1588
0
مذكرات شاهد على سنوات الجمر الحلقة 90
بقلم اسماعين تماووست
حتى أنهم صاروا عميانًا، ولم يعودوا قادرين على الرجوع إلى ما كانوا عليه ، فبقوا في ظلمات لا يبصرون والحقيقة أن الجهل والكذب، هوالذي أقحم عقولهم المتعصبة إلى التفكير في الصراعات، مبررين ذالك،بالدفاع عن قضية إلاهية.
في حين أن الجهل فقط دافعهم إلى الكراهية و الإنتقام، وعلى خطى التعصب كانوا يسعون باستمرار في اتجاه ثورة لا شرعية لها، فإنطلاقا من إيديولوجيتهم الضعيفة والخاطئة، وحتى المتعارضة مع إبليس نفسه، كانوا يدعون إلى العصيان، وكان تمردهم ينتشركالعدوى بين أفراد المجتمع .
في الواقع التعصب الديني يمارسه دوما الجاهلون الذين يسعون إلى إلحاق الأذى بالآخرين بكل الوسائل الممكنة والتي لا يمكن تصورها، لتحقيق هدفهم المشين، فأصبحوا غير قادرين على السيطرة على أفعالهم المجنونة واللأخلاقية التي نتج عنها ذنوبا لا تغتفر، ليس فقط بسبب فظائعهم في إزهاق أرواح الأبرياء، ولكن لأنهم لا يعرفون حتى سبب القيام بذالك، و إذا ما خضعوا لإستجواب، يصرحون أن ذلك طاعة لأوامر قادتهم المزعومين.
ومع ذلك، كنت في بداية استجواب الإرهابيين وشركائهم ،أفضل دوما التساهل بعض الشيء ومسايرتهم بحكمة في التحقيق بغرض الحصول على معلومات تتيح لي فرصة إلقاء القبض على المجرمين وأعوانهم المتورطين ، أو إستعادة أسلحة، و حتى الوثائق أو كل ما يتعلق بقضية الإرهاب.
كنت أحرص على تذّكيرهم حتى يدركوا أنهم قد تعرضوا للتضليل بتعاونهم وانضمامهم في صفوفهم، موضحا لهم في كل مرة أنهم أصبحوا أعداءً لله والمجتمع، وأنه للأسف جرائمهم عادت من زمن آخر، و من عصرالجاهلية والهمجية والبربرية.
وفي العديد من المرات ، خلال إستجوابهم و الحديث معهم عن الشر الذي كان يمارس عليهم من قبل قادتهم الخسيسين ، لاحظت أنهم لا يتأثرون أبدا.! وبدى لي ذلك غريبا فعلا! وكانت علامات اللامبالاة تُرسم على وجوههم القبيحة والإجرامية، وفي كل مرة كنت أستنتج وأتأكد أنهم لا يتراجعون عن جهلهم وتعصبهم ، وكان صمتهم أثناء التحقيق بمثابة خيبة بالنسبة لي لما له من أثر على تحقيقاتي.
ومنذ ذلك الحين، أدركت حقاً و جيدًا، أنه لا بد من القيام بعكس ذالك من أجل تحقيق نتائج جيدة ، وبالتالي مفيدة بما يكفي لقطع الطريق أمام الإرهاب الأعمى لتحقيق أهدافه.
و توصلت مراراً من خلال التحقيقات إلى إدانة من يستحق ، وبالتالي تحويلهم للمصالح القضائية ، لتقرر العدالة وتفصل في أمرهم نهائياً...أما الذين أصروا على الإيمان بأفكارهم المتعصبة التي أدت إلى مأساة وطنية، فلقد أرغمنا على إستخدام طرق أخرى، أحيانا شديدة، كالقوة و التي تضل الوسيلة الوحيدة و الفعالة، والتي تسمح لنا بتحقيق ما كنا نأمل أن نتواصل اليه.
أدركنا حينها أن السيناريو الذي وضعناه هو الأنسب لتطبيقه على بعضهم من الذين جسدوا معاني الكراهية والعنف والتمرد في حق الوطن و أبنائه .
و أخيرًا، أجزم أن كل المجرمين الذين تواصلت معهم في إطار مهنتي، حتى مهماتي التي لا تعد ولا تحصى، لم يكونوا سوى أناسٌ بائسين و منحطين ...
يتبع...