211
0
توقيع كتاب "الكومندو جورج" في سعيدة : الوجه الخفي للصراع بين المجاهدين والحركى في منطقة سعيدة 1959-1962
شهدت دار الثقافة مصطفى خالف في ولاية سعيدة، حفل توقيع كتاب "الكومندو جورج" للباحث والي حسين والكاتب الدكتور زاوي بوبكر، الذي يسلط الضوء على مرحلة دقيقة وحساسة من تاريخ الجزائر بين عامي 1959 و1962.
الحاج شريفي
يركز الكتاب على تشكيل "الكومندو جورج"، وهي وحدة عسكرية فرنسية مؤلفة من جزائريين، بعضهم مجاهدون سابقون، انقلبوا على رفاقهم في الثورة الجزائرية وعملوا لصالح الجيش الفرنسي.
"الكومندو جورج": تشكيل خطير من مجاهدين مرتدين ومجندين سابقين
يتناول الكتاب بعمق تشكيل "الكومندو جورج"، الذي ضم مجندين سابقين في الجيش الفرنسي، وبعض العاطلين عن العمل، بالإضافة إلى مجاهدين سابقين كانوا على دراية دقيقة بتفاصيل النظام الثوري وشبكات المقاومة. هؤلاء المجاهدون السابقون، بعد أن خانوا القضية الوطنية، أصبحوا يعملون لصالح فرنسا ويخدمون مصالحها في ضرب الثورة الجزائرية من الداخل.
ويؤكد الكتاب أن هؤلاء المجاهدين المرتدين كانوا أخطر العناصر في "الكومندو جورج"، نظراً لإلمامهم بخبايا العمل الثوري، مما جعلهم أدوات فعالة في تنفيذ العمليات ضد زملائهم السابقين. وقد أتاح لهم هذا الاطلاع الداخلي القدرة على اختراق شبكات المقاومة، وتعقب المجاهدين في الأماكن السرية التي كانوا يختبئون فيها.
استغلال الخيانة لتحقيق مكاسب سياسية
يوضح الباحث والكاتب أن القادة الفرنسيين مثل الجنرال مارسال بيجار، كانوا يدركون أن استقلال الجزائر كان مسألة وقت فقط، لكنهم سَعَوا لضمان أن يكون هذا الاستقلال تحت النفوذ الفرنسي.
وقد أشار بيجار في حديثه للمقربين منه إلى ضرورة أن يتولى "حلفاء فرنسا" من الجزائريين الموالين لها قيادة الجزائر المستقلة، في مقابل إقصاء القيادات الوطنية الثورية.
هذا الفكر لم يكن غريبًا على أعضاء "الكومندو جورج"، الذين رأوا في الانخراط في هذه الوحدة الإجرامية فرصة للحصول على مكانة في الجزائر الجديدة، ولو كان ذلك على حساب دماء المجاهدين والنضال الوطني.
دور "الكومندو جورج" في منطقة سعيدة
كان للكومندو جورج دور كبير في العمليات العسكرية الفرنسية ضد المجاهدين في منطقة سعيدة، إذ استغل أفراده معرفتهم الدقيقة بأساليب المقاومة والمخابئ السرية لشبكات الدعم والإسناد. هذه المعرفة ساعدت القوات الفرنسية في توجيه ضربات مؤلمة للمجاهدين في وقت قصير.
وقد تميزت هذه العمليات بالوحشية المفرطة والتنكيل بالمدنيين، فضلاً عن الدعم الجوي الذي وفرته فرنسا لهذه الوحدات.
ورغم ما حققه "الكومندو جورج" من نتائج على المدى القصير، إلا أن المقاومة الجزائرية استمرت في صمودها، مما جعل من جهود الخونة أمراً مؤقتاً، لا يستطيع أن يوقف عجلة التحرير.
أثناء حفل التوقيع، ناقش الباحثان والي حسين وزاوي بوبكر أهمية توثيق هذه الفترة الحساسة من تاريخ الجزائر، حيث تم استعراض دور الخيانة وتأثيرها في صفوف المقاومة، وكيف استطاع المجاهدون تجاوز هذه الصعوبات والاستمرار في الكفاح حتى نيل الاستقلال.
يعتبر كتاب "الكومندو جورج" إضافة مهمة للأدب التاريخي الجزائري، إذ يعرض بجرأة ووضوح جانبًا مظلمًا من تاريخ الثورة، مسلطاً الضوء على الخيانة ودورها في إضعاف النضال الوطني. كما يقدم الكتاب دعوة للأجيال الجديدة للتفكير في معاني الولاء والانتماء الوطني في أوقات الشدائد.
ملاحظة: يمثل الكتاب شهادة مهمة على التضحيات التي قدمها المجاهدون الجزائريون في سبيل الحرية، ويُعتبر تذكيراً بقوة الروح الوطنية التي تجاوزت كل محاولات الخيانة والغدر.