425

0

وقفة محاسبة

بقلم : الأستاذ سيد علي دعاس

إخواني الصائمين، أخواتي الصائمات.... لقد مر من رمضان ثلثهُ وَزِيادَة، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَقُلْ مِنَ الثلثين.... ولما كانت المُحاسَبَةُ مِن أصول السير والوصول إلى الله سبحانه وتعالى قال: " يَا أَيُّهَا الذينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله والنظر نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَذِ واتقوا الله إن الله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ". وقال : "الكيس مَنْ دَانَ نَفْسَهُ، وَعَمِلَ لِما بَعْدَ الموت والْعَاجِرُ مَن أتبع نفسه هواها، وتمنى عَلَى اللهِ الأماني". فالموفق الراغب في أسباب النجاة هو الكيس الحازم الذي يحاسب نفسه ويجاهدها، حتى لا تقدم إلا على ما يرضي الله وأما العاجز فهو المتساهل الذي تغلبه نفسه ويغلبه هواه.

وجاء في الأثر المشهور عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قوله: "حاسبوا أَنفُسَكُم قبل أن تُحَاسَبُوا، وَزِنُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أن توزنُوا، فَإِنَّهُ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ فِي الحِسَابِ غَدًا، أَنْ تَحَاسِبُوا أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ، وَتَزَيَّنُوا الْعَرْضِ الأَكْبَرِ، يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَة ".

أخي الصائم... أختي الصائمة .... إليكما هذه الأسئلة الذي أريد منكما أن تكونا صريحين وصادقين مع نفسيكُمَا فِي الإِجَابَةِ عَلَيْهَا:

ماذا استفدت من صيامك وقيامك ؟

وَهَلْ تَحقق فيك مَقْصُودُ الله - تعالى - من فرض الصيام؟

وهل تحقق لك مقصدك من شهر رمضان؟

هل قويت إرادتك بالصوم، فتركت معاص كُنتَ تَقْتَرِفُهَا، مِنْ شُرَبٍ دخان، أو نَظَرَاتٍ مُحرفة، أو شيءٍ مِمَّا حَرَّمَ الله، أَو حَدِيث فِيمَا يغضب الرب، أو غَيْرَ ذَلِكَ فِيمَا يُعَدُّ خَلَا فِي الخُلُقِ وَالدِّين؟

 هل تحسنت في أخلاقك بالصوم وتهذبت به ألفاظك؟

هل اشتم قلبك ريح الجنة ونسيمها، أم أنه مازال مركوها ببرد

المعاصي وطبقات الرانِ عَلَيْهِ؟ 

فمن وجد أنه لا يزال عَلى خَيْرٍ، وَلَا يَزالُ مُحافِظا على الواجبات مسابقا في الخيرات، وبعيدًا عن المحرمات، عليه أن يحمد الله.

 لقد ذكر الرسول ﷺ أناسًا صَائِمِينَ لَكِن لَيْسَ لَهُمْ مِنْ صِيَامِهِمْ إلا الجوع والعطش، وذكر أناسًا قَائِمِينَ لَكِنْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ قِيامِهِمْ إِلَّا طول الشهر، ذلك لأنهم لم يَعْرِفُوا مِنْ رَمَضَانَ إِلَّا تَرك الطعام والشراب.

أيها الأحِبَّةُ! أَيُّهَا القُراء الأكارم! إن رمضان أخذ في النقص، فزيدوا أنتُمْ مِنَ العَمَلِ... فَكَأَنَّكُمْ بِه قد انصرف، لأنه اذن بالوداع، وَمَا بَقِي مِنْهُ سَيَمْرُ كَطَرَفَةِ عَيْنِ أَو ومضة بزق أو كلمح البصر أو هو أقرب. 

إن أيام شهركم تتقلص، ولياليه تنقضي، وساعاته الطيبة المباركة تتسارع في الرحيل... شاهدة بما عملتم ....

ثبت عن النبي - صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا رَوَى عَنِ الله - تَبَارَكَ وتعالى - أنه قال: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا، فَلا تظالموا.

يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ.

يا عِبَادِي كَلَّكُمْ جَائِعٌ ، إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ، فَاسْتَطْعِمُونِي أَطْعِمَكُمْ.

يا عِبَادِي كَلَّكُمْ عَارِ، إِلَّا من كسوته، فاستكسوني أكسكم.

يا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرَ لَكُم.

يا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَن تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَصُرُونِي، وَلَن تَبْلُغُوا نَفْعِي فتنفعوني.

يا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوْلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، كَانُوا عَلَى أَتْقَى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا. 

يا عِبَادِي لَوْ أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم، كانُوا عَلَى أَفجَر قلب رَجُلٍ وَاحِدٍ، ما نقص ذلك من ملكي شيئًا. 

يا عِبَادِي لَوْ أَنْ أَوْلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي، فَأَعْطَيْتُ كُلِّ إنسَانٍ مَسْأَلَتَهُ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي، إِلَّا كَمَا يَنقُصُ المحيط إِذا أُدْخِلَ الآخر.

يا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أحصيها لكُمْ، ثُمَّ أَوْفُيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ

وَجَدَ خَيْرًا، فَلْيَحْمد الله وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ، فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَه".

واللهُمْ أَلْزِمنا هَدَي نَبِيِّنَا، وَبَلْعُنَا مِمَّا يُرْضِيكَ آهَا لَنَا، وَاخْتِمَ بالباقيات الصَّالِحَاتِ أَعْمَالنا.

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services