189
0
11 عائلة تواجه المجهول داخل مدرسة مهجورة بالمدنية… ومصيرها الإخلاء دون مأوى

بأعالي العاصمة الجزائر، وتحديداً بحي الكونفور القديمة في بلدية المدنية، يعيش أكثر من 11 عائلة داخل مبنى مدرسة قديمة أُغلقت منذ أزيد من 37 سنة، بعدما تحولت من فضاء تعليمي إلى مأوى اضطراري لمن ضاقت بهم سبل الحياة.
ماريا لعجال
رجالاً، نساءً، أطفالاً، مرضى، مطلقات، وأرامل، لم تلجأ إلى هذا المكان المهترئ اختياراً، بل هرباً من الشارع، والبرد، واليأس، عقب انسداد كل الابواب في وجوههم، ولم يجدوا بديلاً يأويهم سوى أقسام متهالكة وسقوف قد تنهار في أية لحظة.
مأوى الضرورة لا الكرامة
منذ سنة 2017، بدأ "بندريس سيد علي" رحلته في هذه المدرسة بعد أن وجد نفسه بدون مسكن، ترافقه زوجته وابنه "حميد"، مثلما هو حال جاره "رياض بندريس" الذي يعيل زوجته وثلاثة أطفال، عاجز عن تأمين حتى لقمة العيش، فكيف له بتحمّل أعباء كراء أو شراء مسكن؟
أما "رياح سمير"، فقصته لا تقل مرارة، حيث عاش عاماً كاملاً مشرداً قبل أن يجد في جدران هذه المدرسة ملاذاً آمن، وهو اليوم يواجه نفس المصير: أمر بالإخلاء من السلطات المحلية دون بديل.
نساء تحت القهر... وأطفال بلا أمان
من بين القاطنين، "نجيمة هلال"، سيدة مطلقة طُردت من منزلها، تعاني من الخبيث "السرطان" وتعيش في هذا المبنى مع أطفالها الأربعة، يفتقر إلى أدنى شروط الحياة الكريمة، ناهيك عن انعدام الرعاية الصحية اللازمة.
كذلك الحال بالنسبة للأرملة "قرنين أحلام" التي فقدت زوجها ولم تجد من يعيلها، فاصطفت مع طفليها على رصيف المدرسة المهجورة، هرباً من الجوع والتشرد.
أمر بالإخلاء… دون رحمة أو بدائل
ورغم أن كل هذه العائلات مقيمة منذ سنوات داخل هذا المبنى، بل وأغلبهم من أبناء حي العتيق "الكونفور"، الذي اسمه لايشبهه بتاتاً، فإن الجهات المعنية اكتفت بإصدار أمر بالإخلاء النهائي يوم 9 جويلية 2025، أي بعد أربعة أيام من إحتفال تلك العائلات بعيد الإستقلال المجيد، دون أن تقدم أي بديل سكني أو اجتماعي لهؤلاء المواطنين، الذين يعيشون في ظروف لا تليق بكرامة الإنسان ولا كرامة الجزائري في ذكرى استقلاله الثالث والستين .
الأدهى من ذلك، أن القرار جاء بعد ستة أشهر من التوتر والمعاناة، حيث ظل شبح الطرد يطاردهم منذ وصول ورقة الإنذار الأولى بانتهاء المهلة بنهاية السنة الدراسية 2024/2025.
"لسنا طامعين.. نحن فقط نطلب حقنا"
في حديثنا مع بعض أفراد هذه العائلات، تكررت عبارة واحدة: "لسنا طامعين.. نريد فقط حقنا في السكن، لأننا فعلاً محتاجون".
هم لا يطالبون بالقصور، بل بسقف يحميهم وأطفالهم من الشارع والتشرد، وهذا حق يكفله الدستور والقانون، كما أن وضعيتهم الاجتماعية والإنسانية تؤهلهم للاستفادة من برامج السكن الاجتماعي.
نداء عاجل إلى السلطات
في ضوء هذه المعطيات الميدانية المؤلمة، تناشد هذه العائلات الحزينة السلطات المحلية والمركزية، وعلى رأسها وزارة الداخلية وولاية الجزائر، التدخل العاجل للوقوف الجانبها، في هذه الظروف الصعبة، وسط تهميش تام لمطالبها من طرف البلدية.