173
0
صلاح خلف "أبو إياد": عقل الثورة الفلسطينية ورمز النضال المستمر

بقلم: آسيا يحياوي
في قلب القدس القديمة، عام 1933، وُلد طفل سيصبح فيما بعد أحد أبرز أعمدة الكفاح الفلسطيني، رجل جمع بين الفكر الاستراتيجي، القيادة السياسية، وروح الثورة.
اسمه صلاح خلف، المعروف بـ أبو إياد، شخصية تركت بصمة لا تمحى في التاريخ الفلسطيني الحديث.
نشأ صلاح خلف في بيئة فلسطينية محافظة، وسط التحولات السياسية الكبرى بعد الاحتلال البريطاني والنكبة الفلسطينية عام 1948.
منذ صغره، أظهر ميولًا وطنية قوية، وحرص على التعلم والمشاركة في النشاط الوطني، مؤمنًا بأن الحرية مسؤولية جماعية تتطلب العمل والصبر.
درس في مدارس القدس، وشهد عن قرب الاحتلال والملاحقات السياسية، ما شكل وعيه الوطني المبكر. كانت تلك البيئة حاضنة لفكرة المقاومة المنظمة، التي ستصبح فيما بعد محور حياته.
انخراطه في العمل الوطني وحركة فتح
مع بداية الستينيات، أصبح أبو إياد من المؤسسين الرئيسيين لحركة فتح. لم يكن مجرد ناشط سياسي، بل مهندسًا استراتيجيًا للعمليات والسياسات.
وضع الخطط التي جمعت بين العمل العسكري والسياسي لضمان تأثير مستدام.
أسس برامج تدريبية للكوادر الفلسطينية على القتال والتخطيط السياسي والفكر الاستراتيجي.
حرص على بناء هيكل تنظيمي متين للحركة، قادر على مواجهة الاحتلال والانقسامات الداخلية.
دوره في الثورة الفلسطينية
خلال الثورة، لعب أبو إياد دورًا محوريًا:
التخطيط الاستراتيجي: تصميم العمليات العسكرية والسياسية بشكل منظم.
تدريب الكوادر: إعداد جيل جديد من المقاومين المثقفين والمنظمين.
العلاقات الدولية: إدارة الاتصالات مع الدول والمنظمات الداعمة للقضية الفلسطينية.
كان يركز على أن المقاومة الحقيقية تبدأ بالفكر والتنظيم، وليس بالقوة وحدها.
أبرز التحديات والإنجازات
واجه أبو إياد تحديات هائلة، منها الاحتلال الإسرائيلي والانقسامات الداخلية بين الفصائل الفلسطينية.
لكنه: حول أفكار الثورة إلى مؤسسات قوية ومنظمة.
ساهم في تطوير الخطط العسكرية والتكتيكية التي نفذتها فتح.
عزز البنية السياسية للحركة، لتكون قادرة على التفاوض والمقاومة في الوقت نفسه.
رسالته ورؤيته
أبو إياد كان يؤمن بأن: الوحدة التنظيمية والفكرية أساس النضال الفلسطيني.
الصبر والاستمرارية شرط لا غنى عنه لتحقيق الحرية.
الهوية والثقافة الفلسطينية يجب الحفاظ عليها أثناء النضال.
رؤيته أكدت أن الثورة ليست مجرد سلاح، بل استراتيجية متكاملة تجمع الفكر والسياسة والعمل الميداني.
إرث خالد وتأثيره
ترك أبو إياد إرثًا خالدًا: كرائد استراتيجي، ساهم في تحويل النضال الفلسطيني من مقاومة عشوائية إلى حركة منظمة.
درب أجيالًا من الفلسطينيين على الفكر السياسي والعسكري المنظم.
أصبح اسمه رمزًا للثبات والصبر والعقل المدبر في النضال الوطني.
قصته تذكّرنا بأن الحرية لا تُمنح، بل تُنتزع بالوعي والعمل المستمر، وأن الإرث الحقيقي يقاس بالتأثير المستمر على مستقبل الوطن.
صلاح خلف، أبو إياد، لم يكن مجرد اسم في التاريخ، بل درس حي في القيادة، التخطيط، والصبر الوطني. حياته تثبت أن النضال الفلسطيني يحتاج إلى عقل مدبر وروح صامدة، وأن الإنسان الواحد قادر على ترك أثر يمتد لأجيال كاملة. قصته تظل منارة لكل من يناضل من أجل العدالة والحرية، وتؤكد أن الفكر والعمل المتناغم هما الطريق الحقيقي للتحرير.