43

0

سعيدة: تافرنت... حديقة الشهادة وذاكرة التضحيات في قلب المنطقة السادسة

من بين المناطق التي صنعت تاريخ الكفاح في الولاية التاريخية الخامسة، تبرز تافرنت التابعة إداريا لبلدية سيدي أعمر بولاية سعيدة، كواحدة من أبرز محطات المنطقة السادسة، وموئلا لبطولات لا تزال محفورة في ذاكرة المجاهدين والأهالي على حد سواء.

الحاج شريفي

هذه الأرض الجبلية الوعرة، الممتدة بين جبل العش وسيدي أحمد زقاي ودوي ثابت حتى المرجة، دفعت ثمناً باهظاً للحرية، حتى لقبت بـ"حديقة الشهادة".

الموقع الجغرافي لتافرنت، المحاط بالجبال والمسالك الصعبة، جعلها قاعدة مهمة لكتائب جيش التحرير الوطني. فقد اتخذ منها الدكتور يوسف دمرجي، أحد أبرز أطباء الثورة، مركزا لتأسيس البنية الصحية للثوار، بما في ذلك مدرسة للتكوين شبه الطبي وعلم النفس، بمساعدة مناضلين أوفياء، أبرزهم مريم مختاري الملقبة بـ"ثورية".

سجلت تافرنت أولى العمليات العسكرية سنة 1956، حيث استشهد المناضل صدوقي عبد القادر المولود سنة 1913. ومنذ ذلك التاريخ، توالت التضحيات، لتقدم المنطقة ما مجموعه 112 شهيدا من أبنائها، إضافة إلى 11 شهيدا آخرين سقطوا على أرضها، و11 آخرين من مختلف بلديات سعيدة. كما قدّمت منطقة ويزغت المجاورة 105 شهداء، لتبلغ حصيلة الشهداء في محيط تافرنت وسيدي بوبكر وسيدي أعمر أرقاماً لافتة تعكس حجم المقاومة، عائلة "صدوقي" وحدها قدمت 15 شهيدا، وهو رقم يترجم مدى انخراط العائلات في مسار الثورة

ليلة 12 أكتوبر 1958، عرفت تافرنت وصول الكتيبة الثانية للمنطقة السادسة بقيادة حوزي علي المدعو "با علي"، لكن تمركز فرقة من جيش العدو بالمنطقة أدى إلى اشتباكات عنيفة، قبل أن تتوجه الكتيبة نحو دوي ثابت ثم عين المرجة، حيث اندلعت أكبر معركة شهدتها الجهة.

تلك المعركة، التي اندرجت ضمن مخطط الجنرال "جيل" للقضاء على الثورة، كلفت جيش التحرير خسائر كبيرة، لكنها زادت من رمزية المنطقة بعدما استشهد فيها قادة كبار مثل سي عبد الهادي وسي خير الدين.
من بين الشهداء الذين سقطوا في تلك الأيام:
فيداح عبد القادر (13 أكتوبر 1958)
موسى بختاوي (13 أكتوبر 1958)
صدوقي موفق (13 أكتوبر 1958)
دوار أحمد (13 أكتوبر 1958)
نحال مرزوق (14 أكتوبر 1958)
يوسف ميمون (15 أكتوبر 1958)
مڨلالي الجيلالي (13 أكتوبر 1958)
كما التحق بركب الشهداء أبناء ولايات مجاورة، على غرار شنة جلول من دوي ثابت، ومغلي عامر المعروف بـ"النمر" قائد فصيلة من المعمورة، وبلحجار العربي من الحساسنة.

لم تكن تافرنت ساحة للمعارك فقط، بل فضاء للتنسيق بين قيادات الثورة. ففي جوان 1961، احتضنت جبال بوحمار اجتماعا مشتركا لقيادتي المنطقتين السادسة والخامسة. وفي جوار "فرنكيتي" بسيدي أعمر، استشهد القائد بلهادي بن يمينة، المولود في 5 جانفي 1936 بويزغت، والذي كان قائدا للناحية ومنطقة بالنيابة، وذلك يوم 18 جويلية 1961.

تجدر الإشارة إلى أن هذه المعطيات التاريخية تم جمعها بالاعتماد على ما وثقه الأستاذ مرابطي بغداد، المهتم بتاريخ المنطقة السادسة للولاية الخامسة التاريخية، والذي حرص على إبراز دور تافرنت في معركة التحرير الوطني، وحفظ ذاكرة الشهداء من النسيان.

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services