536

0

شهر رمضان... ليس شهر الطعام

بقلم : الأستاذ سيدعلي دعاس

نقرأ ونسمع قوله تبارك وتعالى: "وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تشرفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ المسرفين". فالإسراف في كل شيء مذموم ومنهي عنه، لا سيما في الطعام والشراب.

ولذلك : "ما ملا آدمي وعَاءً شَرًا مِنْ بَطْنٍ بحسب ابن آدم أكلاتُ يُقِمَنَ صَلْبَهُ، فَإِنْ كَانَ لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابِهِ، وَثَلتُ لِنَفْسِهِ " .

ففي هذا الحديث أرشدنا النبي ﷺ إلى تقسيم المعدة إلى ثلاثة أجزاء : 1- للطعام -2 للشراب، -3- لنفسه؛ أي أن يبقى ثلث المعدة فارغا حتى تستطيع أن تؤدي وظيفة الهضم بسهولة.

 لا أن تملأ بطوننا حتى درجة التحمة، وحتى يصل الطعام إلى الفم!

ولكن للأسف نرى في صلاة التراويح أناسًا - أكرمكم الله - تقيؤُوا فَوْقَ زَرَابِي المسجد من شدة التخمة و ازعجوا المصلين ووقعوا في موقف محرج ....

ونحن نقول هنا "الإسراف" وليس "التبذير"، لِأَنَّهُ لابد أَن نُفَرِّقُ بَيْنَ الكلمتين.

فالتبذير هو أنك تشتري مثلا طعامًا ثم ترميه، أما الإسراف فهو أنك تأكله ولكن فوق حاجتك... هَذَا هُوَ الإسراف الذي تقصده.

 وَمِنْ مَفَاسِد الإسراف أن الإنسانَ يَنْشَغِلُ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الطاعات، كقراءة القرآن الكريم، والذي ينبغي أن تكون هي الشغل الشاغل المسلم في هذا الشهر الكريم، كما كانت عادة السلف رضوان الله عليهم. 

وَمِنْهَا أَيْضًا أن الإنسان إذا أكل كَثِيرًا أَصَابَهُ الكسل و نام كَثِيرًا، فَيُضَيع على نفسه أوقات الخير والبركات....

قال سفيان الثوري رحمه الله: "إذا أَرَدْتُ أَن يصح جسمك ويقل نومُكَ أَقْلِلَ مِنْ طَعَامِكَ".

وَمِنَ الفاسِدِ أَيْضًا أَن كثرة الأكل ثورثُ غَفَلَة القلب.قيل للإمام أحمد رحمه الله : "هَلْ يَجِدُ الرِّجَلُ مِنْ قَلْبِهِ رقة وهو شيع؟ فَقَالَ: مَا أَرَى ذلك".

كلُّكُمْ تُلَاحِظُونَ الأسبوع الذي يَسْبِقُ شَهْرَ رَمَضَانَ كيف أن الأسواق تعرف استِعْدَادَاتٍ عَلَى قَدَمٍ وَسَاقٍ لاستقبال أرتال المتسوقين الدِّينَ يَسْتَقْبِلُونَ رَمَضَانَ بأيديهم وبطونهم، وكاننا مقبلُونَ عَلَى حَرْبٍ لَا يُعْرَفُ كم سيطول أمدها والمسلم الواعي، المتابع للأسواق عليه أن يدرك أهداف شركات الأغذية والتجار من خلال تكثيف نشاطاتهم خلال هذه الفترة، باستغلال قدوم شهر رمضان المبارك بالتفنن في عرض البضائع والتسويق وإثارة غرائز البطون. فيا أَخِي، ويا أُخْتِي لَا تَجْعَلُوا رَمَضَانَ شَهْرًا للطعام فقط.

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services