75

0

أحمد هارون ...رسام أبدع في محاكاة الواقع بكاريكاتور ساخر

الفنان الذي جسد بأنامله شخصية مقديش وساهم في إدخال الشريط المرسوم للجزائر في حوار لبركة نيوز

 

 

حاورته زهور بن عياد

 

أحمدهارون إسم ارتبط  بفن الكاريكاتورفي الجزائر ، وبتلك الرسومات التي غالبا ما تظهر في الجرائد بشكل ساخر، لكنها تعبر بعمق عن قضية إجتماعية معينة، طيلة عقود من الزمن صار للرسومات التي أبدع فيها الفنان هارون، جمهور خاص يتابعه بشغف ويحاول بإبتسامة استخلاص المغزى والمعنى الذي يختفي وراء تلك الخطوط الرفيعة التي جعلت الكاريكاتور فنا قائما بذاته في عالم الصحافة.

من فحم الموقد كانت البداية

الفن والرسم  موهبة برزت في طفولته ، من رماد الموقد، كانت وسيلته الأولى لخط أولى رسماته على الأرض والجدران، وهناك حوّل بقايا الفحم لصور حية، أبانت عن موهبة لافتة تستحق الاهتمام.

في سن جد مبكرة أبدع في رسم البورتريهات، والتي وجد لها سوقا  وسط بعض الفرنسيين إبان الاحتلال،  بدراهم معدودات كان يبيع تلك اللوحات التي جعلت الكثير يشيد برسوماته ويتنبأ له بمستقبل واعد.

 بورترييه لدراج اسباني كان السبب في دخوله مدرسة الفنون الجميلة

لم يكن يعرف أن رسم بورتريه لدراج إسباني بطلب من جاره الفرنسي، سيفتح له باب مدرسة الفنون الجميلة، حينها لم يتجاوز 17 سنة ربيعا، حين ذهب محملا بأوراق أبدع فيها بقلمه،  فصارات له جوازسفر لولوج عالم الفن ودخول مدرسة الفنون الجميلة، وهنا كانت الإنطلاقة نحو عالم مفتوح لا حدود له.

وفي هذا الشأن يقول "رسمت ذلك البورتريه للدراج الإسباني وأعجب به كثيرا  جارنا الفرنسي، مما جعل والدته تشيد بموهبتي،  وهي من دلتني إلى مكان مدرسة الفنون الجميلة، وفعلا ذهبت برسومات متنوعة من كاريكاتور ولوحات فنية، وتم قبولي كطالب فيها".

بقي في مدرسة الفنون الجميلة مدة  ثلاث سنوات، أي إلى غاية 1959، وكان رفقة 5 جزائريين فقط، أما الباقي كلهم فرنسيين.

دخول عالم الصحافة

بعد الإستقلال، على غرار كل الجزائريين  احتفى أحمد هارون بالحرية، ولكن بطريقة الفنان، حيث أبدع في تخليد شهداء ومجاهدي الثورة المباركة،  ببورتريهات ولوحات زيتية ملهمة، وكانت هذه اللوحات رصيد آخر جعله يلتحق بجريدة المجاهد عام 1962.

بدأ عمله في الجريدة من خلال وضع رسومات تناسب صفحة من صفحات الكتاب الذي ينشر على الجريدة أنذاك، وهنا يتذكر أهم الكتب التي جسدها بالصور على غرار كتاب الإخوة بربروس الذي أبدع في رسم أشرطة تتناسب مع النص المنشور.

كما حاول من خلال خياله الواسع ابداع رسومات  تتناسب مع  المقالات والروبورتاجات التي يكتبها الصحفيين، ويختلف الرسم حسب طبيعة الموضوع بين الكاريكاتور أو الرسم العادي.

لم يكن الرسم الكاريكاتوري في السياسة مسموح آنذاك في عهد الحزب الواحد، وهنا يتذكر الفنان هارون أول مرة يرسم كاريكاتور سياسي قائلا، " كنا في تلك الفترة نعرف حدودنا جيدا، لذلك حاولنا التعبيرعن الظواهر الاجتماعية بعيدا عن السياسة ، ولكن أول مرة طلب مني رسم كاريكاتور في السياسة ، كان ذلك في جريدة المجاهد في سنة  1967 حول حرب 6 أيام".

بداية الشريط المرسوم واطلاق مجلة "مقيدش"

مواكبة للدول الأوروبية التي اشتهر فيها نوع جديد من الرسومات وهي الشريط المرسوم، تواصلت معه المؤسسة الوطنية للنشر والتوزيع، لتجسيد مشروع مجلة للطفل تعتمد على الشريط المرسوم.

وبالفعل تم عام 1968 إطلاق مجلة "مقيدش"، وحاول الرسام أحمد هارون تجسيد شخصية مقيدش، برسومات متنوعة حاول بخياله إخراج هذه الشخصية التي ارتبطت بموروثنا الثقافي إلى صورة حية تعيد للأذهان حكايات الجدات عن هذه الشخصية الأسطورية.

شارك الفنان رفقة فنانين آخريين، بعدة رسومات وفق السيناريو المقدم في المجلة التي استمرت إلى غاية العدد 18 وتوقفت.

ركن ظواهر يجسد مقولة الصورة بألف كلمة

بعد عشر سنوات وفي سبعينات القرن الماضي انتقل الرسام هارون إلى جريدة الشعب، وهناك اشتهر بركن خاص بالكاريكاتور في آخر الجريدة المسمى "ظواهر"، بالإضافة إلى عمله المعتاد بإعداد رسومات، وأشرطة مرسومة، لقي ركن ظواهر رواجا واسعا وأصبح يحظى بقراء ومتابعين، وكان يحاول دائما ملامسة مشاكل الجزائريين اليومية بأسلوب تهكمي ساخر يصاحبه أحيانا تعليق، ويبّلغ بذلك الرسالة التي قد تعجز عشرات المقالات تبليغها.

في عام 1974، وبتنظيم من وزارة الثقافة والاعلام، شارك في مسابقة للرسم وشارك بلوحة زيتية، تبرز مجاهدي الثورة في جو مثلج قاسي بعد عودتهم من معركة دامية، ونال بذلك الجائزة الأولى وهذه اللوحة  تتواجد اليوم في المتحف الوطني.

جريدة المنشار تحقق النجاح ولكن تتوقف لظروف أمنية

بعد التفتح الإعلامي في بداية التسعينات، التقى الفنان أحمد هارون رفقة بعض الصحفيين والرسامين من فريق مجلة مقيدش،  في معرض بمدينة وهران، وهناك جاءت انشاء جريدة تعالج الوضع العام برسومات كاريكاتورية وأشرطة مرسومة.

وبالفعل تم تأسيس جريدة "المنشار"  التي استطاعت توزيع 50 ألف نسخة في ثلاثة أيام فقط، بأسلوب تهكمي انتقدت شخصيات سياسية وحزبية وتطرقت لمواضيع كثيرة مغتنمة فرصة هامش الحرية الذي اكتسبته الصحافة في تلك الفترة.

لم تستمر جريدة المنشار طويلا رغم ما حققته من رواج، وبسبب التهديدات الأمنية توقفت بعد عام من الصدور.

رغم سنه الذي تجاوز الثمانين،  لا يزال الفنان أحمد هارون يشارك ضمن لجنة التحكيم في مهرجان الشريط المرسوم الدولي الذي ينظم كل عام في الجزائر، كما حاول إحياء شخصية مقيدش التي نامت حسب قوله منذ 40 سنة، في مجلة البندير التي تشرف عليها محافظة المهرجان.

وفي الختام  وجه دعوة للشباب ممن يستهويهم الرسم أن يحملوا فن الكاريكاتور والشريط المرسوم في قلوبهم قبل أيديهم ليكملوا المسيرة ويحافظوا على رصيد الأجيال.

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services