587
0
شفا الجرف... مقالات عمري بشير نموذج
{3}
د.محمد مراح
كتب عمري بشير منشوره " الحرية كأساس مرجعي للفاعل السياسي العربي" في الموقع نفسه بتاريخ 15/9/2022 سكب علينا في مطلعه من ذات نفسه النافسة ما يأتي ذكره :
فقرات وجمل من مقال المسمى" عمري بشير" الحرية كأساس مرجعي للفاعل السياسي العربي" "يتهحم ويُعرّض بي مع لغة استصغار و نسبة أمور لي لا برهان له عليها وهي كالآتي :
1. ويأتي متنطع كان غارقا سنين عددا في الكتابات “النظرية المجردة” عن الإسلام الحضاري في مجلات وصحف خليجية، حيث دَرَّس بالجامعات، ليحتج بالقول إن الإسلاميين واجهوا الفكر المعاصر بالندية المثلى وقدموا بدائل وصلت حد طرح البدائل في عنصر البيئة!
2. بعضا من التعليقات تفاوتت بين التنطع وصل أحيانا إلى حد الانحراف عن عرف وأدب النقاش الفكري والثقافي من بعض متعصبي الحركة الإسلامية،
3. تقتضي طبيعة التعاليق وردود رصينة دون تلك العدوانية و”التنطعية
4. أن تقبل بإعمال المبضع النقدي على جسدها وروحها، دون تنطع ومكابرة ومعاداة لكل من وجه لها سهام الملاحظة كما صاحب الملاحظات الذي يرى كل ملاحظة عليهم مغالطة في تعصب للحركة فاق التعصب للإسلام !
فكتبنا ردنا عليه الآتي ذكره أيضا [ لم تنشره صحيفة عطوان ، سأفتح هذا الملف في مقام آخر إن شاء الله ]:
منشور " الحرية كأساس مرجعي للفاعل السياسي العربي" هو حالة ارتجاجات قوارع الحجج والبراهين . وهذا مزيد منها :
1. يقول صاحب المشور :" لم أرم أبدا بذلك إلى القول بضرورة تجاوز الأساس الأخلاقي الذي هو من أعمدة البناء في عمارة النموذج الحضاري الاسلامي، أنا أتحدث عن الحس الأخلاقي المستتر في الأعماق النفسية للمسلم كعائق للعبور والحضور في فضاءات الفعل التاريخي اليوم" .
وهذا ما لم يقصده في منشور:" تعقيبا على الدكتور عبد الله النفيسي
يقول : " كلام يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العمل السياسي الإسلامي وعلاقته بالمعطى الأخلاقي، ومدى تأثير هذا الأخير على الناشط الاسلاموي في تدبير وانفاذ القرار السياسي، كما ويحيلنا إلى التساؤل حول حقيقة فقر الحركات الإسلامية من الجهاز التفكيري، وهل ما ينقصها حقا هو المفكر أو الاستراتيجي؟
تتوالى الانتكاسات الإسلاموية دون أن تطرح الأسباب على المشرح لمحاولة فهم الأسباب داخل السياقات التاريخية والموضوعية، ذلك لأن جل المصاعب التي عانى منها الجهد الفكري في مسعاه لوضع مشروع عملي موضوعي مستجيب لمشروطية العصر، كان ولا يزال يصطدم بالجانب “الاخلاقي” بسبب هيمنة ما أسماه عبد الوهاب المسيري “العقل الأخلاقي” على كل نشاط وحركة المسلم في سياق التاريخ حيث تتسع فيه عناصر التأثير والفعالية عدا الاخلاق"
إذن نحن إزاء احتمالين هما : أحدهما تحريف الكلم عن مواضعه . والثاني : أننا نواجه حالة كتابة معنى معين ثم فهمه بنقيضه ، وكلتا الحالتين رزية !!! أما رزية الخبط اللغوي فطامّة في كلّ منشور ينشره !!!
2 . مثّل المنشور للنص التفسيري المقصود وهو كما قلنا نقيض النص المُفسَّرِ قائلا :" ... غياب النموذج الإسلامي في باحة الفنون الكبرى لا يزال محل نقاش على داخلي لا على مستوى أجهزة تفكيك المفاهيم وبناء الاستراتيجيات، بل على مستوى أجهزة إنتاج القرار العلمي، المعرفي وأعقدها جهاز الإفتاء الذي لا يزال يترنح مثلا في جزئية حرمة الموسيقى وادواتها من حلالهما، هل التماثيل الفنية اليوم هي أصنام الأمس التي كانت تعبد؟ الأدب نفسه محل نقاش أخلاقي في مضمونه بين مستجيب ومستريب" !
نحن هنا أيضا إزاء احتمالات هي : الأول تحاملُ الضاغن ، أما الثاني : فقولٌ عن غير هدى ولا كتاب مبين ، وأمّا ثالثها : فإفتراء وبيل .
وملحق بالنموذج شبيهه : فقد قلنا في معرض تعليقاتنا على منشوره "... أزمة العالم في رؤية الحركة الإسلامية متنوعة وثرية ومركبة وشاملة تبدأ من العقيدة إلى أزمة المناخ ، ومجرد نظر في بيبليوغرافيا تراثها وحده يبطل زعم المنشور " .
لكن يبدو أن أثر الحقيقة فعل فعله ، فكتب في منشوره "...يحتج [أي أنا]بالقول أن الإسلاميين واجهوا الفكر المعاصر بالندية المثلى وقدموا بدائل وصلت حد طرح البدائل في عنصر البيئة"!
الأدلة الناقضة / الصحوة الإسلامية التي يعود لحركة الإخوان المسلمين في العالم العربي فضل بعثها وتنميتها ورعايتها ونشرها، تيار شامل في المجتمع العربي كحال كثير من بلاد المسلمين، غَدَا حالة حضارية في الأمة خلال العقود الثلاثة الأخيرة ، تُعدُّ الحركات والتنظيمات الإسلامية مكوناتها الكبرى الرئيسة ، ومما يترتب على هذا الإحياء الإسلامي المبارك { الصحوة الإسلامية} أنتجت وعملت ودعت وأبدعت وأبتكرت واجتهدت وجددت في مجرى هذا الإحياء الذي يصب كل ما انطوى تحت ما ذكرناه في مجرى نهره.
وفي مثال الحال : فالمؤسس الفعلي للأدب الإسلامي الحديث والمعاصر هو مصطفى صادق الرافعي
[ 1880 ــــــــــ 1937 ] رحمه الله من خلال كتابه {إعجاز القرآن} الذي اكتنز قواعد منهج الأدب الإسلامي من خلال أسرار الإبداع الفني المعجز في القرآن الكريم، كما هو الحال مع أسرار البلاغة لعبد القاهرالجرجاني [ 400 ــــــ 471 ه ] الذي مدّ الأديب العربي بجواهر الإبداع القرآني ملهمة هادية .
أما التأسيس المباشر لما بات يعرف بالأدب الإسلامي فبذرته مقال الشهيد سيد قطب رحمه الله تعالى
[ 1906 ــــــــ 1968] في مقاله "منهج للأدب" نشر في رسالته "في التاريخ فكرة ومنهاج" . ثم وسع أخوه الأستاذ محمد قطب رحمه الله [ 1919 ــــــــــــــ 2014 ] النظرية في كتابه "منهج الفن الإسلامي" الذي يمنح المتأمل المدقق فيه جوهر الفن الإسلامي العميق؛ أنه فن إنساني يعبر عن الفطرة الإنسانية السليمة ؛ ولهذا مثلّ للفن الإسلامي بنصوص عربية قديمة ومعاصرة إلى جانب نصين أخدهما للشاعر الهندي طاغور
[ 1861 ـــــــــ 1941]، والثاني مسرحية قصيرة للأديب الإيرلندي جون ميلون .سينج John Millington Synge [ 1871 ـــــــ 1909 ] ، ثم انداحت دائرة الأدب الإسلامي بفنون الأدب المعروفة في العالم العربي والعالم الإسلامي باللغة العربية وباللغات الإسلامية. وهو الآن مجال أكاديمي يدرس في جامعات عربية وإسلامية ، ويتعذر الاستطراد فيه الآن لسعته الهائلة ولضيق المقام هنا ، لكننا نشير إلى أن أبرز ممثليه : القصة والرواية الدكتور نجيب الكيلاني [ 1931 ــــــــــ 1995 ] والمسرح النقد الإسلامي الدكتور عماد الدين خليل[ 1941 ـــــــــــــ ...... ] أطال الله عمره وخفف عنه سقمه .
أما مسألة الغناء فمسألة فقهية بالأساس تنوعت فيها الاجتهادات الفقهية منذ القدم كما هو الشأن في مسائل الفروع في الفقه الإسلامي، ونشير إلى أن من الفقهاء الكبار الذين كان لهم فتوى شهيرة في الغناء والمعازف؛ الإمام الظاهري ابن حزم الأندلسي [ 384 ــــــ 456 ] ،فضلا عن معنى لطيف يُنسب لحجة الإسلام [ 450 هـ - 505 ه ] . ومن الفقهاء المعاصرين الكبار الذين ساروا على هذا الاختيار الفقهي شيخ الأزهر الكبير الشيخ محمود شلتوت [ 1893م - 1963].
وما دمنا نستعرض العظلات الضامرة والمفتولة هنا ، أود الإشارة افي إيجاز لجهود عالمين كبيرين في القرن العشرين الشهدين هما المفكر الكبير والأستاذ المرموق في مقارنة الأديان والعقائد الفلسطيني الأمريكي الدكتور إسماعيل راجي الفاروقي [ 1921م - 1986م ] و زوجته الباحثة المتخصصة في الموسيقي الإسلامية الأمريكية المسلمة لويز لمياء الفاروقي [ 1926 ــــــ 1986 ] اللذان امتدت لهما يد الغدر المشبوهة في ليلة 18من رمضان بمسكنهما في الولايات المتحدة الأمريكية أردتهما شهيدن رحمهما الله تعالى .
أقتصر على مثل مما أبدعه الفاروقي : سلسلة مقالات رائدة نشرت مترجمة إلى العربية في مجلة المسلم المعاصر { تأسست عام 1974، ورسالتنا للماجستير طرقت ريادتها فيما صار يعرف بإسلامية المعرفة } منها : التوحيد والفن ــــــــــــ نظرية الفن الإسلامي وغيرهما ليتسامق إلى ذروة التأصيل الفلسفي للفن الإسلامي في كتابه الفريد " "التوحيد : مضامينه على الفكر والحياة " في مبحث {مبدأ الجمال } .
أما الدكتورة الأمريكية الأصل لويز لمياء الفاروقي أذكر لها :" الموسيقي والموسيقيون في ميزان الشريعة الإسلامية : و" الفنون والغزو الثقافي " وفق منهج حضاري متكامل ، لم يقتصر على الأحكام الفقهية كما يحب أن يفرح الفرحون بحق وبباطل !!!
أما الأنشودة الإسلامية فقد نجحت في ترسيخ بديل فني ملتزم في الساحة الإسلامية ، برع فيها أصوات إنشاد في أعلى ذرى الإبداع الفني الإنشادي .
1. يهزل المنشور بالعقل والواقع ؛ فيثلب الكتابات المجردة!
مما تعلمناه : أن توضيح الواضح من الفضائح ، فاللهم لا فضوح !
لكن لابأس بِمُثَيْلٍ : في منشور " معضلة الحدود المكانية للهوية القطرية المركبة.. الفكر الاسلاموي كنموذج للاضطراب" يتجرد صاحبه من الكتابة المجردة، و"يتطبق{ من التطبيق} أو يتعمل {من العمل} بابتكار جيواستراتيجي تغير وثبات جغرافيات الدول وعلاقاتهما بالتنمية والتطورالتي توسل بها المقال لثلب الفكر الإسلامي السياسي، فيريد المقال أن يقرر بها تصورا شخصيا هو أن التمسك بالهوية الجغرافية والقومية والحدود الحغرافية تخلف وعرقلة للتطور والتنمية ! !!
إذا عرضنا هذا الابتكار على هيئة علمية موقرة من أساتذة الدراسات الاستراتيجية ، ما عساهم يقولون فيه قيمة ومصدرا !
إذن العبرة بالمجرد أو غير ... لا داعي فتوضيح الواضح من الفضائح كما تعلمنا بحق .
3 . من بدهيات العصر أن الأحزاب والهيئات السياسية في الدول المتطورة تستند حقا لنتائج الدراسات الاستراتيجية والجيو سياسية والمستقبلية، وتُحلها في محلها البدهي لديهم بالطبع ، وهذه الدراسات والتقارير الاستراتيجية وتقديرات المواقف تنجزها مؤسسات علمية مستقلة عن الهيئات والأحزاب لضمان موضوعيتها وحيدتها .
ولذا ففكرة منشور النفيسي .... لا ريب تجرفه هذه الحقائق والبدهية، ولذا {فَرَدْحَة} {المفكر الاستراتيجي} الذي لا مستقبل للحركات السياسية الإسلامية إلا به ، يأكلها أهم معطى ألا وهو أن التسيير في المؤسسات الحديثة قاطبة تسيير الفرق وخلايا التفكير والتخطيط ، والإشراف والتنفيذ . ألم نقل إن شرح الواضح من الفضائح!!!
ويقينا أن هذا الثالب لا تعرف منهجية التحليل العلمي لقلمه سبيلا من حيث عرض الظواهر والمشكلات والقضايا بتتبع أسبابها وتعقيداتها وتشابكاتها، يطير فوق الأحداث التاريخية فيما يمكن وصفه مجازا بالطائرت المسيرة ، دون أن يعبأ بخطورتها ووجوب تعمقها، واستنطاق الوثائق التاريخية، أو عرض الأراء حولها مقارنا الأدلة للخلوص لرأي متوازن يستحق التقدير وإن اخْتُلف معه .
هذه إذن "مُقَبِّلاَت" و" مزة "لمائدة سيُغدق عليها { المتنطع} صنوف الأطباق ؛ إذا فرغ لثَقَلِها صاحب المنشورات !!!
أه لا أنسى : يقال تَنَطَّعَ في عمله لغة ، حذقه.
نشرت صحيفة "رأي اليوم" الإلكترونية في 19/9/2022 مقالا موضوعه حسب كاتبه بشير عمري
" تطور سلطة “المرشد” بين نموذجي ثورة إيران وحركة الاخوان". ونظرا للعناصر التي أثارتها منهجية المقارنة التي بدا عليها المقال،فقد أثارت ما رأيناه حاجة منهجية ومعرفية نعرضها عبر الملاحظات الآتية الذكر :
الفرق بين حركة الإخوان وثورة الخميني أن الأولى حركة إصلاحية شاملة ، والثانية ثورة عقائدية شاملة ؛ إذ تعد الإمامة ركنا من اركان االإيمان لدى الشيعة الإمامية خصوصا، . وعدم اصطحاب هذا الفارق الجوهري يجعل المقارنة غير موضوعية فاقدة لشروط المقارنة الصحيحة .مما يجعل المقارنة فاقدة لشروطها الموضوعية جملة من العناصر الهامة التي أدى تجاهلها في المنشور إلى نتائج متعسفة:
1. الخلل الجوهري الأعظم في المقارنة ، إجراؤها في {بيئة فضائية !} ، فليس فيها مؤشرات على اصطحاب السياقات التاريخية للنشأة هنا وهناك، وللعوامل ومتغيرات المسارات والملابسات، ومما أثار استغرابنا تجاوز {منشور مقارن سياسي!!!} لتلك العوامل التي هي أهم مكونات الواقع السياسي التي تحركت فيه الحركتين !
2. حركة الإخوان المسلمين نشأت على أنقاض إلغاء كمال أتاتورك للخلافة الإسلامية ؛ وهذا معناه أن الصدمة الدينية والشعورية والعاطفية التي حلت بالأمة الإسلامية يصعب استحضارها ولو تخيلا الآن؛ نظرا لما لرمزية الخلافة وإن تكن شكلية. من قيمة دينية شرعية إسلامية كبيرة في نفوس المسلمين .
3. نشأت الحركة في ظلمات الإستعمار التي خيمت على أكثر ربوع العالم الإسلامي . لهذا فقد كان من أهدافها الكبرى إخراج الإنكليز من مصر.
4. نشأ عامل جديد في المنطقة ثبت أنه أكبر وأعظم خطر واجه ويواجه العرب بالدرجة الأولى ثم المسلمين، ألا وهو تسليم فلسطين للصهيونية تنفيذا لوعد بلفور الذي أدرك علماء المسلمين خطره الماحق الأهم على المنطقة، وفي مقدمتهم الشيخ محمد رشيد رضا [ 1865 ــــــــ 1935] في مقالات المنار إثر بروز مقررات مؤتمر الحركة الصهيوينة .
5 . مسار حركة الإخوان المسلمين مضى في أغلبه مواجهات مع : الكيان الصهيوني عند قيامه وأغلب هذا الأغلب كما يعرف الجميع كان مع الدولة الوطنية في شتى مراحلها . مما ترتبت عنه المآسى التي عاشتها الحركة . فكانت في معظمها تعيش وضع انقطاع القيادة التي ألفتها السجون عن القواعد. وبدهي أن كل متحدث أو كاتب موضوعي وإن يكن غير مسلم يَعُدّ تجاهل هذه المعطيات مؤثرا سلبيا على البحث أوالتحليل إن أقدم عليه.
5 . محورية مصر في تاريخ العرب المعاصر بمظاهرها الكبرى التي منها :
{ النهضة الفكرية والأدبية والفنية ـــ الصراع مع الملكية ـــ ثورة يوليو التي فتحت أبواب النزعات التحررية ومواجهة الامبريالية العالمية ، واحتضان حركات التحرر العربية والإفريقية وعلى رأسها الثورة الجزائرية 1954 ــــ 1962 ـــ الحروب المتلاحقة مع الكيان وآثاره المعروفة على مصر والمنطقة ـــ التطبيع مع الكيان وغيرها .... } كانت حركة الإخوان عاملا مؤثرا في تاريخ البلاد والمنطقة العربية، ما يقتضى قبل مقارنة التجارب وحركات تغييرية فهمه بدقة لاستخلاص ما يرقي بالبحث والمقارنة لمقام البحوث العلمية الرصينة المفضية لنتائج مفيدة علميا.
5 . دعوة الخميني ظهرت في ظل حكم عسكري قوي ، بما فيه تجهيزه عسكريا الذي لا شك أنه كان أحد مرتكزات التطور الصناعي العسكري الإيراني في عهد الثورة الإيرانية . والدور الكبير الذي كان يؤديه للغرب وحلفه الأطلسي . و بإرث أمبراطوري كبير وعميق التأثير على نفسية وعقلية الحكم الإيراني الشاهي أو الثوري الخميني [ من المفيد جدا قراءة كتاب كيسنجر : النظام العالمي ، الفصل الرابع ] .
تلخص الفقرة الآتية الخلفية الحضارية التي هيأها التاريخ للخميني كي يحقق منجزاته الثورية الكبرى في إيران :يقول كيسنجر :" لعل إيران ، بين سائر دول الشرق الأوسط، هي المتوفرة على الخبرة الأكثر تماسكا على صعيد العظمة القومية ــ الوطنية، والتراث الاستراتيجي الأعرق والأوسع دهاء. لقد حافظت على ثقافتها الأساسية على امتداد ثلاثين قرنا ... عبر إتقان فن التلاعب بعناصر محيطة وتوظيفها " ص 158.
6. إن ثورة الخميني لاقت خدمة غير مباشرة من الولايات المتحدة : يقول كيسنجر :" من المفارقات أن صعود آيات الله إلى السلطة تم في مراحله الأولى عبر قيام أمريكا بفك إرتباطها مع النظام القائم، من منطلق الاعتقاد الخاطئ بأن من شأن التغيير الوشيك أن يعجل بمجيئ الديمقراطية وتعزيز الروابط الأمريكية ــ الإيرانية" م ن .
7. إيران الملكية كانت مبعث طمأنينة كبيرة للكيان الصهيوني؛ مما وفر ــــــ ربما ــــ مساحة أرحب لدعوة الخميني كي تسير في إنجاز مهمتها دون ضغظ على النظام الوطني والمجموعة الوطنية .
8. لا شك أن إنقلاب محمد مصدق 1953 الثوري، وفر رصيدا ثوريا مكنونا في نفوس الإيرانيين أحسنت ثورة الخميني استثماره .
9. أنجز الخميني مهامه الثورية في كنف أرضية عقائدية إيمانية جامعة للإيرانيين ، وهي عقيدة الإمامة التي تعد ركنا من أركان الإيمان .
10. لعل التشابه بين الوضعين المصري والإيراني في الاستبداد وسوء توزيع الثروة خاصة في العهد الملكي، مع تحوله إيجابيا لمصر بعد منجزات ثورة مصر الزراعية والتعليمية والاجتماعية . ثم التدهور الذي أعقبه في ظل الانفتاح الفوضوي . مما يمنح الباحث والمقارن عوامل مشتركة منتجة لأثارها البحثية بين التجربتين .
إن المقال يتحرك بمفتاح سحري يهيمن على ذهن صاحبه ، ألا وهو { تفكيك القوة العسكرية للدولة الثائرة أو المرشحة لثورة} و ما لم يَدُرْ هذا المفتاح في مغلاق هذا الجهاز الكبير في دول الثورات فلا نزل القطر ! وهذه عقيدة مركزية في منشوراته في رأي اليوم وغيرها صريحة لا مواربة فيها !
من حق الواقع على كل عربي أن يسأل : أين يُضَمّن هذا الهدف ضمن ما يعرف {بالربيع العربي} ؟
بكل مرارات نضالات الشعوب ضد الاستعمار : الجواب بكل مرارة وحزن عميق عمق الحب فلدى ليبيا!
أما التفاصيل ففي وثائق ويكليكس ، ومخططات المنظمات المعروفة أدوارها في إسقاط أنظمة ، وفي الحالة السورية ففي {“أرابيسك أمريكاني}، وفي الحالة الجزائرية ففي "من هؤلاء الذين نصبوا أنفسهم قادة للحراك الجزائري؟" للباحث الجزائري الوطني المثابر الدكتور أحمد بن سعادة عالم الفيزياء الكبير في جامعات كندية لولا أن تدراكها حفظ الله تعالى بقومة وطنييها وجيشها الوطني بقيادة تاريخية نوفمبرية من قائد الأركان الفقيد الكبير أحمد قايد صالح رحمه الله [ 1940 ـــ 2019 ] الذي أحيا موقفه الوطني التاريخي في قلوب الجزائريين ذكرى الزعيم الكبير الراحل هواري بومدين رحمه الله [ 1932 ـــ 1978 ]، وبالمناسبة فإن بعض الذين لم يرو فيه سوى انقلابيا احترف الإنقلاب : الأول باسم ما عرف بجماعة وجدة في المغرب الشقيق أي قيادة أركان الثورة الجزائرية التي تولت ضبط الأمور في الجزائر بعد دخول الاستقلال رسميا حيز التنفيذ 05/7/1962،ثم التصحيح الثوري عام 1965 ، أشير إشارة بسيطة هنا : إن المستمع لخطاب مطول للزعيم الخالد الرئيس هواري بومدين رحمه الله تعالى عام 1977 عرض فيه لأوضاع المنطقة والعالم بتحليل يسلك صاحبه في مصاف كبار الزعماء الاستراتيجيين في القرن العشرين .
أما وفاة الفريق الصدر أحمد قايد صالح رحمه الله تعالى فقد فاضت لها قلوب وعيون الجزائريين دموعا حَرَّة صادقة لموته فجأة ،امتدت موجة التعاطف والحزن على الفقيد الكبير لأرجاء العالم العربي والإسلامي، فنظمت فيه القصائد الفصيحة والشعبية رثاء وتفجعا ، فغدا رمزا للقائد العسكري الذي أوفى لشعبه بوعده وحفظ دمه، بمقولته التاريخية :{ أوصيت قادة النواحي العسكريةألا تسيل قطرة دم واحدة} ، فحقنت دماؤهم ، وتجنب الوطن مأساة لو حدثت لكانت الجزائر اليوم ذكرى جغرافيا لا أكثر ولا أقل . وأُطّرَ الحراك الملاييني برعاية قوى الأمن ظاهرة وقوى أجهزة الدولة كلٌّ حسب اختصاصه، قبل أن تسطو عليه قوى المشروعات المشبوهة. !
وصدق الرئيس تبون ففي هذا الشأن وفي مقابلة مع "الجزيرة قال " إن بعض الأطراف كانت تتآمر على الدول العربية على غرار سوريا، لقد قالت في يوم ما "سنعود إلى الجزائر بعدما أن ننتهي من سوريا"، وعلق الرئيس الجزائري على ما سلف قائلا: "أنا أقول لهذه الأطراف لحمنا مر ولا يؤكل".
ويذكر المشاهد الجزائري : كيف سأل الصحفي الرئيس تبون باستغراب :" هل قيل هذا " فأجابه باللهجة الجزائرية :" نعم تقال هذا / أي قيل " . والأمر ليس جديدا فكلنا نعرف أن أول من كشف إعلاميا هذا المخطط التفتيتي الخبيث هو الأستاذ عبد البارئ عطوان في مقالاته في بداية إنشاء موقع رأي اليوم ، وعبارته الشهيرة :" لقد أُعدّت الملفات،و القنوات للجزائر بعد سوريا" وكشف في بعض حواراته عن أطراف أعلمته رسميا وشخصيا بهذا المخطط الصهيو ــــ الرأسمالي برعاية وتمويل الأدوات المعروفة !!!
نخلص من هذه التحليلات إلى الآتي ذكره :
ــــــــــــــــ أن منشورات العمري بشير في رأي اليوم يتحمل أوزار عبثها بالحقائق والتاريخ والمعرفة والعلم والمسؤولية الأخلاقية على الأمانة العلمية والصحفية ، فحسب ما عرضنا من عيناتها ، رئيس تحريرها الصحفي المشهور عبد البارئ عطوان ؛ نظرا لمسؤولياته القانونية والإعلامية والأخلاقية ، بل والنضالية .
ـــــــــــ حسب متابعتي لهذا الملف أخذ يتكون لي ظن أتريث في الإفصاح عنه في الوقت المناسب ، لكنه بداية يتعلق بأُنشوطة جيو استراتيجية، تمثل فيها الجزائر ركنا إقليميا بامتدادته الدولية ؟
ـــــــــــــ أننا إزاء حالة من القفز إلى السَّوْخِ ، مع وهم كبير خادع هو الفتى الطيار في سماء الفكر والنضال الحراكي ، بشير مشاعل الطريق ؛ طريق الخراب وتفتيت الدول.
ـــــــ إن خطورة هذا القفز غير مأمونة العواقب ؛ إذ تجذب الشباب المتذمر من الأوضاع إلى السوخ في ضحضاح استراتيجية إعادة صوغ المنطقة، وقد أُرْسِلَ الكيان الصهيوني ليساهم ويشرف على تحريك غُرَّافِه في أوضاعها !
ـــــ نعد بعرض ملف العمري ورأي اليوم و{أنا }قريبا إن شاء الله، من زاوية فوق ذاتية ما امكن
ـــــــــــ أما خلاصة القول الذي أوجهه رأسا للعمري البشير : ""أن منشوراته يلخصها المثل الشعبي في شرق الجزائر {حِلّ الصُرّة / افتح الكيس ، تلقى خيط } !!!
ونبشره أنّا لدينا له مزيدا إن شاء الله ، فمشاعر أبنائنا ليست تركة للمستمجدين الهواة ، أما متون دبابات {النيتو} فقدأفقدها الرئيس بوتين ذبذبات بوصلاتها !!!