360
0
العقيد "عمار أوعمران" .. أحد النواة القيادية في جبهة التحرير الوطني و العضو البارز في مؤتمر الصومام
من بين الشخصيات القيادية في الولاية الثالثة التي قدر لها أن تلعب دورا وطنيا، العقيد "عمار أوعمران"، قيادي ساهم في تكوين المنظمة الخاصة والتحضير لاندلاع الثورة، قاد إحدى نواحي المنطقة الرابعة، وخلف بيطاط في قيادة الولاية الرابعة، كان له دور أساسي في تنظيم أجهزة الثورة بمنطقة البويرة، انتقل في جانفي 1957 إلى تونس حيث هيأ السلطة للجنة التنسيق والتنفيذ وواجه معارضيها، تولى مهمة التسليح وأصبح رفقة بلقاسم وبوصوف وابن طوبال النواة القيادية الصلبة لجبهة التحرير الوطني إلى غاية عام 1958.
بثينة ناصري
هذه الشخصية القيادية الهامة لا زلنا نجهل عنها الكثير، خاصة وأن الرجل فضل أن يرحل في صمت وما تزال مراسالته وتقاريره حبيسة الأرشيفات، فمن هو العقيد عمار أوعمران؟ وكيف ساهم في النظال الوطني؟
أوعمران مناضل القضية الوطنية
ولد في 19 جانفي 1919 بناحية فريقات، دائرة ذراع الميزان، ولاية تيزي وزو، نشأ في عائلة فالحية بسيطة، درس القرآن الكريم ودخل المدرسة الابتدائية وحـاز على شـهادة إهناء الدراسـة بتفـوق، انقطـع عـن الدراسـة ليعمل مع والده في ميدان الفلاحة، استدعي للخدمة العسكرية فقرر الانخراط في صفوف مدرسة شرشال العسكرية، وتخرج منها ضابطا برتبة نقيب، كان وطنيا بالفطرة متألما لأوضاع وطنه، خلال فترة عمله إبان الحرب العالمية الثانية، وكان شاهدا على أحداث تمرد ثكنة الحراش.
ففي يوم 25 جانفي 1941 نشبت صدامات دامية بين جنود الأهالي والفرنسيين نتيجة التذمر وحالة التمييز، وقـد ذهب أوعمـران ضحية لهذه الأحداث، حيث اهتم بالمشاركة فيهـا ونزعت رتبته نقيب وحول إلى جندي بســيط، يتوقــف أوعمـران عند تلك الاحداث مسـجلا تأثريها علـى شخصه قائلا: "إن هذه حوادث فتحت عيني على مدى الكالم التي كانت تقرتفها إدارة الاحتلال بالجزائر ولم أكن اقدرها قبل ذلك، لقد ألقي القبض على 65 ضـابطا وضابط صف حكم على 34 منهم بالاعدام".
جهود رسمت طريق النصر
خلال مجازر 8 ماي 1945 الأليمـة التي أثرت في نفسية أوعمـران الثائرة كثيرا، ودفعته لتجهيز شبكته لأي طارئ وقد ابلغه عمراني السـعيد بقـرب إعلان الثـورة، لكـن القـرار ألغي مـن قبل الحزب، وقد صرح أوعمران انه كان علـى أتم الاسـتعداد للقضـاء علـى جنود ثكنـة شرشـال الألف والخمس مائة بسهولة تامة خاصة وقد كان السلاح والذخيرة متوفران والشعب مستعد وشبكته جاهزة، غير أن السلطات الفرنسية كانت له بالمرصاد فقد اكتشفت شبكته.
وتم اعتقاله في 28 ماي 1945، ونقل للعاصمة أين تم سجنه وتعذيبه والحكم عليه بالإعدام بتهمة التخطيط للسيطرة على الثكنة ثم صدر العفو في حقه سنة 1946 بواسطة الجنرال كاترو، انضم إلى المنظمة الخاصة التابعة لحزب حركة انتصار الحريات الديمقراطية وأصبح مسؤولا عن دواره ثم عين بعدها نائبا لكريم بلقاسم -مسؤول المنطقة، وبسبب نشاطه في الانتخابات البلدية سنة 1946 أعيد اعتقاله للمرة الثانية والحكم عليه بالإعدام مجددا لكنه تمكن من الفرار بعد أن أطلق النار على دركي ومنـذ ذلك الحادث أصبح ينشط في سرية.
وعند انطلاق الثورة تولى أوعمران قيادة العمليات في ناحية ذراع بن خدة، وبعد سجن رابح بيطاط انتقل إلى باليسترو الأخضرية حاليا لتولي قيادة المنطقة الرابعة خلفا له، وبتخطيطه وتحت إشرافه العام تمكن من القيام بأحد أشهر العمليات المعروف بكمين باليسترو أو كمين أولاد جراح الذي قاده الشهيد علي خوجة وتمكن من قتل 21 جنديا فرنسيا وذلك في 18 ماي 1956، كما شارك في مؤتمر الصومام ممثلا للمنطقة الرابعة و تم ترسيمه قائدا للولاية برتبة عقيد.
مؤتمر الصومام أسماء خطت خطوات كبيرة لتحقيق الاستقلال
كان أوعمران عضوا بارزا في مؤتمر الصومام، اتفق مع عبان رمضان وكريم وبن مهيدي وزيغود على استراتيجية العمل المستقبلي، كان ممثلا للولاية الرابعة يرافقه دهيليس وبوقرة، عـاد بعدها إلى منطقته لتنفيذ قرارات الصومام، وقد كلف المؤتمرون أوعمران بتهمة الاتصال بالولاية الأولى من أجل تطبيق قرارات الصومام، وهي المهمة التي كلف بها كذلك زيغود ولم يتمكن أوعمــران من أداء المهمة وقد كلف في نهاية عام 1956 بمهمة أخرى مستعجلة إلى تونس.
وفي 1957 بعد تعيينه عضوا في المجلس الوطني للثورة ممثلا للولاية الرابعة مكلفا بالتسليح والتموين، غادر قيادة الولاية الرابعة وخلفه على رأسها سليمان دهليس، ذهب سنة 1959 إلى تونس مكلفا بمهمة التنظيم والتخطيط والإشراف على إدخال السلاح إلى الجزائر، وفي 1960 شغـل منصب ممثل جبهة التحرير في لبنان وتركيا.
وتوفي العقيد أعمر أوعمران في الجزائر العاصمة بتاريخ 30 جويلية 1992 ودفن بمربع الشهداء العالية.
إن دور العقيد أوعمران في الحركة الوطنية والثورة التحريرية، خاصة وأن مساره الثوري بدأ قبل عام 1947 انتظر لحظة اندلاع الثورة بشغف، وقد كان دوره فاعلا في تفجير الثورة بالمنطقتين الثالثة والرابعة، حيث قاد المنطقة الرابعة، وأسهم في ربطها بالمنطقة الثالثة من أجل تنسيق الاتصالات، وكان له فضل إرساء التنظيم السياسي والعسكري في مدينة الجزائر وما جاورها، وكلف أوعمران بمهام وطنية منذ أن أرسل في مهمة إلى تونس، إهناء مشكلة حمساس، الاتفاق مع السلطات التونسية، دعم مهمة التسليح، وعليه فإن أوعمران شخصية قيادية بارزة خلال الثورة التحريرية اطلع بعدة مهام حيوية .