1081

0

أحمد توفيق المدني المؤرخ والمناضل المحنك الذي جمع بين العمل السياسي والإنتاج الثقافي

 
لقد عرفت الجزائر خلال القرن العشرين ظهور نخبة من المثقفين ممن دافعوا على مقومات الأمة  بالقلم،  نذكرمنهم شخصية أحمد توفيق المدني،قادة من قادات الثورة التحريرية المجيدة على الصعيد السياسي الدبلوماسي ،ومؤرخ محنك ساهم في الحفاظ على الهوية الوطنية خلال الفترة الاستعمارية.
أميرة بن عياد
أحمد توفيق المدني بن أحمد المدني ، من مواليد  01\وفمبر1899 بالعاصمة التونسية من أبوين جزائريين، كان والده من كبار علماء الجزائر وبفعل السياسة الاستعمارية الغاشمة ، قررت عائلة المدني التوجه إلى تونس .
ولقد أكد المؤرخ احمد توفيق المدني في كتابه الذي حمل عنوان "كفاح حياة" أن عائلتة هي المدرسة التى فتحت له أبواب التضحية والحياة والجهاد، إذ كان جده يلقي عليهم كل ليلة دروس ومواعظ دينية وأخلاقية من جهة ومن جهة أخرى يذكربالاستعمار والحالة التي آلت إليها الجزائر وتونس ليزرع فيه روح الكفاح والمقاومة و العزيمة .
مساره الدراسي 
التحق المدني بالكتاب في سن الخامسة ثم انتقل إلى المدرسة القرآنية الأهلية ، حيث تلقى على يد شيوخها اللغة العربية ،وعلوم الدين، والحساب ، والكيمياء ودرس أيضا اللغة الفرنسية.،فأصبح مشبعا فكريا وعلميا فسمي بخطيب المدرسة وكاتبها، فالقى مواضيع معادية للاستعمار.
انتقل إلى الزيتونة أين تأثر بأستاذه في التاريخ (حسن حسني عبد الوهاب) ، الذي كان وراء توجيهه للدراسات التاريخية، وقد ظهرت هنا موهبته في الكتابة ما دفعه إلى تحرير عدة مقالات سياسية واجتماعية نشرها بجريدة "الفاروق" التونسية 1924ومن هنا كانت انطلاقته نحو الكفاح السياسي وهو في سن لا يتجاوز الخامسة عشر من العمر.
نضاله السياسي بتونس:
بعد اندلاع الحرب العالمية الآولى اغتنم الفرصة لتكوين خلية مع مجموعة من المثقفين هدفها التحريض للثورة ومحاربة سياسة التجنيد الإجباري والنهوض بالفكر التونسي معتمدا على الطلبة الجزائريين الذين كانوا يدرسون بالزيتونة، فكلف المدني بالتنسيق والاتصال مع مناطق الجنوب بهدف احضار السلاح سرا ، إلا أنه لم يمكث طويلا حتى قبضت عليه السلطات الفرنسية وسجن لمدة ثلاثة سنوات.
بعد خروجه من السجن تفرغ تماما إلى الحياة النضالية وانخرط في الحزب الدستوري التونسي وقام بعمل مكثف مكنه من الوصول إلى رتبة الكاتب العام المساعد وعضو في المجلس التنفيذي سنة 1924،وهنا صار من الوجوه السياسية النضالية المعروفة باليقضة والوعي والوطنية، ولقد نشر العديد من المقالات  ضد السياسة الفرنسية في العديد من المجلات كمجلة الفجر ، وكان ضمن الوفد المبعوث الى باريس لرفع  مطالب التونسيين .
وفي ماي 1924 أسس المجمع العلمي التونسي الذي  يهدف إلى إعادة الحياة العلمية لتونس ، والرفع من مستوى العلمي والاجتماعي، وقرر تأسيس الرابطة العلمية في نفس السنة سعيا من المفكرين الجزائريين والتونسين لإيجاد وسيلة فعالة للتضامن الفكري والعلمي بينهم .
وشارك في مهرجانات مسرحية تجسد شخصيات تاريخية  ونشر عدة مقالات في مجلات تونسية من اهمها "أفريقيا الفتاة" أيد فيها ثورة الريف في المغرب الأقصى، فكان هذا المقال كذريعة الحد من نضاله بتونس،فنفي إلى الجزائر في جويلية1925، ومن هنا بدأت مرحلة كفاحه السياسي بالجزائر.
 مرحلة كفاحه السياسي بالجزائر
أول ما قام به أحمد توفيق المدني هو احتكاكه بعلماء بالجزائر منهم العلامة عبد الحميد بن باديس ، مالك بن نبي ، مبارك الميلي وغيرهم من المفكرين،فاستقر بالجزائر العاصمة وعمل على تأسيس نادي الترقي رفقة نخبة المثقفين سنة 1926، وكان هذا النادي ملتقى لإلقاء المحاضرات من مختلف جهات الوطن وخارجها كإبن باديس وأحمد سكيرج من المغرب .
واعتبر نادي الترقي النوات الآولى للتحضير لتأسيس جمعية علماء المسلمين الجزائريين بقيادة ابن باديس في 05ماي1931، فكان للمدني دورا هاما في تشكيلها و تنظيمها فتقلد منصب أمينها العام ، بعدها رئيس تحرير جريدة البصائر إلى غاية 1956،وهنا  نشر المقالات السياسية والاجتماعية التي تبث روح الجهاد في نفوس الجزائريين، و التى تنادي بلإلتفاف حول الثورة ، ولم تقتصر منشوراته في جريدة الشهاب والبصائر فقط بل كتب في العديد من الجرائد.
 لقد لعب أحمد توفيق المدني دورا فعالا في الثورة التحريرية الكبرى سافر سنة 1956 إلى القاهرة قاصدا محمد البشير الإبراهيمي معلنا بذلك انضمام جمعية  العلماء المسلمين إلى جبهة التحرير الوطني ، فأصبح بذلك عضوا في المجلس الوطني لثورة وبعدها عضو في الحكومة الجزائرية المؤقتة .
أما على الصعيد الدبلوماسي عمل على تحريك الثورة وتنشيطها، وإخراجها إلى المحافل الدولية وذلك بالدعاية لها ، إذ سافر لكل من الباكستان والسودان سنة 1956 للتعريف بالثورة فقام بنشاط مكثف مكنه من كتابة الحديث اليومي بالإذاعة المصرية " صوت العرب ".
أهم مؤلفاته:
بعد استقلال الجزائر سنة 1962عين  وزيرا للأوقاف والشؤون الدينية ،  وعين سفيرا ورئيس مفوض، وعلى صعيد التأليف كانت  له إسهامات جبارة في إعادة كتابة تاريخ الجزائر خلال الفترة العثمانية فعمل على تحقيق الكثير من المخطوطات والمذكرات كمذكرة الحاج أحمد الشريف الزهار، وأهم ما كتب في التاريخ :حرب ثلاثمائة سنة بين الجزائر وإسبانيا(1492\792)، - محمد عثمان باشا داي الجزائر (1766\791)، - حياة كفاح ( مذكرات ). -هذه هي الجزائر.
 توفي المناضل السياسي والمؤرخ الجزائري أحمد توفيق المدني يوم 18أكتوبر 1983، بالجزائر العاصمة ودفن بمقبرة عبد الرحمان الثعالبي، وفي هذه السنة فقدت الجزائر أحد أهم الشخضيات الوطنية التي تركت رصيدا علميا قيّما  .
 
 
 
 

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services