باديس.
دوره الإصلاحي في مدينة الاغواط:
في سنة 1927توجه هذا الاخير إلى الاغواط بدعوة من سكانها بغية الإصلاح ونشر العلم فيها،فعمل على فتح مدرسة جديدة  تسعى للتعليم بمناهج عصرية متحررة من الخرافات والبدع والشعوذة التي كانت سائدة انذاك، فبدأ تأثيره يتضح جليا بين السكان ،حيث لقي ترحيبا وتلهفا في الأخذ بالأفكار التي تدعو لإصلاح المجتمع ،وترك الطرق الصوفية التي اعتبرها مبادئ لا تأتي بالفوائد .
عمل على تأسيس جمعية خيرية تهتم بالشباب وأسس اول نادي لكرة القدم ،هنا بدأت نشاطاته تشكل ازعاجات السلطات الفرنسية وبعض شيوخ الطرق الصوفية ،فأمر بمغادرة المدينة بعد سبعة سنوات من الاقامة هناك.
مجهوده الإصلاحي في جمعية علماء المسلمين الجزائريين:
كان الميلي من الرجال الذين نهضوا بحركة الإصلاح الديني والتوعية الوطنية ،فكان يمثل مع العلامة ابن باديس و الإبراهيمي الثالوث الأقوى والأكثر فعالية في حركة الإصلاح الإسلامي الجزائري، فكان أحد أعضاء جمعية علماء المسلمين وأمين المالية فيها،إذ وضع أسس في ميدانين حساسين أولها إعادة اعتبار تاريخ الوطن وإعادة بناء الشخصية الجزائرية مفعمة بالكفاح ومناهضة للاستعمار، باعتباره المروج لفكرة القومية فساهم على يقضة الشعور القومي في أوساط الشباب من خلال كتاباته التي نشرها في الجرائد، اما الميدان الاخر هو الإصلاح العقدي والرجوع إلى السنة النبوية الصحيحة وذلك من خلال محاربة الجهل والخرافات والبدع التي نشرها المستعمر من خلال بناء مدارس ومساجد ووضع مناهج تربوية منافية السياسية الفرنسية.
 
نشاطه في الصحافة:
كان للشيخ مبارك الميلي عدة كتاباتمنها مقالاته الصحفية التي نشرت في الصحف الجزائرية الناطقة باللغة العربية من بينها جريدة المنتقد ،الشهاب،البصائر، تميزت كتاباته بالأسلوب القوي والواضح المناهض للظروف المزرية التي كانت تعيشها الجزائر آنذاك.
 
من أهم مؤلفاته: _تاريخ الجزائر في القديم والحديث. _ابن باديس العروبة الجزائر. _رسالة الشرك ومظاهره إذ يعد هذا الكتاب مشاهدة فعالة في الإصلاح المذهبي العقدي،فبدأ الشيخ بكتابة مقالات صحفية عن مظاهر الفساد العقدي والشرك بالله ،فوجدت هذه المقالات صدى ورواجا  كبيرا لدى القراء فسارع إلى جريدة البصائر طالبا نشرها في كتاب مستقل ،فرحب الشيخ مبارك الميلي بالفكرة وجمعها في كتاب تحت عنوان واحد "رسالة الشرك ومظاهره".
وفاته:
في 9فيفري عام 1945فقدت الجزائر ابو الإصلاح العقدي بالجزائر ومحيي العقيدة السنية الصحيحة ،وأحد المناظلين المكافحين لحماية الهوية والثقافة الوطنية الجزائرية من الاستعمار الفرنسي ، الذي حارب الجهل والأمية ،وكان صاحب مقولة "اذا كان من أحيا نفسا واحدة فكانما احيا الناس جميعا فكيف بمن أحيا امة كاملة ؟ أحيا مافيها وحاضرها وحياتها عند أبناءها حياة مستقبلها"
واخيرا يبقى الشيخ محمد مبارك الميلي الرجل والمفكر وأبو الإصلاح العقدي الذي زاوج بين الحفاظ على الاسلامي الصحيح السني من جهة والمناضل المكافح الذي دافع على الهوية الوطنية الجزائرية.
 
 
 
 

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services