711
0
سالف الحروف .... قصائد شعبية تحفظ التراث الجزائري والذاكرة الوطنية
تاج لريام شاعرة عصامية جزائرية وباحثة في التراث سخرت قلمها خدمة للفن الشعبي و الثقافة الجزائرية،من خلال اصدارها ل "سالف الحروف" تضمن أشعار و قصائد عن المحروسة من خلال محاكاة العادات و التقاليد الحضارية من جذورها عبر التاريخ.
شيماء منصور بوناب
وفي لقائنا معها من أعالي القصبة العتيقة أين ترعرعت وسط عائلة فنية تعيش على أنغام الفنون الشعبية و الطرب . حدثتنا الشاعرة لريام عن اسرار بدايتها في مجال الفن و الكتابة فقالت " دخلت عالم الفن بشكل فطري كوني انتمي لعائلة تتنفس فنا و ابداعا تختلف طبوعه بين الموسيقى و الكتابة و حتى الأشويق " مدح الرسول بالقبائلية " الذي ابدعت فيه جدتي رحمة الله عليها بينما كان أخي من المهتمين بالشعبي باعتباره ابن العاصمة البيضاء التي خلقت فينا شعورا بالانتماء وغيرة على تراثها الأصيل.
محطات تؤسس للإبداع الثقافي
وواصلت قائلة " ميولي للكتابة ظهر منذ الصغر أيام زخرفتي على الورق بخربشات و رسومات تحمل بين ثناياها كلمات مبعثرة حاولت لم شملها في محاولات عديدة، إلى أن خلصت إلى مسودات تعانق الواقع وتصف حيثياته".
وبالرجوع لسالف الحروف أفادت بإنه نتاج فكري فني سبقته محاولات مختلفة في الشعر و البوقالات التي كانت السبب الأول لتوجهي نحو الكتابة خاصة وانها بوقالات شخصية من اجتهادي الخاص ألملم فيها أساطير من التراث الجزائري في قالب فني يجمع بين التاريخ و الثقافة و الهوية محاولة من خلالها صون الذاكرة الوطنية وحمايتها من الاندثار خاصة بعد الهجمات التي تشهدها الجزائر على مستوى ثقافتها و تراثها .
أما بخصوص أصل التسمية، وضحت لريام انه اسم غير مسبوق في عالم الفن الشعبي كونه مزج بين سالف الياسمين من طبيعة الخالق وبين الكلمات و الحروف التي تصف تلك الطبيعة بنظرة متفائلة عن الواقع الاجتماعي.
وبالتالي تقول "جمعت بين السالف و الحروف في كتاب واحد ، كان متنفسي للخروج من الضغوطات النفسية التي لازمتني في فترة الحجر الصحي أيام انتشار وباء الكورونا، في هذه الفترة، كنت أحاول بين الفينة و الأخرى جمع شتات أفكار في قصائد مختلفة تتغنى بمضامين الغزل و الهجرة و كذا اشكال الفرح و التعاسة ، امتزجت كلها في كأس واحد يروي عطش القارئ الذي يتوق للفن و الابداع الشعبي .
سالف الحروف.... إسقاط حي عن الواقع
وبالنسبة لأول موضوع خطت به كتابها ، اشارت لمدينة "البليدة " التي كان العنوان الذي استرسلت به قصائدها بحكم انها كانت منطلق الكوفيد الذي أخذ أرواح العديد من أبنائها تاركا الحسرة و الألم في قلوب ذويهم .
بعدها توالت الكتابات عن الهجرة التي أصبحت ظاهرة تتنامى يوميا في مجتمعنا، بكل تداعياتها التي حصدت عشرات الأرواح في عرض البحر ، وهو ما كان الدافع لوصف تلك المعاناة و اقتراح الحلول العاجلة لاحتضان الشباب و ابعادهم عن قوارب الموت.
الجلسات الثقافية .... تثمين للعادات والتقاليد الجزائرية
في سياق آخر عرجت لريام لإحدى مبادراتها و اسهاماتها الثقافية التي شجعتها على الكتابة ، و التي أطلقت عليها اسم " قعدة و عادة" التي تجسد مظاهر الاحتفاء الشعبي بالتقاليد حسب كل مناسبة تحييها العائلة الجزائرية .
ومن هذا المنطلق، لفتت الانتباه لدور المجالس الثقافية و التراثية في احياء العادات و التقاليد الوطنية التي بدأت تتلاشى تدريجيا في الآونة الأخيرة ، كونها بحاجة لإلمام تام بتفاصيلها و أدق معالمها في شكل أرشفة حقيقية تصونها الكتب و المقالات.
مؤكدة أن جيل اليوم بحاجة للتواصل مع جيل الأجداد في جلسات تراثية تحاكي عمق حضارتهم، بكل معالمها التي تصف أهمية الجوار و دور التلاحم الأسري و الاجتماعي في تعزيز التقارب بين الناس .
في هذا الصدد، كشفت أن تعايشها في وسط هذه البيئة هو من خلق في ذاتها حب العادات و التقاليد التي تحاول في كل سانحة ابرازها بشكل جديد قريب من تصور شباب اليوم الذي يبحث عن الأصالة والحضارة دون خلفية حقيقة توجه فضوله .
منوهة بأهمية الرجوع للمصادر الدقيقة للمعلومات الثقافية التي نجدها في الكتبِ، بعيدا عن المواقع الرقمية ومنصات التواصل الاجتماعي التي تحتوي على مغالطات عديدة قد تشوه تراثنا الوطني .
وفي ذلك قالت " الكتاب خير جليس لشبابنا كونه ينير فكرهم و يعزز مناعتهم الفنية تجاه ما يتلقونه في ضل الهجمات الخارجية التي تفرض علينا كباحثين وكتاب تحصينهم تاريخيا و ثقافيا بما يؤهلهم لحماية هويتهم ".
دار العز .... قصيدة شعبية تحتضن حرائر الجزائر
عقب ذلك تحدثت لريام ، عن اقرب قصيدة كتبتها في سالف الحروف ، بعنوان " دار العز "التي تؤثر في نفسيتها بحكم كلماتها الحية التي عايشتها في صباها ، لنا فيها من وصف لحياة البنت العزباء وسط والديها و عائلتها اين تربت وتلقت اصولها التي تحن له بعد خروجها عروسا تحت جناح والدها .
وفي ذلك أوضحت أن قصائد الكتاب هو إسقاط لكل النسوة الجزائريات اللواتي خصصت لهن هذا الركن من الكتاب لوصف حالتهن بعد فراق دار عزهن التي كانت ملجأ افراحهن و ضحكاتهن التي لا تفارق ذاكرتهن رغم السنين و الظروف .
في ختام لقائنا ، كشفت الشاعرة عن طموحاتها المستقبلية اليوم بعد كتابها سالف الحروف الذي عبرت عنه بانه ومضة البداية نحو عالم الكتابة في انتظار إطلاق مجموعة كتب أخرى عن التراث الجزائري مثل كتيب البوقالات الذي لا يزال في مرحلة جمع المعلومات والبحث ليكون بصمة جديدة في مجال التراث الشعبي.