للكاتب والباحث : فادي أبوبكر

 

 

جاء الرفض الأمريكي الإسرائيلي للمقترح المصري بوقف مؤقت لإطلاق النار خلال عيد الفطر المبارك بهدف إحباط الجهود المصرية في تخفيف معاناة غزة، وتعزيز محاولة عزل القاهرة وتهميش دورها في الوساطة. وينبىء هذا الموقف بتصعيد عسكري إسرائيلي مستمر على المناطق الجنوبية من القطاع بشكل خاص، حيث يُعوّل الطرفان على الضغط العسكري والسياسي لدفع مصر إلى اتخاذ خيارات تتعارض مع مبادئها، كفتح الحدود أمام النازحين وفرض التهجير القسري، وفي غياب الضمانات الأمريكية، تتعزّز السياسة الإسرائيلية الرامية إلى فرض وقائع على الأرض بالقوة.

لكن المعركة التي يخوضها الفلسطينيون لا تقتصر فقط على صراعهم ضد الاحتلال الإسرائيلي. بل هي معركة مزدوجة، في ظل التحديات الداخلية التي تعاني منها الحركة الفلسطينية. وفي مقدمة هذه التحديات، تأتي تحالفات حركة حماس التي قد تشكل عائقاً أمام الجهود الفلسطينية لتحقيق أهداف الوحدة الوطنية. فرغم أن حماس تمثل جزءاً لا يتجزأ من الكفاح الفلسطيني ضد الاحتلال، إلا أن مصالحها السياسية أحياناً تتقاطع مع مصالح أخرى تضر بالمصالح الوطنية العليا.

ساهم غياب الرؤية الموحدة والتنسيق بين الفصائل الفلسطينية في تعميق الانقسام السياسي والجغرافي. وقد أسفر هذا التشتت عن ضعف القوة التفاوضية للفلسطينيين في مواجهة الضغوط الإسرائيلية والأمريكية والدولية. فبدون وحدة وطنية حقيقية بين القوى الفلسطينية، تظل القضية الفلسطينية هشة أمام التحولات الإقليمية والدولية، مما يصعب تحقيق أي تقدم في مفاوضات غزة.

إن السياق الإقليمي والدولي الحالي يُظهر أن القضية الفلسطينية تتطلب تفكيراً استراتيجياً يتسم بالحكمة والتنسيق بين القوى الفلسطينية المختلفة. ومن أجل استعادة زمام المبادرة في الساحة السياسية الدولية، يجب على الفلسطينيين أن يتجاوزوا الخلافات الداخلية ويضعوا المصلحة الوطنية العليا في المقام الأول.

يعتبر الدور المصري محورياً في التأثير على القرارات الإقليمية والدولية، وهو ما يجب استثماره لصالح الشعب الفلسطيني. وعليه فإن تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية، فضلاً عن تنسيق المواقف مع الدول العربية الشقيقة، يمثل السبيل الأمثل لتوحيد الصف الفلسطيني في مواجهة التحديات العسكرية والسياسية التي تفرضها إسرائيل والولايات المتحدة.

خلاصة القول، يبرز التوحش الإسرائيلي المدعوم من الولايات المتحدة، والمشهد الإقليمي والدولي، الحاجة الملحة لتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية، التي لا تقتصر أهميتها على تقوية دور مصر كوسيط فاعل، بل تشكل أيضاً دعامة أساسية في مواجهة الاحتلال ودعم القضية الفلسطينية على كافة الأصعدة.