377
0
الفتاك الصغير
الكاتبة نورهان هدايات صياد
كنت أمشي في الشارع غير مُكترثةٍ بالتدابير الوقائية ، حتى سمعتُ أحدهم كأنه رجل عجوز يتكلم مع أحدهم و يحكي معه عن تجربته مع فيروس كورونا ، أصغيت إليه جيدًا و عندما سمعت أن اِبنه مات بسبب الوباء شعرتُ بالخوف كثيرًا على نفسي ،وعدت بسرعة إلى المنزل و غسلت يديَّ و اِستحممت جيدًا و اِرتديت الكمامة و لم أنزعها إطلاقًا ، نظفت سريري و غسلت كل شيء و عقمت غرفتي بالكامل و لم أتكلم مع أي أحدٍ ثم ذهبتُ مباشرًة لأخلدَ إلى النوم .
و من ثم رأيت فيروس كورونا يتكلم معي و أنا أركض نحوه كي أقتله بالمعقمات ، وفي نهاية الطريق بقيت وحدي و ظننت أنني قد تخلصت منها نهائيًا ، و لكن لم يبقَ سوى فيروس واحد ضخم ، وعندما حاولت قتله لم أستطع لأن علبة المعقم أصبحت فارغة ، و عندما لم أتمكن من فعل شيء حاورته وقلت له : يا فيروس كورونا أتيتنا منذ عام و نصف و ها قد بدأت تدخل عامك الثاني فهل بإمكانك تركنا قليلا ، لم تترك أحدًا إلا وهاجمته ، وجعلت عائلته تعاني ، هيا برر لي أفعالك الوضيعة أيها اللعين.
فأجابني فيروس كورونا: حسنا، اسمعيني جيدا سأختصر الموضوع في كلمتين، أنا واحد من جنود الله تعالى، أتيت حتى أُعَلِمكم الرجوع إلى الطريق المستقيم و حمد ربكم على النعمة التي أعطاها لكم.
فرددت عليه قائلة : أنت على حق في هذا يا كورونا فقد عرفنا قيمة حياتنا السابقة بعد أن فقدناها ، و مع هذا فنحن نحمد الله على كل شيء و نحن نتحمل المسؤولية كاملة و لكن متى تنتهي ؟
فأجاب: لا، ليس بعد لم أنتهِ من عملي علي تأديبهم أكثر.
فقلت له : يا فيروس كورونا لماذا اِستهدفت كل جواهر القناة و المسرح مثل : نعيمة عبابسة و سعيد حلمي ، و كذلك فقدنا أشخاص علمونا معنى التسامح و الخبرة و الإعلام مثل الأستاذ سليمان بخليلي و كريم بوسالم رحمهم الله ، لماذا أخذت هؤلاء النجوم الساطعة منا ، لماذا ؟
فأجابني
قائلًا: كي أنبهكِ بأنه حتى هؤلاء الرموز يصابون بي ويتوفون بسببي، و الآن سأجعلك تمرضين أنتِ أيضا.
فصرخت بأقصى ما عندي و بعدها استيقظت خائفة و متفرقة من الخوف و القلق ، و بدا أن كل شيء كان حلمًا، سعدت للغاية و حمدت ربي على نعمته و ذهبت و صليت و دعيت الله أن يرفع عنا البلاء و الوباء، و منذ ذلك الحين لم أنسَ ما تعلمت و عرفت أن هذا الفيروس أخطر مما يبدو عليه و لهذا لا تنسوا يا رفاق أن تلتزموا بالتدابير الوقائية و إلا ستمرضون و هذا ما لا نريده .