17

0

تربة صحية… مدن سليمة: خبراء وباحثون يناقشون تحديات التربة بالجزائر

في اليوم العالمي للتربة

أحيت المدرسة الوطنية العليا للفلاحة، اليوم الأربعاء، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، فعاليات اليوم العالمي للتربة، بحضور نخبة من الأساتذة، الباحثين، ممثلي الهيئات العلمية، وممثلي السلك الدبلوماسي.

شروق طالب 

وفي كلمته الافتتاحية، أكد مدير المدرسة، طارق حرطاني، أن الاحتفال باليوم العالمي للتربة يمثل فرصة لتعزيز الوعي حول الدور المحوري للتربة في بناء منظومات غذائية مستدامة.

وشدد على أن تخصيص الأراضي الفلاحية لضمان "تربة صحية ومدن سليمة" يتطلب اعتماد فلاحة عصرية تعتمد على الابتكار العلمي، والاستخدام الأمثل للموارد، واسترجاع الخصوبة الطبيعية للتربة.

وأشار حرطاني إلى أن التحدي اليوم يتمثل في كيفية استغلال الأراضي الفلاحية بطريقة آمنة ومسؤولة تضمن الإنتاجية دون الإضرار بالنظم البيئية.

كما أبرز إمكانية تطوير زراعات الأشجار المثمرة داخل المدن الكبرى وحولها، ضمن مقاربة الزراعة الحضرية، التي أصبحت رهانا عالميا لتحسين الأمن الغذائي. 

أهمية الوعي بضرورة حماية التربة 

ومن جهتها، أكدت إيرينا بوتود، الممثلة المقيمة لمنظمة الفاو في الجزائر، أن اختيار شعار هذا العام: "تربة صحية لمدن سليمة"، يعكس الوعي العالمي المتزايد بضرورة حماية التربة كركيزة أساسية لضمان بيئة صحية وتحقيق توازن النظم الإيكولوجية.

وأضافت أن التربة الصحية تساهم في تنظيم المياه، تخزين الكربون، تعزيز التنوع البيولوجي، وتحسين صحة السكان، باعتبارها أحد المكونات الأساسية لجودة البيئة الحضرية.

وأعربت بوتود عن سعادتها بالشراكة مع المدرسة الوطنية العليا للعلوم الزراعية، مؤكدة أن هذا الحدث يعد منصة للتبادل بين الخبراء وصناع القرار والباحثين، من خلال مناقشة محاور علمية دقيقة، على غرار ملوحة التربة وأثرها على الإنتاج الزراعي، دور البحث العلمي في تعزيز الإدارة المستدامة للتربة، فضلا عن أهمية المقاربة البينية بين القطاعات في تثمين موارد التربة، خصوصا في القطاع الفلاحي.

دعوة لتعزيز التعاون العلمي

وفي ختام كلمتها، دعت ممثلة الفاو جميع المشاركين إلى استثمار هذا اللقاء العلمي لتعميق النقاش وتبادل الخبرات، مؤكدة أن حماية التربة وتثمينها يظلان تحديا محوريا يتطلب تعاونا بين مختلف القطاعات. 

كما جددت التزام الفاو بمرافقة جهود الجزائر في تعزيز البحث العلمي وتطوير ممارسات زراعية مستدامة، خدمةً لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

 

ملوحة التربة تهدد أكثر من 16 مليون هكتار في الجزائر

ومن جهته، قدم لعريبي عبد القادر، المدير المساعد لأنظمة الإعلام والاتصال والعلاقات الخارجية، عرضا مفصلا حول ظاهرة ملوحة التربة في الجزائر، مؤكدًا أنها من بين أبرز التحديات التي تهدد الإنتاج الزراعي، خاصة في المناطق التي تسجل مستويات ملوحة مرتفعة.

وأوضح لعريبي أن ملوحة التربة تؤدي مباشرة إلى تراجع مردودية المحاصيل الزراعية، وصعوبة امتصاص النباتات للماء والعناصر الغذائية، وهو ما يجعل المشكلة ذات طابع استراتيجي. 

وأشار إلى أن الدراسات المتوفرة تقدر المساحات المتأثرة بالملوحة في الجزائر بحوالي 1.2 مليون هكتار وفق الخرائط المنجزة، بينما تتحدث تقديرات علمية أخرى عن ما يقارب 13 إلى 16 مليون هكتار متأثرة بدرجات متفاوتة من الملوحة (منخفضة، متوسطة، وعالية)، وهو ما يؤكد اتساع نطاق الظاهرة.

أسباب الملوحة ونوعيتها

وأكد المتحدث أن ملوحة التربة في الجزائر تعود لسببين رئيسيين:

• الملوحة الطبيعية (الأساسية): الناجمة عن العوامل المناخية والجيوكيميائية، خصوصا في المناطق الجافة وشبه الجافة حيث تتسارع عملية تبخر المياه وتبقى الأملاح مترسبة في الطبقات السطحية.

• الملوحة الثانوية (الإنسانية): الناتجة عن استخدام مياه ري ذات نوعية رديئة أو ذات تركيزات عالية من الأملاح، وهو ما يؤدي إلى تراكمها في التربة على المدى الطويل.

وأشار لعريبي إلى أن الكثير من الفلاحين يستعملون مياها دون معرفة تركيبها الكيميائي والفيزيائي، مما يزيد من احتمالات رفع ملوحة التربة، مؤكدا أهمية التحليل الدوري لمياه السقي والتربة كآلية وقائية أساسية.

الحلول المقترحة

وفي هذا الجانب، قدم المسؤول عدة حلول علمية وعملية للتقليل من آثار الملوحة، من بينها:

• تحسين إدارة مياه الري من خلال مراقبة نوعيتها وترشيد استخدامها واعتماد تقنيات ري حديثة مثل الري بالتنقيط.

• غسل التربة (Leaching) في المناطق التي تسمح مواردها المائية بذلك، للمساعدة في التخلص من الأملاح الزائدة.

• تحسين الصرف الزراعي للحيلولة دون تراكم الأملاح في الطبقات السطحية.

• تطوير أصناف نباتية مقاومة للملوحة والجفاف عبر برامج البحث والتحسين الوراثي، نظرا لكون الجزائر تقع في منطقة تشهد شحًا في المياه وتراجعًا في التساقطات المطرية.

• تعزيز التوعية لدى الفلاحين حول مخاطر الملوحة وكيفية التعامل معها بطرق علمية.

نحو رؤية وطنية لإدارة التربة

وختم لعريبي مداخلته بالتأكيد على أن مواجهة ملوحة التربة تتطلب رؤية وطنية شاملة، تقوم على المعطيات العلمية الدقيقة والتكوين الفلاحي والابتكار، معتبرا أن التربة مورد غير متجدد، وأن الحفاظ عليها هو استثمار مباشر في الأمن الغذائي للبلاد.

 

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services