5845

0

الرغيفه الخاليه والرغيفه العامره

 

كتب / حسن يافا

نظرت آلى المنيوو في مطعم عند مدخل سوق القصبة في طنجه، ولم اعرف معنى معظم الكلمات، استغربت وقلت في نفسي، هل لهذه الدرجة تختلف المغربية عن العربية، استدار نحوي رجل وزوجته وأنا أضحك بصوت مسموع كلما تنقلت عيني بين وصف وجبة ألى الاخرى، ولكن ما استوقفني فعلا هو عندما وصلت عند وجبة الرغيفه الخالية والرغيفه العامره.

في الاردن نقول رغيف وهو اسم مذكر، أما رغيفه، هذا الاسم الأنثوي المدلل لوصف بعص أو نفس الشيء، فهذا إمر مثير للفكاهة…واكثر من ذلك وصفها احيانا بأنها خاليه وأحيانا بأنها عامرة.

ما القصد؟

هل الرغيفه العامره تأكلها السيدة والخالية تأكلها الخادمه؟

اما تأكل الحكومه الرغيفه العامرة والشعب الرغيفه الخالية؟

لست ادري!

في الاردن نقول رغيف الخبز المحروق أو غير المحروق، أو حتى رغيف محروق أو مُتفحم. في جبل المريخ الحي الذي تربيت به، كان الناس يذهبون الى فرن بعيد لأن الفران شاطر ولا يحرق الخبز…أما الفران القريب فكان كثيرا ما يحرق الخبز…والسبب ان انتباهه كان أكثر على الصبايا الاتي كن يحضرن العجين…بدل من اجلاء أرغفة الخبز المستوية قبل ان تلتهمها النيران. هذا موضوع لا يجوز ان يدعو الى الضحك 

…ضع نفسك مكان عامل بناء فلسطيني يكدح ليطعم ثمانية أولاد..اضافة لنفسه ولزوجته…اذا حرق الفران له رغيف أو رغيفين، من اصل عشرة أرغفة!… ما عساه ان يفعل؟

الفرن البعيد كان في مخيم الوحدات، اكبر مخيم للاجئين الفلسطينين في الاردن، كان الاولاد والبنات يقطعون رحله العشر كيلو مترات وهم يحملون عجينة الخبز في اسدر على رؤوسهم…أما الخباز جمال في جبل المريخ فلقد انكشف امر علاقه رومانسية له مع احدى الفتيات…اكتشف الموضوع أبوها وإخوانها…وألقوا القبض على جمال وهو يغادر المخبز وانهالوا عليه لكمات وركلات…سمع الناس عويله وصراخه…ثم اختفى.. حي أو ميت…تأويلات وتكهنات…ولكن في جوهر الموضوع لم يكترث احد…

 في مصر التي يعتقد من يكتبون التاريخ انها اكتشفت الخبز قبل ثمانية الف عام…يُسمي المصريون الخبز " عيش " وهو اسم يكفي ان يهز كل عظمة في جسد من يعرفون كيف تكون الحياه مع الجوع …أو كيف تكون بلا "عيش".

غزة الني يجب ان لا تبعد عن مصر نبضة قلب واحده، ليس فبها عِيش أو عيشّ، ولا تأمل من الأقرباء الأشقاء رغيف خبز أو كوب ماء، لأن لهيب الطائرات والدبابات احرق كل الأوراق. رغيف خال يُطعم عائله كاملة من أطفال ونساء وكبار صمود…ولكن الحقيقة هي اذا توفر رغيف خبز في الأغلب سوف تكون العائلة غائبه.

ملايين الاصوات حاصرت قصر امبرطور فرنسا جائعة تُريد خبز… خرجت ماري انطوانيت ونصحت الناس ان يأكلوا كيك بدل من الخبز…الجائعين …لم يزداد جوعهم بل ازداد حقدهم على العسل و على الدجل…

…اما بما يخص غزة…أما ان تأكلوا الرصاص… أو تأكلوا كلام إنساني جميل… تفضلوا!

 

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services