26
0
الكاتبة باسمة عليوش ....قلم انثوي جزائري يفيض احساسا وابداعا

من قلب العاصمة الجزائرية، بزغ قلم أنثوي يفيض إحساسا وصدقا، ليضيف إلى المشهد الأدبي الجزائري نغمة جديدة، تحمل بين سطورها بوحا داخليا وشهادات إنسانية صادقة.
شروق طالب
إنها الكاتبة باسمة عليوش، التي لم تنتظر بطاقة عبور من أحد لتبدأ رحلتها مع الكتابة، بل صنعت طريقها بنفسها، حرفا بعد حرف، تجربة بعد تجربة.
من هي باسمة عليوش؟
وفي بداية حوارنا، عرفت عليوش عن نفسها، حيث قالت
"كاتبة من الجزائر العاصمة، قد لا يهم القارئ كثيرا كم عمري أو ما هي شهادتي الأكاديمية، فالكلمات التي أقدمها له أصدق من أي سيرة ذاتية مكتوبة على ورق".
مضيفة "خلفيتي الأكاديمية كانت في مجال بعيد عن الأدب، لكنني وجدت دائمًا أن الكلمة أقرب إلي من أي شهادة، وأقدر على تمثيل من أكون حقا".
من ألم الفقدان إلى اكتشاف الذات
وبالحديث عن الدافع وراء دخول كاتبتنا عالم الادب، ذكرت أنه لم يكن قرارا واعيا بقدر ما كان قدرا يرافقها.
فعند وفاة جدتها، وجدت عليوش نفسها تكتب خواطر بسيطة، تضعها تحت وسادتها معتبرة إياها سر صغير بينها وبين ذاتيها.
شيئا فشيئا تحولت الخواطر إلى نصوص أطول، والرسائل غير المرسلة إلى كتب كاملة،
لم يكن الأمر موهبة فقط، بل مزيجا من شغف قديم، وجرح إنساني، وفضول دائم لفهم الحياة، على حد تعبير عليوش.
البداية...غيوم ضاحكة
وعن أولى الاعمال، تحدثنا عليوش، بانه كان مؤلف "غيوم ضاحكة"، الذي اصدر بتاريخ 12 افريل 2024، حيث كتبته في فترة كانت تبحث فيها عن أمل وسط الغيوم الثقيلة التي ملأت سماءها الخاصة.
أرادت أن تقول للقارئ من خلاله، حتى الغيوم تستطيع أن تضحك، أي أن كل ما نظنه مظلمًا يمكن أن يحتوي على ضوء خفي.
ولعل أهم رسائل هذا المؤلف حسب عليوش، هي محاولة اكتشاف الجانب المضيئ حتى في أقسى اللحظات، وغيوم ضاحكة هو مؤلف موجه لكل من يظن أن الحزن هو المصير الأخير، حسب ماذكرته عليوش.
دفء الشمس وظلال القمر
أما عن ثاني مؤلف، أوضحت عليوش، بان "دفء الشمس وظلال القمر"، هو عبارة عن كتاب كان بمثابة رحلة في ثنائية الحياة.
وهذه الرحلة، لطالما شكلت مصدر الهام لمحدثتنا، التي تتجسد في التناقضات، ما جعلها تتساؤل عن كيف يمكن للنور أن يعيش بجوار الظل؟ وكيف يكون الليل شقيق النهار؟
ومن خلال هذا العمل أرادت أن تبرز أن إنسانيتنا لا تكتمل إلا بقبول أضدادها، فما من أحد كامل لا الضوء ولا الظل، بل نحن مزيج من الاثنين، على حد تعبيرها.
تعلق قاتل...ما القصة؟
للوهلة أولى، يجد قارئ عنوان هذا العمل يطرح عدة تساؤلات، أبرزه، هل يمكن أن يكون فعلا التعلق قاتل؟
وفي هذا السياق، أوضحت عليوش أن "تعلق قاتل" كان نتاج مراقبة دقيقة للعلاقات الإنسانية، وخاصة الحب حين ينحرف عن مساره الطبيعي.
حيث رأت الكثيرين يغرقون في التعلق حتى الاختناق، لذلك كتبته كصرخة تقول: "إن الحب إن لم يكن حرية فهو قيد قاتل".
ورسالته موجهة بالدرجة الاولى للشباب، أن لا يجعلوا من قلوبهم سجونا ولا من مشاعركم قيودا".
مدينة اليثيا...إصدار سنة 2025
وعن آخر اصدارات محدثتنا، والأقرب إلى عالمها الخيالي على حد تعبيرها، بان القصة وراء تأليفه، جاءت من خلال بحثها عن مدينة مثالية لا وجود لها في الواقع، مدينة تتسع للحلم والصدق، لذلك اختارت له اسم "اليثيا"، بمعنى الحقيقة.
معتبرة أن هذه المدينة يرحل إليها كل إنسان في داخله بحثا عن السلام، ولهذا السبب أرادت أن تقول من خلال هذا المؤلف، "إن الحقيقة ليست مكانا خارجيا نذهب إليه، بل مدينة داخلية علينا أن نكتشفها".
وفي ما يخص الاسلوب الادبي
الذي اتخذته كاتبتنا في مؤلفاتها، اوضحت انه يميل إلى الوجدانية والبوح، وتغلب عليه مسحة من الشعر حتى وإن لم يكن شعر موزون.
مضيفة "أحب أن أكتب ببساطة، لكن بعمق ما يجعل القارئ يتوقف عند الجملة ليعيد قراءتها، كونها نابعة من صدق ما أشعر به تماما".
تحديات البداية وآفاق المستقبل
وفي هذا الصدد، ذكرت عليوش بان في بداياتيها لم يكن الطريق سهلا، واجهت تحديات مادية، فالكتابة لا تكتمل إلا بالنشر، والنشر يحتاج إلى إمكانيات.
الا أن الدعم العائلي ومن قبل صديقاتها، كان لا يقدر بثمن، فقد كانوا المشجع الأول والمستمر لها، مما جعل الطريق أقل صعوبة، حسب قولها.
أما عن الآفاق المستقبلية، ترى عليوش أن الكتابة طريق بلا نهاية، وهو ما جعلها تطمح أن تكتب روايات أطول، وتتأمل أن تصل اعمالها لكل العالم من خلال الترجمة، بحلم بلوغ
كلماتها إلى قارئ بعيد، ربما في قارة أخرى، فيجد نفسه في حرف كتبته هنا.
وفي الاخير، قالت الكاتبة عليوش "كلمتي لكل من يقرأني لا تنتظروا الظروف المثالية لتكتبوا أو لتحلموا، ابدأوا الآن، ولو بخط صغير، اكتبوا لأنفسكم أولا، ثم سيأتي اليوم الذي تجدون فيه أن كلماتكم صارت ملاذًا لغيركم".