شخصية إسلامية كبيرة قدمت للإسلام والمسلمين عصارة فكر وخلاصة تجربة عالج من خلالها أوضاع المسلمين وحلل واقعهم وقدم لهم الحلول، نظم الشعر وكتب ونشر المقالات في مجال الإصلاح وألف الكتب، جاهد بالكلمة وناضل بالحكمة ترك للأمة الإسلامية تراثا عظيما غنيا وفكرا عميقا ثريا، الشيخ إبراهيم بن عيسى حمدي أبو اليقظان صحفي جزائري شاعر مؤرخ دارس اجتماعي عالم بالشريعة الإسلامية ورائد من رواد الحركة الإصلاحية في الجزائر.
بثينة ناصري
سمي أبو اليقظان بسبب ولعه بإمام الدولة الرستمية الخامس ولد بمدينة القرارة ولاية غرداية “وادي ميزاب” بالجزائر يوم 5 نوفمبر 1888 حيث حفظ القرآن في الكتاب وتعلم العربية والعلوم الشرعية ثم سافر ليكمل دراسته وفي سنة 1912 كانت وجهته إلى تونس ليدرس في كل من جامع الزيتونة والخلدونية، ففي سنة 1914 ترأس أول بعثة علمية جزائرية إلى الخارج وكانت وجهتها نحو تونس.
وفي سنة 1920 كان عضو بارزا في الحزب الحر الدستوري التونسي وفي سنة 1926 أصدر أول جرائده “وادي ميزاب” تحرر وتوزع في الجزائر وتطبع في تونس حيث كانت بداية لجهاد مرير دام ثلاث عشرة سنة أصدر خلالها ثماني جرائد ما بين 1926 و1938 وأسقطها الإستعمار الواحدة تلو الأخرى لأنه لم يطق حرارة لهجتها وجرأة معالجتها وهي وادي ميزاب، ميزاب، المغرب، النور، البستان، النبراس، الأمة، الفرقان.
ومن أبرز جهود الشيخ أبو اليقظان في الميدان الثقافي الوطني إنشاؤه للمطبعة العربية التي منحت للحياة الوطنية أيادي بيضاء لا تنسى، إذ يعد أول وطني جزائري يؤسس مطبعة وطنية حديثة في الجزائر سنة 1931، وقلما عرفت الساحة الوطنية قبل الاستقلال منشورا وطنيا لم يكن مصدره المطبعة العربية وقد تعرض من أجل ذلك مرات عديدة للتفتيش والتغريم المالي والتهديد والنفي كما تعرض للسجن والتعذيب شهورا لنشاط المطبعة الثوري أثناء حرب التحرير الجزائرية
وانظم لجمعية العلماء المسلمين وانتخب عضوا في المجلس الإداري لها، وبعد انقطاعه عن الصحافة تفرغ للتأليف والنشاط الاجتماعي والثقافي والديني وترك للمكتبة العربية والإسلامية أكثر من ستين مؤلفا بين كتاب ورسالة منها ديوان أبو اليقظان، إرشاد الحائرين، تاريخ صحف أبي اليقظان، عدا المقالات والأشعار والمذكرات والبحوث العديدة في تفسير القرآن.
وظل مجاهدا جهاد الصابرين غير آبه بالشلل النصفي الذي ألزمه الفراش منذ سنة 1957 يحرر الرسائل، ويستقبل الطلاب، ويؤلف الكتب إلى أن توفاه الله سنة 1973 عن عمر ناهز 87 سنة ودفن بالقرارة.