77
0
تحذير صارم من محافظة الغابات بباتنة "لا تسامح مع شواء الغابات أيام العيد!"

في خطوة صارمة لحماية الثروة الغابية التي تُعد من الكنوز الطبيعية النادرة في الجزائر، أعلنت محافظة الغابات لولاية باتنة عن الشروع الفوري في تحرير محاضر قضائية ضد المخالفين الذين يُقدمون على إشعال مواقد الشواء داخل الغابات أو في الأراضي المدمجة ضمن الأملاك الوطنية الغابية.
ضياء الدين سعداوي
هذا الإجراء الردعي جاء عقب سلسلة طويلة من الحملات التوعوية التي نفذها أعوان الغابات عبر مختلف الوسائط، تنبيها لمخاطر اندلاع الحرائق، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة وتزامنها مع عطلة عيد الأضحى.
عيد الأضحى... ومخاطر مستترة في الغابات
في العادة، تتوجه العديد من العائلات الجزائرية إلى الفضاءات الطبيعية والغابات للاحتفال بعيد الأضحى، لاسيما في اليوم الثاني والثالث من العيد الذي يشهد ذبح الأضاحي وتقاليد الشواء الجماعي.
غير أن هذا السلوك الترفيهي، وإن كان تقليدًا اجتماعيًا، يتحوّل في الغابات إلى تهديد مباشر للغطاء النباتي والحياة البرية.
وفي هذا السياق، قامت فرق التدخل الأولية لمكافحة حرائق الغابات بولاية باتنة، صبيحة يوم السبت 07 جوان 2025، الموافق لثاني أيام عيد الأضحى، بدورية استطلاعية وردعية واسعة النطاق مست مناطق عدة، من بينها جبال الشلعلع التابعة لإقليم فسديس، بالتنسيق مع الحظيرة الوطنية بلزمة والفرق الإقليمية للدرك الوطني بكل من بوزوران ووادي الشعبية.
غلق طريق "كوندورسي"... خطوة لحماية غابات الأرز
ضمن التدابير الاحترازية، تقرر الغلق الكلي لطريق كوندورسي المؤدي إلى جبال الشلعلع، وهي المنطقة التي تُعد موطنًا لأشجار الأرز الأطلسي النادرة. الغلق جاء تفاديًا لأي سلوك طائش قد يؤدي إلى كارثة بيئية في حال اندلاع حريق، خاصة في ظل الجفاف النسبي الذي تعرفه المنطقة.
كما تم تسجيل عدة تدخلات ميدانية لمنع إشعال النيران على مستوى الفضاءات الغابية، حيث وُجّهت إنذارات مباشرة للمواطنين، مع التنبيه إلى أن أي مخالفة ستُعالج بالقانون.
قانون صارم... وعقوبات ثقيلة
المادة 142 من قانون حماية الغابات واضحة وصارمة: كل من يُشعل النار لغرض طهي الطعام في أماكن غير مخصصة لذلك، يُعاقب بالحبس من شهرين إلى ستة أشهر، وبغرامة مالية تتراوح بين 50.000 دج إلى 100.000 دج. وهو ما بدأت محافظة الغابات فعليًا بتطبيقه عبر تحرير المحاضر وتقديم المخالفين أمام العدالة.
هذه الإجراءات ليست مجرد تهديدات نظرية، بل هي خطوات تنفيذية على الأرض، تنبّه الجميع إلى أن عهد التساهل مع السلوكات التخريبية قد ولّى، وأن حماية البيئة باتت أولوية وطنية.
"ثروتنا الغابية... مسؤولية جماعية"
في بيانها الأخير، وجهت محافظة الغابات نداءً عاجلاً إلى جميع سكان الولاية، لاسيما أولئك القاطنين بمحاذاة المناطق الغابية، للمساهمة الفعالة في حماية هذه الثروة الطبيعية. ودعت إلى التبليغ الفوري عن أي نشاط مريب، سواء من خلال أعوان الغابات أو عبر مصالح الدرك الوطني.
"الثروة الغابية ليست ملكًا للأفراد بل للأجيال القادمة"، تقول المحافظة، مؤكدة "كلنا مسؤولون عن حمايتها، وكل تصرف طائش يمكن أن يتحول إلى فاجعة وطنية".
الحملات التحسيسية... بين الوعي والعناد
رغم ما بُذل من جهود تحسيسية، عبر حملات إعلامية ولقاءات جوارية وتوزيع منشورات، إلا أن بعض المواطنين لا يزالون يتجاهلون نداءات السلامة، في مشهد يعكس حجم الفجوة بين الوعي البيئي والسلوك اليومي. وهنا تؤكد الجهات المعنية أن التحسيس لا يعني التساهل، وأن زمن "العذر بالجهل" قد انتهى.
و في الأخير... المسؤولية تبدأ من المواطن
في ظل التغيرات المناخية، وازدياد التهديدات التي تواجه البيئة في الجزائر، تصبح الغابة أكثر من مجرد فضاء طبيعي، بل حصنًا أخضر لا بد من الدفاع عنه. وسواء كنا مواطنين، مسؤولين، أو مؤسسات، فإن حماية الغابات مسؤولية جماعية لا يمكن التنازل عنها.
فلتكن أيام العيد فرصة لتعزيز الوعي، لا لإشعال شرارة قد تلتهم آلاف الهكتارات... ولنتذكر دومًا ، النار لا تفرق بين لحم يُشوى وغابة تحترق.
للتبليغ عن أي تجاوز أو حريق، يُرجى التواصل مع أقرب محافظة غابات أو فرقة للدرك الوطني.