584

0

رمضان شهر الصّبر

 بقلم الأستاذ سيد علي دعاس 

الصَّوْمُ هُوَ عِبَادَةُ الصَّبْرِ، لِأَنَّكَ لَمَّا تَصْبِرُ عَلَى هَذاَ المَنْعِ عن المفطرات فَأَنْتَ مَمْنُوعٌ مِنْ أَنْ تَأْكُلَ مِمَّا هُوَ حَلَالٌ، وَأَنْ تٌجَامِعَ زَوْجَتَكَ فِي الحَلَالِ، وَلَيْسَ عَن المُحَرَّمَات... وَإِذَا صَبَرْتَ عَلَى تَرْكِ الحَلَال فَمَا بَالُكَ عَلَى تَرْكِ المُحَرَّمَات.

كُلُّنَا فِي يَوْمِ الصَّوْم نَعِيشُ الحِرْمَانَ وَنَصْبِر، نَعِيشُ الحِرْمَانَ فِيمَا نُحِبُّ مِنْ مَأْكُولَاتٍ وَمَلَذَّاتٍ وَشَهَوَاتٍ... وَالنَّفْسُ تُلِحُّ عَلَيْنَا، وَنَحْنُ نَتَحَمَّلُ الحِرْمَانَ فِي ذَلِكَ كُلِّه... نصْبِرُ وَنَحْنُ نَتَأَلَّمْ، لِأَنَّ مَا نَشْتَهِيهِ أَمَامَنَا... وَلَكن إيماننا بالله يدفعنا للامتثال والطّاعة.

الحَرَارَةُ شَدِيدَة وَالمَاءُ أَمَامَكَ بَارِد... فَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى ذَلِكَ؟!

نَحْنُ نَصْبِرُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ... وَلكن لَابُدَّ أَنْ نَتَعَلَّمَ الصَّبْرَ فِي الحَيَاةِ كُلِّهَا، وَلَيْسَ فِي رَمَضَانَ فَقَطْ... فرَمَضَانُ هُوَ مَدْرَسَةٌ لِلْصَّبْرِ، نَتَعَلَّمُ فِيهِ الصَّبْرَ لِنَعِيشَ الصَّبْرَ فِي حَيَاتِنَا كُلِّهَا.

إنّ الصَّبْر صَبْران: فَهُوَ صَبْرٌ عَلَى الطَّاعَة وَصَبْرٌ عَلَى المَعْصِيَة.

فَالصّبرُ عَلَى القِيَامِ فِي صَلَاِة التَّرَاوِيِح رَغْمَ التَّعَبِ وَالأَلَمِ وَالنُّعَاس، يُسَمَّى صَبْرًا عَلَى الطَّاعَة؛ أَمَّا الصَّبْرُ عَلى المَعْصِيَةِ فهو أنّ تَرَى المَعْصِيَةَ وَلَكِنَّكَ تَصْبِرُ عَلَى عَدَمِ إِتْيَانِهَا.

إِخْوَانِي الصَّائِمِين... أَخَوَاتِي الصَّائِمَات

إِذَا تَعَلَّمْنَا الصَّبْرَ فِي رَمَضَانَ سَيَتَوَلَّدُ لَنَا ضَمِير، نَسْتَطِيعُ أَنْ نُسَمِّيَهُ "الضمير الشّرعيّ". وَمَعْنَاهُ أَنْ تَكُونَ لَكَ أَخِي ذِهْنِيَّة شَرْعِيَّةٌ تَقِيَّة مُنْفَتِحَة لِتَمْنَعكَ وَلِتُحَاسِبَكَ وَلِتَهْمِسَ إِلَيْكَ في كُلِّ مَشَاعِرَكَ: يَا عَبْدَ الله، اِتَّقِ الله!  يَا عَبْدَ الله، أَطِع الله! يا عَبْد الله، لَا تَعْصِ الله! فَالذِّهْنِيَّةُ الشَّرْعِيَّةُ تَقُول لَكَ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَوْقِعٍ مِنْ مَوَاقِعِ حَيَاتِكَ، لِأَنَّكَ فِي الصَّوْمِ تَعِيشُ هَذَا الجَوَّ...

فلنُحَاوِلْ جَمِيعًا أَنْ نَغْرِسَ هَذَا الضَّمِيرَ الشَّرْعِي في أَنْفُسِنَا، حتّى نَشْعُرَ بِرَقَابَةِ اللهِ – تعالى- وَبِحُضُورِه فِي حَيَاتِنَا...

هَكَذَا نَسْتَفِيدُ مِنَ الصَّوْمِ في تَرْبِيَة الضَّمِير الشَّرْعيِّ (الوَازِعَ الدِّينِيّ) الذِّي يَحْمِينَا مِنْ شَهَوَاتِنَا، وَيَحْمِي النَّاسَ مِنَّا فِيمَا نُرِيدُ أَنْ نُسِيئَ بِهِ إِلَى النَّاس.

 

 

 

 

 

 

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services