392

0

رمضان  و"المتسابقون إلى الخيرات" من أوروبا لغزة فلسطين

جاليتنا تولي وجهة بوصلة زكاتها وتبرعاتها نحو أرض معراج نبيها

محمد مصطفى حابس : جنيف / سويسرا

شهر رمضان هو أطول مواسم الطاعة عند المسلمين، وهو برغم كل هذا، يبقى أيامٌ معدودة، وساعاتٌ محدودة سريعة المرور، ولحظاتٌ وجيزة يتعرض خلالها المسلم لنفحات رحمة المولى منذ بداية الشهر الفضيل، لذلك من خصائصه أنه محدود زمنيًا وغنيّ بجواهر الغفران التي تتفتح السماء عليها لمن يقتطفها في الأيام والليالي، وهو بحق و حقيقة، مدرسةٌ متعدّدةُ الفصول، متنوعةُ الدروس، عظيمةُ الفوائد، ولكلّ فردٍ منا حظُّه من هذا الخير العميم، بمقدارِ استعداده واجتهاده وتوفيقِ الله عزّ وجلّ إيّاه، فنغتنمَ أوقاتَه، ونتعرّضَ لنفَحاتِه، لنستدركَ ما فاتنا من تقصير، فنجدّدَ في قلوبنا معانيَ الإيمانِ بالله تعالى، والإخلاص له، والإنابة إليه، ونتقرّبَ إليه بالتوبة والاستغفار، والإقلاع عن الذنوب، وحُسنِ أداء العبادات، ندعوه تضرّعاً وخُفيَة، ونبتهِلُ إليه خوفاً وطمعا، نتلو كتابَ الله متدبّرين، بقلوبٍ خاشعةٍ، وعيونٍ دامعة، نسألُ اللهَ الجنة، ونستعيذُه من النار، مستشعرين فضلَ الله علينا وعلى الناس جميعا، لنتذكّر أنّ رمضانَ شهرُ الصبر، والصبرُ ثوابه الجنة، وهو نصفُ الإيمان، وأن قيامَنا بمسئولية الدعوة في الغرب كما في الشرق، أمانةٌ عظيمة، أمانة الأنبياء عليهم السلام، مطمئنّين إلى وعد الله: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ..)، هذا وعد حق من الله العليم الحق... فاللهم لا أمن إلا أمنك، و لا ملجأ منك إلى إليك.. أنت رجاؤنا و منقذنا، فإن لم ترحمنا لنكنن من الخاسرين...

رمضان في غمرة الأجواء الصعبة الحزينة والدامية في فلسطين

وفي غمرة الأجواء الصعبة الحزينة والدامية في فلسطين أرض المعراج، يظلنا هذا الموسم العظيم ويحل بساحتنا شهر رمضان الكريم، بأيامه ولياليه الرّبانية المُباركة رحمةً من الله بنا وتكريما، ها نحن اليوم نعد الأيام الباقية من هذا الشهر العظيم المُبارك شهر القرآن لعام 1445 هجرية. فأين المُشمرون السباقون؟! أين الصالحون المُتقون؟! هذا موسم التوبة والإستغفار، آن أوان الرجوع والإنكسار، آن أوان الإقبال والبِدَار، ذلك هو معنى الجهاد الحقيقي في الميدان، والصوم اليوم ككل يوم، كفاح وجهاد مستمر يكون المسلم فيه في حياة روحية ربانية صافية قائما لربه، قانتًا لمولاه معترفا بنعمة ربه عليه، خالصًا لله؛ لأن الله تبارك وتعالى هو الذي تكفل بإعطاء الأمر والجزاء لأنها حالة منفردة بين الإنسان وربه لا يشاركه فيها مخلوق وهي أيضًا خالية من الرياء والمباهاة حينما يختلي الإنسان بينه وبين نفسه فيزداد تمسكًا وصبرًا وثباتًا لكي يقضي يومه في صلاة وقراءة وجهاد في الحياة، وليله في العبادة الخالصة لله. وهو في كل ذلك يردد بينه وبين نفسه: (اللهم لك صمت) كما جاء في الحديث القدسي:(يترك طعامه وشرابه من أجلي. الصيام لي وأنا أجزي به، والحسنة بعشر أمثالها)، فما بالك بالمجاهد في أرض الوغى الذي باع لله نفسه وماله وأسرته، مرابطا و مجاهدا في أرض فلسطين أرض الأنبياء و منطلق إعراج نبي الهدى..

لفتة كريمة هذه السنة من مساجد مسلمي أوروبا نحو أهلنا في غزة:  

في هذا الشهر الفضيل، يبرز دور المسجد ورسالته على امتداد دول أوروبا، رغم اختلاف المذاهب والثقافات، بوصفه مدرسة متعددة الفصول وركنا أساسيا في حياة المسلمين، وتزداد مركزيته الروحانية والتربوية في شهر رمضان الكريم، وخلافا للمساجد في الدول العربية والإسلامية، لا تُدار المساجد عبر جهة مركزية كوزارة الأوقاف والشؤون الدينية، ولا تُتخذ فيها القرارات بصيغة هرمية من الدولة لعموم الناس، بل تكون إدارتها من أبناء كل جالية متمركزة في إحدى المناطق بالولايات والمقاطعات والمدن المختلفة، حسب قوانينها المحلية.

" المتسابقون إلى الخيرات "تجربة رائدة تحتاج الى تعميم :

و قد حرصت الجالية المسلمة هذه السنة بتوجيه بوصلة صيامها و قيامها وتبرعاتها نحو أهلنا في غزة العزة عموما و فلسطين الجريحة خصوصا، خلافا لما سبق من السنين، حيث جرت العادة أن الجالية في دول الغرب لإحياء بعض العادات الرمضانية و خاصة تلك التي تذكرهم بأجواء الشهر الفضيل في أوطانهم الأصلية أومنها موائد الإفطار الجماعية التي تنظمها المساجد و المراكز الإسلامية، إذ اقتصرت هذه السنة بعض مساجدنا على إعداد الإفطار فقط أيام نهاية الأسبوع، والحرص على التبرع بمال باقي الأيام نقدا لإطعام أهل غزة ونجدتهم في محنتهم، كل مسجد أو عائلة أو مجموعة وفق طريقتها الخاصة و توصيلها عاجلا للمحتاجين هناك عبر قنوات ومعارف ميدانية. ومن المجموعات التي شدت انتباهنا هذه السنة، ما تقوم به مشكورة جاليتنا في الدانمارك، عبر مجموعة " المتسابقون إلى الخيرات "، التي تنظم يوميا ، بل ليل نهار، حملات تبرع ومساهمات، وفق مشاريع عديدة، تلبية لنداءات المجاعة المميتة التي ضربت أهلنا في غزة، على مختلف الأصعدة، من نقص فادح في كل المواد الغذائية وندرة شرائها بأسعار جنونية، من انعدام حليب الأطفال الرضع، إلى قلة المواد الغذائية الرئيسية من زيت وطحين و رز الخ.. كما سارعت جمعيات ومؤسسات أوروبية لتحريض المسلمين للمساهمة بالمال لإنقاذ حياة شعب بكامله مهدد بالموت البطيء، مناشدين الخيرين أصحاب القلوب الرحيمة، للنفرة  قبل فوات الأوان لإنقاذ ما تبقى من أحياء ناهيك عن المرضى والمصابين، مع لفتة نموذجية كريمة، وهي شفافية العملية بتصوير لقطات فيديو ميدانيا من غزة، عن كيفية صرف التبرعات مع ذكر إسم أو بلد المتبرع أو المحسن، إن أراد... وهذه نماذج حية ننقلها كما هي من نداءاتهم :

1- حملة 1000 كيس طحين:

يقول الحق جل في علاه، " لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ "،  مستمرين بكم ومعكم وفيكم يا من تنفقون أموالكم في سبيل في توزيع أكياس الطحين، على النازحين والمتضررين في مدينة خان يونس المنكوبة، تكلفة كيس الطحين الدقيق 25 كيلو، التكلفة 90 كرون.. لا تدري مقدار وحجم السعادة التي ستدخلها على كل عائلة تأخذ كيس طحين، سينالكم الأجر العظيم إلى يوم القيامة بإذن الله ستنالون الدعوات من الصغار والكبار والنساء والشيوخ من أرض الجهاد والرباط، شاركوا معنا كي نخفف عن إخوتنا النازحين والمتضررين معاناتهم في هذه الظروف الصعبة، فيا باغي الخير أقبل !!"

2- مشروع سقيا الماء :

قال صلى الله عليه وسلم : «من سقى ظمآن سقاه الله من الرحيق المختوم، من سقى مؤمناً قربة من ماء أعتقه الله من النار، ومن سقى ظمأن في فلاة ورد حياض القدس مع النبيين »،  بسم الله ما شاء الله تبارك الرحمن تم بعون الله سقيا الماء للصائمين في غزة 17 رمضان  بتبرع من مجموعة المتسابقون الى الخيرات، تقبل الله منكم أيها الخيرون سقاكم الله من ماء مختوم. اللهم احفظهم من كل سوء، واصرف اللهم عنهم كل مكروه، وعافهم اللهم من كل هم وغم.

3- مشروع إطعام الصائمين :

 بسم الله، ما شاء الله تبارك الرحمن، اللهم زد وبارك، تم بعون الله  توزيع طعام الصائمين يوم 16 رمضان  بأشراف الشيخ أبا سراج جزاه الله خير الجزاء عن طريق الشيخ أبو أسامة جزاه الله خير الجزاء بتبرع  كريم من الأخ  فلان و.. في غزة  الجريحة، هنيئا لكم يامن تطعمون الصائمين جعلكم الله من عتقاء شهر رمضان، جعلكم الله من أهل الريان، اللهمَّ اشفِ مريضهم، ورُدّ غائبهم، وارحم ميتهم، واغنِ فقيرهم، وفرِّج عن مكروبهم، اللهمَّ قدِّرهم  على عون أهل غزة ".

"الإفطار الرابع لحم الخروف مع الأرز، تكلفته 7000 أورو، وأملنا إفطار عدد كبير من العائلات كل ليلة، يمكن تحقيق هذا بمساهمة متبرعين".

 4- مشروع توزيع الخبز  وحليب الأطفال:

 بتبرع كريم من فاعلين خير من مجموعة نور الإيمان، وتوزيع الخبز على الأسر النازحة في مراكز الإيواء على نفقة بنات كَرّوم، وتم توزيع الخبز بالشمال بتبرع كريم  من أهل الخير من أورهوس، بتبرع كريم من أخوات من لندن تم توزيع الخبز بشمال غزة، كما تم توزيع الماء بتبر من مجموعة المتسابقون للخيرات بدير البلح على النازحين.

5- مشروع توزيع المال:

توزيع مبالغ نقدية ( زكاة مال ) على الأسر النازحة في مراكز الإيواء، وعلى أهلنا في قطاع غزة  بتبرع كريم من السيدة وفاء وابتسام ..، كما تم تنفيذ مشروع توزيع الحليب في شمال غزة بتبرع كريم من مجموعة المتسابقون للخيرات، الخ ....

مع مرور أيام شهر رمضان نتعلم و نتأقلم للنجز، تلك سنة الله:

و انا أخطب الجمعة قبل الماضية محرضا للتبرع  لفلسطين شارحا لشبابنا خاصة فضائل رمضان علينا في "سلسلة أهلا رمضان" مبينا لهم أنه، مع مرور أيام الشهر الفضيل، من كل سنة، نلحظ ما تعلمناه من مشايخنا ونحن شباب، من تأقلم سريع مثمر مع أيام الصوم مهما كان طقس الفصول، إذ بعد مرور أيام قليلة من شهر رمضان المبارك نتأقلم مادة و روحا، إذ يتبين لنا أننا نستطيع أن نصوم الاثنين والخميس! كما يتبين لنا أننا نستطيع أن نستيقظ قبل آذان الفجر بنصف ساعة! ويتبين أننا نستطيع أن نجد الوقت لقراءة أجزاء من القرآن !! ويتبين لنا أننا نستطيع أن تمضي أيامنا دون موسيقى ودون انترنت و لا مشاهدة أفلام ودون قيل وقال !! كما يتبين لنا أيضا أننا نستطيع أن نصلي 12 ركعة نافلة كل يوم، ونصلي التراويح بعد العشاء وهكذا.. بمجيء رمضان نتعلم كل هذه الدروس ونشحن بإيجابية ضد سلبياتنا الذاتية من شاكلة "أننا لا نستطيع" وقد يكون بعضنا مشغول بمبررات واهية وهمية أدناها "لا وقت لنا لكيت و كيت"...

رمضان وقت السلم غير رمضان وقت الحرب : همسة غزاوية

هذا في وقت السلم أما في وقت الحرب فالأمر غير ذلك، فهو أصعب بكثير، حيث يجد الجد، وفور الخطبة أقترب مني أحد الاشقاء من أرض الوغى من فلسطين، وقال لي هذه الحقائق، التي ذكرتها في خطبتيك، يعيشها أهلنا و أقربائي يوميا في غزة وهم صائمون بطريقتهم، وقرأ لي هذه القطوف التي وصلته لتوها من شقيقه عبر الهاتف، بعنوان : همسة غزاوية، يقول هذا الأخ من أهل غزة وقد نزح ثلاثة مرات داخل القطاع، " بالرغم من مرارة الحرب إلا أن هناك أشياء أدركناها ولم نكن قبل نعطيها الكثير من الاهتمام، و منها:

1- تعلمنا كيف نتوضأ ونغتسل بكمية المياه التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعملها، 2- تعلمنا أحكام التيمم و طبقناها، 3- تعلمنا أن لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع، 4- تعلمنا الأذكار والأدعية المأثورة في حالة الخوف والجزع والكرب، 5- تعلمنا أحكام قصر الصلاة في حالة الخوف وصلاة الخوف، 6- تعلمنا كيف نضع الحجر والحجرين على البطن ليذهب الجوع، 7- أدركنا قول النبي صلى الله عليه وسلم عن وطنه مكة أنها أحب البلاد إلى قلبه و لولا أنه اضطر للخروج منها ما خرج، 8- أدركنا لماذا المهاجرين نالوا هذه المكانة و لماذا

الأنصار نالوا هذا الشرف، 9- أدركنا "نعمة" الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف، 10- و أخيراً تعلمنا أن الله وحده المستعان وعليه التكلان!!"، ثم أختتم كلامه متأسفا، على حد قول الغزاوي المتداول في وسائل التواصل الاجتماعي، هذه الأيام قوله:"لقد كسرتنا الدنيا كسراً يليق بها، وخذلنا الناس خذلاناً يليق بهم، ولكن الله سيجبرنا جبراً يليق به." مبتهلا بقوله : اللهم لنا اخوه في الانفاق، خذلهم أهل النــفاق والشــقاق.. فاجعل يا رب على أيديهم نصرا يملأ الآفاق، وما علينا إلا الإنفاق و الدعاء لمقسم الأرزاق ..اللهم امين."

 

اللهم بردا وسلاما على أهلنا في غزة وفلسطين ..

هذا حال أهلنا في غزة في هذا الشهر الفضيل، فاللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا و قلوبهم على دينك، اللهم بردا وسلاما على أهلنا في غزة وفلسطين، اللهم بصر شعوب المسلمين بتقصيرهم في حق بيت المقدس و اهل بيت المقدس، اللهم شتت شمل أعداء دينك، من اليهود الصهاينة ومن شايعهم من عرب و عجم، وفرّق اللهم جمعهم وأجعل تدبيرهم في تدميرهم وخرّب بنيانهم وبدّل أحوالهم وقرّب آجالهم وأقطع أعمارهم وأشغلهم بأبدانهم وخذهم أخذ عزيز مقتدر.

اللهم يا ولي النعم ويا ملاذنا في كربتنا.. اجعل ما نحذره ونخافه برداً وسلاماً كما جعلت النار برداً وسلاماً على سيدنا ابراهيم. اللهم يا منزل الكتاب ويا مجريَ السحاب ويا هازم الأحزاب، أهزمهم وانصرنا عليهم يا الله. اللهم احصهم عددا واقتلهم بددا ولا تغادر منهم أحداً يا الله.

اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم يا رب الأرباب و يا مهيّئ الأسباب هيّء لنا من أمرنا رشداً يا الله، يا قهار يا جبار يا حي يا قيوم، أنت ربنا و رب المستضعفين الى من تكلنا إلى بعيد يتجهمنا، أم إلى عدو ملكته امرنا، إن لم يكن بك غضب علينا فلا نبالي. غير ان عافيتك هي أوسع لنا. نعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن يحل علينا غضبك، أو ينزل بنا سخطك، لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة الا بك !!.

5-مشروع توزيع المال:

توزيع مبالغ نقدية ( زكاة مال ) على الأسر النازحة في مراكز الإيواء، وعلى أهلنا في قطاع غزة  بتبرع كريم من السيدة وفاء وابتسام ..، كما تم تنفيذ مشروع توزيع الحليب في شمال غزة بتبرع كريم من مجموعة المتسابقون للخيرات، الخ ....

مع مرور أيام شهر رمضان نتعلم و نتأقلم للنجز، تلك سنة الله:

و انا أخطب الجمعة قبل الماضية محرضا للتبرع  لفلسطين شارحا لشبابنا خاصة فضائل رمضان علينا في "سلسلة أهلا رمضان" مبينا لهم أنه، مع مرور أيام الشهر الفضيل، من كل سنة، نلحظ ما تعلمناه من مشايخنا ونحن شباب، من تأقلم سريع مثمر مع أيام الصوم مهما كان طقس الفصول، إذ بعد مرور أيام قليلة من شهر رمضان المبارك نتأقلم مادة و روحا، إذ يتبين لنا أننا نستطيع أن نصوم الاثنين والخميس! كما يتبين لنا أننا نستطيع أن نستيقظ قبل آذان الفجر بنصف ساعة! ويتبين أننا نستطيع أن نجد الوقت لقراءة أجزاء من القرآن !! ويتبين لنا أننا نستطيع أن تمضي أيامنا دون موسيقى ودون انترنت و لا مشاهدة أفلام ودون قيل وقال !! كما يتبين لنا أيضا أننا نستطيع أن نصلي 12 ركعة نافلة كل يوم، ونصلي التراويح بعد العشاء وهكذا.. بمجيء رمضان نتعلم كل هذه الدروس ونشحن بإيجابية ضد سلبياتنا الذاتية من شاكلة "أننا لا نستطيع" وقد يكون بعضنا مشغول بمبررات واهية وهمية أدناها "لا وقت لنا لكيت و كيت"...

رمضان وقت السلم غير رمضان وقت الحرب : همسة غزاوية

هذا في وقت السلم أما في وقت الحرب فالأمر غير ذلك، فهو أصعب بكثير، حيث يجد الجد، وفور الخطبة أقترب مني أحد الاشقاء من أرض الوغى من فلسطين، وقال لي هذه الحقائق، التي ذكرتها في خطبتيك، يعيشها أهلنا و أقربائي يوميا في غزة وهم صائمون بطريقتهم، وقرأ لي هذه القطوف التي وصلته لتوها من شقيقه عبر الهاتف، بعنوان : همسة غزاوية، يقول هذا الأخ من أهل غزة وقد نزح ثلاثة مرات داخل القطاع، " بالرغم من مرارة الحرب إلا أن هناك أشياء أدركناها ولم نكن قبل نعطيها الكثير من الاهتمام، و منها:

1- تعلمنا كيف نتوضأ ونغتسل بكمية المياه التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعملها، 2- تعلمنا أحكام التيمم و طبقناها، 3- تعلمنا أن لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع، 4- تعلمنا الأذكار والأدعية المأثورة في حالة الخوف والجزع والكرب، 5- تعلمنا أحكام قصر الصلاة في حالة الخوف وصلاة الخوف، 6- تعلمنا كيف نضع الحجر والحجرين على البطن ليذهب الجوع، 7- أدركنا قول النبي صلى الله عليه وسلم عن وطنه مكة أنها أحب البلاد إلى قلبه و لولا أنه اضطر للخروج منها ما خرج، 8- أدركنا لماذا المهاجرين نالوا هذه المكانة و لماذا

الأنصار نالوا هذا الشرف، 9- أدركنا "نعمة" الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف، 10- و أخيراً تعلمنا أن الله وحده المستعان وعليه التكلان!!"، ثم أختتم كلامه متأسفا، على حد قول الغزاوي المتداول في وسائل التواصل الاجتماعي، هذه الأيام قوله:"لقد كسرتنا الدنيا كسراً يليق بها، وخذلنا الناس خذلاناً يليق بهم، ولكن الله سيجبرنا جبراً يليق به." مبتهلا بقوله : اللهم لنا اخوه في الانفاق، خذلهم أهل النــفاق والشــقاق.. فاجعل يا رب على أيديهم نصرا يملأ الآفاق، وما علينا إلا الإنفاق و الدعاء لمقسم الأرزاق ..اللهم امين."

 

اللهم بردا وسلاما على أهلنا في غزة وفلسطين ..

هذا حال أهلنا في غزة في هذا الشهر الفضيل، فاللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا و قلوبهم على دينك، اللهم بردا وسلاما على أهلنا في غزة وفلسطين، اللهم بصر شعوب المسلمين بتقصيرهم في حق بيت المقدس و اهل بيت المقدس، اللهم شتت شمل أعداء دينك، من اليهود الصهاينة ومن شايعهم من عرب و عجم، وفرّق اللهم جمعهم وأجعل تدبيرهم في تدميرهم وخرّب بنيانهم وبدّل أحوالهم وقرّب آجالهم وأقطع أعمارهم وأشغلهم بأبدانهم وخذهم أخذ عزيز مقتدر.

اللهم يا ولي النعم ويا ملاذنا في كربتنا.. اجعل ما نحذره ونخافه برداً وسلاماً كما جعلت النار برداً وسلاماً على سيدنا ابراهيم. اللهم يا منزل الكتاب ويا مجريَ السحاب ويا هازم الأحزاب، أهزمهم وانصرنا عليهم يا الله. اللهم احصهم عددا واقتلهم بددا ولا تغادر منهم أحداً يا الله.

اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم يا رب الأرباب و يا مهيّئ الأسباب هيّء لنا من أمرنا رشداً يا الله، يا قهار يا جبار يا حي يا قيوم، أنت ربنا و رب المستضعفين الى من تكلنا إلى بعيد يتجهمنا، أم إلى عدو ملكته امرنا، إن لم يكن بك غضب علينا فلا نبالي. غير ان عافيتك هي أوسع لنا. نعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن يحل علينا غضبك، أو ينزل بنا سخطك، لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة الا بك !!.

 

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services