99

0

الجمهورية الصحراوية بين تكرار النموذج التيموري والموقف التفاوضي

 

 

بقلم: كمال برحايل

تستند عملية التفاوض بقوة الحقائق على الأرض وان مجرد الجلوس، على الطاولة هو اعتراف صريح بالوصول إلى منتصف الطريق، المؤدي لبسط السيادة الدائمة، هذا ما سيترتب عن الموقف التفاوضي في المسألة الصحراوية بديمومة الصراع الكامن في إطار الشرعية التاريخية المستندة لقواعد القانون الدولي وسط الموقع الجيوستراتيجي المتشعب.

وتبدو بتجلي الوقائع بالتعنت لاستلاب الهوية الصحراوية المستقلة وعملية الإدماج القسري في إطار البيعة العلوية، ونذكر بتصريح خص به الملك الحسن الثاني جريدة  لوبوان الفرنسية ، قائلا " نعم لقد سيطرنا على الأرض، ولم نفلح في كسب قلوب أهل الصحراء الغربية "، بالتالي ما هو المتوقع بالحد الادنى حينما  يتم التجاهل العمدي لمسببات النزاع حول أزمة الشرعية السياسية، الإجابة تبدو في الأفق المرئي وبدلالة قطعية هي الفشل الذريع ، كنتيجة لأية خطوة لهذا المسعى وسبق هتلر ان مارسه، في اقليم السوديت بحجة الجنس الآري ونظرية المجال الحيوي ، وستالين برر التوسع السوفياتي في دول الجوار، بدافع نظرية الأرض المتحركة، بالتالي أثبتت بالتجارب التاريخية، العجز الكلي لهذه النظريات لإدراك الحقيقة المطلقة.

ويكشف التاريخ ان الجمهورية العربية الصحراوية، امتلكت مقومات الدولة وهي الشعب والأرض والسلطة لكن التصويت في مجلس الأمن الدولي، القائم على فكرة الحل الواقعي، من منظور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بإعطاء الشرعية للقوة لصياغة واقع جديد، ستتلاشى أمام الصمود والخيارات المتعددة للشعب  الصحراوي لبناء الدولة.

وفي بحر هذا الأسبوع استرعى انتباهي عدم احتجاج المملكة المغربية، بسحب السفير المغربي من لواندا العاصمة الأنغولية، حيث عقدت اشغال القمة الأفريقية الأوروبية، مثلما فعل في اليابان عندما احتج وانسحب من اجتماع طوكيو الدولي للتنمية في أفريقيا، وتكرر هذا السلوك المعزول لكنه تغير خلال قمة الإتحاد الأفريقي بالنيجر، حينما وقع وزير الخارجية المغربية على اتفاقية التجارة الحرة في أفريقيا موضحا بان التوقيع منفصل عن الاعتراف بجبهةً البوليساريو.

وتميزت هذه القمة الأفريقية-الاوربية، بحضور إبراهيم غالي رئيس الجمهورية الصحراوية الديمقراطية الشعبية ، العضو المؤسس للاتحاد الأفريقي، والقى بالمناسبة خطاب على الحاضرين، ليجدد التذكير بالمسار السياسي العام لقضية الشعب الصحراوي، المدرجة في اللوائح الأممية منذ الستينات، كقضية تصفية الاستعمار من القارة الإفريقية أسوة بالشعوب الأخرى، وعلى هامش القمة التقى الرئيس الصحراوي بانطونيو غوتيريش الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة ، للتأكيد على ضرورة العمل في إطار الشرعية الدولية والمساعي السلمية الأممية، لتمكين الشعب الصحراوي من ممارسة الحق في تحقيق المصير عبر الاستفتاء، ومع استعداد جبهة البوليساريو للانخراط،  في المفاوضات الجادة بدون شروط مسبقة، لإيجاد التسوية السياسية للنزاع مع المملكة المغربية.

ويتبين في قراءة الحضور الصحراوي ، التأكيد على عدالة القضية وتكريس فكرة الدولة المستقلة الكاملة العضوية، في المنظمات الإقليمية والدولية لما تحظى به من احترام ونفوذ بغية إسقاط النوايا التوسعية المغربية ، وليست بحاجة للاعتراف الأوربي، حيث شكّل هذا الحضور الصدمة والارتباك في الموقف المغربي، ومرة أخرى تتلقى الدبلوماسية المغربية المعزولة الضربة والصفعة الموجعة ، في دهاليز السياسة الدولية وتكشف عن حجم الخيبة المرافقة للحملة الإعلامية الساقطة ، المطابقة لنموذج  جوزيف غوبلز وزير الدعاية الألماني " اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدقوك، وتنجلي الأكاذيب المغربية ، في أولا اليقين بالحسم النهائي للقضية والثانية الطي النهائي لملف القضية الصحراوية والثالثة وأخيراً تم استعادة الأقاليم الجنوبية".

بالتالي فان ردود الأفعال والمواقف الإيجابية الرسمية الصريحة، عن قبول جبهة البوليساريو الدخول في المسار التفاوضي بدون شروط مسبقة، تكون مبنية على الحق في تقرير المصير، وتنبع من الإرادة الصادقة للتوصل لحل سلمي بإشراف الأمم المتحدة، استناداً إلى القرار الأممي الصادر عن المجلس والذي ورد في صفحتين، ويشكل قاعدة الحل، وما يلاحظ في الصيغة المنشورة على موقع مجلس الأمن، هو التطابق الشكلي لحد بعيد بين النسخ العربية والفرنسية والإنجليزية، وما يلفت الانتباه هو التكرار عبارة جميع الأطراف عشرة مرات ، وحق تقرير المصير للشعب والحكم الذاتي مرة واحدة.

وما يجدر الإشارة اليه ويثير الانتباه،  ما ورد في البند الثالث من الصفحة الثانية  وينص على " يهيب بالأطراف إلى الشروع في هذه المناقشات، دون شروط مسبقة على أساس مقترح الحكم الذاتي قدمه المغرب، بهدف التوصل الى حل سياسي، تقبله الأطراف يكفل للشعب الصحراوي تقرير مصيره، ويسلم بان الحكم الذاتي الحقيقي يمكن ان يشكل حلا من الحلول، الأكثر قابلية للتطبيق ويشجع الأطراف على طرح افكار  لدعم التوصل إلى حل نهائي تقبله الأطراف ". 
وحاليا بصدور القرار الأممي ستدخل المملكة المغربية في مرحلة مصيرية حاسمة، وتذكرنا بمقولة كارل ماركس  بدورة التاريخ، الذي يعيد نفسه مرتين الاولى مأساة والثانية مهزلة ، وتشترك القضية الصحراوية مع قضية تيمور الشرقية في المبادئ الاتية :

-انسحاب القوة المحتلة .
-بداية الغزو محاولة الالحاق .
-قرارات الأمم المتحدة و مدة النزاع .

وغداة قيام الثورة في تيمور الشرقية اجبرت البرتغال،  على الانسحاب  من تيمور الشرقية،  وعلى اثره احتلت إندونيسيا الإقليم المجاور وعملت على إلحاقه باعتباره المقاطعة العشرين، بينما اقرت منظمة الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية بلاهاي، بالحق في تقرير المصير  وفي ضوء التقارب بين حركة  استقلال تيمور الشرقية، والبرتغال الذي عمل على توفير الدعم للحركة، أمام هذه التطورات المتلاحقة، أرغم  الرئيس الإندونيسي يوسف حبيبي، على منح قانون الوضع الخاص للإقليم، شريطة إعتراف الأمم المتحدة والبرتغال،  ثم اعقبه تفاهم بين الدولتين وتم التوقيع على اتفاق يقضي بسحب القوات المحتلة من الإقليم، وبانخراط الأمم المتحدة في العملية السياسية، وبشكل مفاجئ اعلن عن تنظيم استفتاء في تيمور الشرقية ، يمنح الخيار بين الحكم الذاتي أو الاستقلال النهائي وأفرزت نتائج الاستفتاء عن خيار الناخبين بالاستقلال، وبفضل المساعدات الأممية شرعت القيادات الوطنية التيمورية،  بتركيز الجهود لبناء الدولة وفي خطوة رمزية وانضمت إلى منظمة الأمم المتحدة لتصبح العضو 191 . 
وأتصور بأن النموذج التيموري سيتكرر في الصحراء الغربية، بفضل التضامن والحشد المناصر لمبدأ عدالة القضية الذي سيتحول لعبء أخلاقي على المجتمع الدولي، وقد يصل لمرحلة لا يمكن التغاضي او السكوت عنه، وأضحى قيام الجمهورية الصحراوية أملا طال انتظاره وكل غد لناظره قريب .

 آخر  الكلام: " دع ما لله لله وما لقيصر لقيصر "

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services