51

0

صوت الذاكرة لا يشيخ... ناصر الدين سعيدوني يحيي روح الثورة من سعيدة

نشط المؤرخ والمفكر الجزائري البروفيسور ناصر الدين سعيدوني ندوة تاريخية متميزة، احتضنتها المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية "ونزار عبد الكريم" بمدينة سعيدة، تحت عنوان:
"ثورة التحرير ودورها في بناء الشخصية الجزائرية والمحافظة على الوحدة الوطنية".

الحاج شريفي

الندوة من تنظيم من جمعية المعارف وبالتنسيق مع نادي التاريخ الأمير عبد القادر، وسط حضور وطني واسع من الأساتذة والطلبة والمهتمين بالشأن التاريخي.

النشاط شكل محطة هامة ضمن جولة فكرية قادها البروفيسور سعيدوني نحو غرب الجزائر، انطلقت من معسكر، حيث نشط محاضرة بنادي البيان حول شخصية الأمير عبد القادر، ثم حل ضيفا على جامعة ابن خلدون بتيارت في ندوتين متتاليتين، ليحط الرحال بعدها بسعيدة التي أصر على زيارتها "حبا في أهلها وتاريخها"، كما عبر في أكثر من مناسبة.

الجلسة العلمية التي ترأسها الدكتور شباب عبد الكريم، أستاذ التاريخ بجامعة سعيدة، افتتحت بتلاوة آيات من القرآن الكريم والنشيد الوطني، قبل أن يتناول الكلمة كل من مدير المكتبة مزوار مختار، ورئيس جمعية المعارف حمامي يحيى، ورئيس نادي التاريخ بغداد مرابطي، في كلمات ترحيبية أشادت بمسيرة الضيف وأهمية اللقاء.

في مستهل المحاضرة، قدم الدكتور ودان بوغفالة من جامعة تيارت مداخلة تعريفية تناول فيها ملامح من المسيرة العلمية للمحاضر، مشيرا إلى أن سعيدوني يعد من أبرز المؤرخين الجزائريين، ألف ما يزيد عن ثمانين كتابا، وأشرف على أكثر من أربعين أطروحة بين الجزائر والكويت، جامعا بين البحث الأكاديمي الموثق وروح المؤرخ الحامل لهم الهوية الوطنية.

في مداخلته المطولة والعميقة، وصف سعيدوني ثورة التحرير الجزائرية بأنها زلزال وملحمة تتجاوز الزمان والمكان، مشيرا إلى أنها نتيجة لتراكمات تاريخية بدأت منذ القرن السادس عشر، مرت بفترة انحدار حضاري خلال القرن التاسع عشر بسبب الاستعمار الأوروبي، وصولا إلى اللحظة الفاصلة: الثامن ماي 1945، التي مثلت – حسب تعبيره – "الشرارة الحقيقية التي أزالت الخوف ومهدت لانطلاق الثورة".

 

أبرز المحاور التي أثارها البروفيسور تمثلت في:

 

دور الأمير عبد القادر كمجدد للدولة الجزائرية.

حتمية الثورة بعد تفكيك المجتمع الجزائري ومحاولات محوه من الوجود.

خصوصية الثورة الجزائرية مقارنة بثورات العالم، كونها "ثورة مبادئ لا زعامة".

رفضها للتدجين والاستقطاب، وكونها مدرسة تحرر عالمي ألهمت العديد من الشعوب.

وأكد سعيدوني أن الثورة لم تكن محصورة في شخصيات أو تيارات، بل كانت مشروع شعب ناضج، مؤمن بقضيته، سعى لتحرير الأرض والإنسان، ولم يخضع لأي برنامج مسبق أو حسابات فئوية، بل انتصر للاعتدال والانسجام الداخلي.

وأثارت مداخلته نقاشا غنيا من قبل الحضور الذين طرحوا تساؤلات حول مستقبل تدريس التاريخ في المؤسسات التعليمية، وأهمية اللقاءات الفكرية في بناء جسر التواصل بين الأجيال، وتعزيز روح الانتماء الوطني.

الندوة عرفت مشاركة فاعلة لعدد من الجمعيات والجهات الرسمية والمجتمعية، منها: جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، جمعية قدماء الحركة الكشفية، فرع مؤسسة الأمير عبد القادر، جمعية الإبداع للطفولة، أساتذة من جامعة معسكر وأفلو، ومدير المتحف الولائي للمجاهد، إضافة إلى شخصيات تربوية وثقافية بارزة.

في ختام اللقاء، تم تكريم البروفيسور ناصر الدين سعيدوني من قبل الجهة المنظمة ومرافقيه الدكتور ودان بوغفالة والدكتور شباب عبد الكريم، بالإضافة إلى الأستاذين المتقاعدين بلكحل عبد الغني وزاوي قادة، عرفانا لما قدماه للمنظومة التعليمية، كما أهدى سعيدوني نسخة من أحد مؤلفاته لمدير المكتبة مزوار مختار، في التفاتة رمزية تحمل تقديرا لمدينة سعيدة ووفاء لذاكرتها.

اللقاء حظي بتغطية إعلامية واسعة، وشكل محطة جديدة في مسار أستاذ لا تنطفئ شعلته، يواصل، رغم تقدمه في السن، نشر الوعي التاريخي واستنهاض الضمير الوطني من خلال الكلمة الصادقة والمعرفة الموثقة.

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services