10

0

العطلة المدرسية: فرصة لمراجعة الذات

 

 

 بقلم كمال برحايل 

يقول المربي البريطاني توماس ارنولد في اجابة ، عن سبب التحضير اليومي للدروس فأجاب قائلا " إني أود الا يشرب تلاميذي إلا من منبع جديد ، وماء عذب لا من ماء راكد " . 
وهذه  مقولة تعكس حجم الاهتمام بالهدف من التربية والتعليم ، لتطوير المجتمع لمواكبة الأمم الراقية .
ويتزامن الدخول المدرسي مع فصل الخريف ، والذي يعتبر مرحلة انتقالية في مسار التغيير التدريجي ، بمنطق الأشياء والاستمرارية ، لتلاميذ المدارس والمتوسطات والثانويات وبنهاية الثلاثي الأول للعام الدراسي ، تبدا عملية  مراجعة التحصيل وبمجرد استلام كشف النقاط للتلميذ، وتدق لحظة الحقيقة الصادقة لاكتشاف الذات ، بين الدرجات العلمية المستحصلة كمؤشر للمقارنة بين الواقع والمأمول،  وبدون النزوع إلى العواطف او الخجل في التقييم الموضوعي لمستوى التلميذ ، بالبعد عن مبررات الفشل او الإخفاق بغية تحقيق الأهداف المتوخاة .
وفي هذه المرحلة ويبدأ الحوار بين مكونات عملية التربية والتعلم ، بطرح المخاوف الحالية مقتضيات الأماني  اللاحقة،  ومن زوايا متعددة بمعنى أين اصاب التلميذ،  ولماذا اخفق وكيف يستدرك النتائج السلبية للوصول إلى الأسمى .
ولعل الهاجس النسبي يكمن في ادراك حقيقة مستوى التلميذ ، بخطوة لتحمل المسؤولية الأخلاقية والمعنوية بين الأطراف المباشرة في العملية التربوية،  وبدل التقويم للتحصيل الدراسي تنحو الغالبية من الاولياء ، إلى نهج التوبيخ العلني مما يترك الانطباع القاسي بثقل نفسي على شخصية التلاميذ ، والعلة تبدو في إهمال الاولياء لطبيعة الفروق الفردية،  في العملية التعليمية بعكس ما قاله ، المفكر الفرنسي جان جاك روسو " دعوا الطفولة تنضج في الأطفال" .
وعبر التاريخ عرفت الفروق الفردية خاصة عند أفلاطون،  في كتاب " الجمهورية " حين وضع الأسس لعمل أفراد المجتمع بصيغة لكل احد عمل يناسبه ، مقترحاً بعض الإجراءات لاختبار قدرة الفرد الحربية لترشيحه للجيش ، اما تلميذه أرسطو فقد تناول موضوع الفروق الفردية بين المرأة  والرجل والإناث ، وبين البشر ويرى ان كل صفة تتشكل بدرجات متغيرة وتتضح في إطار المقارنة . 
وبظهور علم النفس دخلت الفروق الفردية ، على أساس الأنماط السائدة بان الإنسان كائن ثابت له صفات جسمية وعقلية لا تتغير إطلاقاً ، عموما وتعرف الفروق الفردية،  بانها تلك الاختلافات في القدرات العقلية والجسدية الموجودة بين الأفراد ، في صفة ما وهذه القدرات متباينة من تلميذ لأخر بسب العوامل الوراثية والجسمية،  وبديهيا تدرك تلك الفروق الفردية مع انطلاق الدروس النظرية او التطبيقية ، في جميع المستويات من خلال الاستجابة والاستيعاب للدروس سواء بالفهم او الحفظ حسب المناهج التربوية ، ويتم دائما الربط العضوي بين التربية والتعليم كوحدة متكاملة ، بهدف احداث التغيير في السلوك لاكتساب المهارات، ويتجلى في مرحلة التعلم من خلال التخزين والحفظ والاسترجاع المستمر،  في الحياة اليومية وفي ضوء ضوء الإجابة عن الاسئلة السابقة ،فمن البديهي حصر المسوولية الأخلاقية تلقائيا وبدرجة أولى في الأسرة وهي الجسر الأول في مسار التنشئة الاجتماعية ، لأنها تستفرد بالجانب الأخلاقي ثم نمر إلى المدرسة في إطار  المسؤولية المعنوية المشتركة ، فهي المصدر الأول لغرس القيم والمهارات ، وتعد المحور الرئيسي بين التربية والتعليم،  لبناء جيل في مستوى التطلعات يثق في قدراته على مواجهة الفشل ، والتفكير الإبداعي ولا يخشى الانتقاد كما قال شاعر الثورة مفدي زكريا :
صعدا نحو العلا والسؤدد 
يا شباب اليوم أبطال الغد .
انتم جاء اليوم والغد
انتم اركان صرح الأبد .
اما عن مكانة المعلم فهو بمثابة الأب الثاني،  والرفيق الحاضر للتلاميذ طوال مدة الدراسة،  فيسعى ليشجع التلاميذ على الاجتهاد بالحرص على التفاعل والاستجابة ، بالفهم من منطلق التركيز على الجوانب الإيجابية في النتائج الفصلية الاولى،  الدافعة للتفاؤل بالنجاح مستقبلا بدلا من تسليط الضوء على الجوانب السلبية ، فقط والأخطاء التي ستندثر بمرور الوقت .
ان الشعور بثقل المهمة في عملية إعداد وبناء الأجيال هي الأساس قولا وفعلا وان مرافقة التلاميذ طول مدة الدراسة يجعل التواصل مفتوح وسهل 
للحصول على العلم ، وبناء الشخصية المتكاملة ، وليس بلوغ المعدل فقط لترضية الاولياء الصالحين .
 
آخر الكلام : حكمة الرفاق
 بعض الأشخاص اختفوا من حياتك لأنهم صفحة وليسوا كتاب "

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services