1245

1

المجاهدة ستي بركات عميدة المناضلات الجزائريات

دخلت المحاهدة ستي بركات السجن الفرنسي سنة 1957م برضيع في شهره السابع، حاملاًب جنين آخر في شهره الأول ، حيث تعتبر من بين خمسة وثلاثين (35) مناضلة جزائرية على المستوى الوطني ممن أنجين أطفالاً داخل سجون المستعمر الفرنسي.

عبد العزيز عمران

في الذكرى التاسعة والستون لثورة الفاتح نوفمبر نتعرف بهذه المناسبة عن إحدى المجاهدات الاتي صنعن تاريخ الجزائر الحديث الحافل بالبطولات والتضحيات .

نشأتها

ولدت الحاجة ستي بركات في عام 1920م بمنطقة "الصفيصيفة" ولاية البيض و لما بلغ عمرها اثنا عشرة (12) سنة انتقلت عند أختها بمدينة البيض: لتنظم في السنة الموالية إلى مؤسسة "المرابويات" التي كان يشرف عليا - الآباء البيض - قصد نشر المسيحية في غياب التعليم المدرسي، أين بدأت تعلم الخياطة و النسيج .

وفي سنة 1946 مع بداية ظهور الحركة الوطنية بدأت "بركات" تتعرف على بعض أفراد الحركة التي أضحت فيم بعد إحدى أعضاءها حيث واظبت على دفع الاشتراك الشهري المقدر بألف فرنك.

انضمامها إلى العمل المدني

وفي سنة 1956 م انظمت ستي إلى العمل المدني لدعم الثورة وعمرها 16 سنة وذلك بتوجيه من أخيها عبد القادر، فكان دورها ينحصر في نقل بريد الثورة من مجاهد الى آخر (العماري عبد الله بوخشبة المدعو التيارتي....)، ثم بعد ذلك أصبحت تعمل مع "الحاج عبد القادر فريقع " : الأخير الذي كان يبيع اللبن، وتأتيه رسائل الثورة داخل الشكوة) التي يجمع فيها اللبن المباع، وفي مرحلة متقدمة كلّفها المجاهدون بجمع المال من المسئلين، وشراء الألبسة والجلابيب وبعض الأدوية لدعم الثورة.

أهم العمليات التي قامت بها "نذيرة":

:أولاً: نقل البريد بسرية تامة

من أهم العمليات التي أنيطت بالحاجة عملية نقل البريد من مدينة عين الصفراء المجاورة إلى مجاهدي مدينة البيض، وكان حينها اسمها الثوري "نذيرة"، فادعت ذات يوم أنها مريضة وسمح لها بالخروج من مدينة البيض، فتوجهت إلى عين الصفراء، وبحثت عن طبيب الأسنان الذي أرسلت إليه، فاستلمت منه الأمانة وهي عبارة عن مشروع الثورة في رسالة ملفوفة بإحكام داخل قرطاس، فلم تجد سبيلاً لإخفائه من شدة المراقبة والتفتيش سوى أن وضعته في رحمها أين ينام الجنين بمساعدة ممرضة طبيب الأسنان، وبهذه الصورة استطاعت إخفاءه إلى أن وصلت بيتها أين تكلفت أختها بإخراجه، وتم إيصال الأمانة إلى أهلها بسرتة فائقة ونجاح مائز.

ثانيا: تهريب المعدات الطبية من المستشفى

في عملية أخرى طلب منها تهريب المعدات الطبية من المستشفى مثل: الإبر، جهاز قياس الضغط: فادعت من جديد أنها مريضة لتدخل مستشفى البيض لبضعة أيام، حيث تمكنت من إنجاز المهمة بنجاح، كما طلب منها تهريب ألبسة الجنود الفرنسيين الذين كانوا يصلون إلى المستشفى إما جرحى أو موتى، فقامت رفقة أخواتها المناضلات بجمعها، وإخراجها للمجاهدين لاسيما بعد معركة بشام) التي سقط فيها عدد كبير من العسكر الفرنسيين، وذات مرة وصلت حزمة الألبسة العسكرية إلى المجاهدين محمّلة بذراع كامل لأحد الجنود الفرنسيين من شدة الحزم والجد، وسرعة تنفيذ العملية في مقابل الحراسة الشديدة والتفتيش الشرس للمستعمر الغاشم.

ثالثاً: إخفاء المجاهدين

كذلك من غرائب ما روته انها ذات يوم كانت في بيتها، فدخل عليها أحد المجاهدين هرباً من الجنود الفرنسين فقررت إخفاءه غير أنها لم تجد سبيلاً إلى ذلك سوى أن تضع فوقه فراشاً تجلس فوقه داخل رواق المنسج، ولما دخل عليها الجنود بحثاً عنه استمرت في عملية نسيج البرنوس و هي تتحرك يميناً وشمالاً، و هو يرتعش تحتها من شدة الخوف حتى غادر البيت الجنود الفرنسين، فأخلت سبيله وهو يتقاطر بولاً من هول الموقف.

رابعاً: تهريب الأسلحة

مما تتذكره المجاهدة بركات أنها ذات يوم استطاعت تهيرب و إخفاء أسلحة و قنابل المجاهدين عند أحد الجيران الذي كان عميلاً مزدوجاً من جهة ينتسب إلى الحركي ومن جهة أخرى بساند الثورة، وكيف أنها استطاعت التدخل بعيد الاستقلال من أجل إطلاق سراحه بعد ما كان محكوماً عليه بالإعدام.

خامساً: علاقتها بقصة المجاهد لعماري

كذلك قصة المجاهد المعروف في المنطقة المرحوم لعماري الذي طلب من أحد الجزائرين الذي كان من بين أصدقاء الفرنسين ( محمد بن الزبير ) أن يرتب حفلاً في بيت [محمد بن خليفة بحضور بركات ستي) ، وكيف أنه أجبره على القيام بحفر حفرة كبيرة داخل غرفة الاستقبال تتسع الرجل "مطمورة " تحت طاولة العشاء أين سوف يختفي فيها المجاهد لعماري ليسمع تفاصيل الحديث الذي جرى بين قادة الجنود الفرنسين، و حتى أدق المعلومات الاستخبارية ليزود بها الثورة لاحقا...

دخولها السجن العسكري

في سنة 1957م ألقي القبض عليها و زج بها في السجن العسكري بالبيض، أين تم استنطاقها و تعذيها، و كان معها داخل السجن رضيعها: (محمد بلفرح) صاحب سبعة أشهر، ولما استينسوا منها أخذوا عنها ابنها لمدة 24 يوماً، وهدّدوها بقتله إن استمرت في إخفاء معلومات الثورة وذات ليلة أحضروا لها سكيناً وعليه دم كذب وقالوا لها إننا قتلنا ابنك محمد الرضيع، فأغمي عليها ، و لما أفاقت ظلت صامدة ، و لم تُبح بأسرار الثورة، ثم بعد هذه المرحلة تم نقلها رفقة 24 مجاهدة إلى سجن الخيثر أين قضين ثمانية أيام حسوماً، ثم حُوّلن إلى سجن " تمانفوست" بالعاصمة نهاية 1959م رفقة رضيعها محمد و جنينها في شهره الأول، و بعد التحقيق و التعذيب مجدداً تم الزج بها في السجن أين كانت معها 155 مناضلة جزائرية معتقلة في ظروف جد قاسية، حيث حكم عليها بالسجن لمدة خمس سنوات، و بعد ولادة ابنها الثاني داخل السجن في 15 أوت 1960 تم تخفيف عقوبتها إلى سنتين، وقد تمت تسميت المولود من طرف المجاهدين الذين كان يراسلهم الحاج الشيخ حميتو عن طريق شاة مشوية أرسلت لهن داخل السجن في اليوم السابع ( العقيقة ) وقد وضعت فيها ورقة صغيرة كتب عليها اسم المولود "نصر الدين ...

الإفراج عنها والحكم عليها بالإقامة الجبرية

في شهر أوت سنة 1961م أطلق سراحها رفقة ابنها و حكم عليها بالإقامة الجبرية في بني مسوس؛ أين واصلت النضال السياسي في الجزائر العاصمة إلى غاية مارس 1962 م حيث سمح لها بالعودة الى اهلها بالبيض التي فقدت فيها أربعاً من أفراد عائلتها كلهم استشهدوا في هذه الفترة خدمة للوطن الجزائر الحبيبة، فواصلت النضال بعد الاستقلال في مختلف التنظيمات الجمعوية إلى يومنا هذا، وهي تحضر معنا جميع الاحتفالات والندوات العلمية لتلقين تجربة النضال بنات جيل الاستقلال لمواصلة الجهاد الأكبر .

نسأل الله لها البركة في العمر وأن يمتعها بالصحة والعافية .

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services